لم يلعب كرة قدم بشكل احترافي. بوبي روبسون اكتشف فيه موهبة التدريب مبكرا ليعمل في بورتو ثم تشيلسي ثم إنتر ميلان. قارئ جيد للخصوم وقاد فرقا صغيرة لإنجازات كبيرة وكسر أرقاما قياسية عديدة وهو في سن يافعة.. ولا، ليس جوزيه مورينيو هو من نتحدث عنه. كلما ينجح لاعب فرنسي ذو أصول عربية في مراوغة خلال مباراة حتى لو حدث ذلك في مسابقة درجة ثانية، يحصل بالتبعية على لقب زيدان الجديد إلى أن يثبت العكس. والأمر نفسه يتكرر مع كل مدرب برتغالي شاب، يفوز في مباراة ليجد لقبه مورينيو الجديد.. لكني أملك من الإمارات سبع، لإثبات أن أندريه فيلاس-بواس مدير فني في طريقه ليكون ال"استثنائي الجديد". فيلاس بواس هو المدير الفني الحالي لبورتو، والذي قاد فريقه إلى ثنائية رائعة بجمع الدوري المحلي مع الدوري الأوروبي. إنه أصغر مدير فني يفوز بلقب أوروبي، بالنظر إلى أن فيلاس بواس في عامه ال33 فقط، ونال إشادة غير عادية بعد عمله "الاستثنائي" بورتو. فبورتو فاز بالدوري البرتغالي بعدما لعب 30 مباراة من دون خسارة، وحقق ثلاث تعادلات فقط بمعنى أنه أهدر ست نقاط فقط طوال موسم، ليتصدر بفارق 19 نقطة عن أقرب ملاحقيه. هذه الأرقام المحلية، ودمجها بالتتويج الأوروبي تؤكد أن نجاح فيلاس بواس لم يتحقق بضربة حظ، وأنه يستحق عن جدارة لقب "مورينيو الجديد". وهذا اللقب لم يأت بسبب انتصاراته فقط، لأنه من الظلم لفيلاس بواس اعتباره "جوزيه جديد" بسبب إنجاز أو اثنين، إذ ربما يكون أفضل من مورينيو مستقبلا. لكن لقب "مورينيو الجديد" التصق به، لأن فيلاس بواس يسير على طريق مواطنه الاستثنائي بشكل ملحوظ للغاية، وربما غريب أو مثير للدهشة كذلك. سبعة أدلة تؤكد أن فيلاس بواس هو مورينيو جديد، يقدمها FilGoal.com لزواره في النقاط التالية. ليس لاعبا لم يلعب فيلاس بواس كرة بشكل احترافي، واكتفى بالتنقل بين أندية مختلفة في قطاعات الشباب حتى أيقن أنه غير مؤهل للنجاح في هذه الجزئية من كرة القدم، فكف عن المحاولة مبكرا. إنه ينتمي إذن لفئة من المدربين لم تلعب بشكل احترافي يتصدرها مورينيو، ومعه اسطورة التدريب الإيطالي أريجو ساكي الذي أحدث نقلة نوعية في خطط أندية الكالتشيو. كذلك البروفسور الفرنسي أرسين فينجر والإسباني رافايل بينيتث لم يحققا الكثير كلاعبين، ولم يكونا من نجوم الصف الأول قط قبل أن يحصدا إنجازات عديدة كمديرين فنيين بعد ذلك. لم يهدر فيلاس بواس وقته كثيرا، وبدأ التدريب في سن مبكرة جدا إذ حصل على وظيفته الأولى في كرة القدم وهو ال16 ربيعا، وعمل مدربا وهو في ال22 من عمره. اكتشاف روبسون مورينيو هو اكتشاف اسطورة إنجلترا بوبي روبسون، إذ أن المدرب البريطاني استعان بالبرتغالي في بورتو للقيام بأعمال ترجمة، ثم اكتشف موهبته واتخذه مساعدا في أندية عديدة. ومن الأشياء القدرية أن فيلاس بواس أيضا اكتشاف روبسون، والأكثر إثارة أن أيضا هذا الاكتشاف جاء بصدفة بحتة تماما مثلما حدث مع مورينيو الذي تحول من مترجم لاستثنائي. كان فيلاس بواس يقطن في المنطقة نفسها التي يسكن فيها روبسون حين عمل الأخير في بورتو. وفي إحدى المرات أرسل فيلاس بواس إلى روبسون خطابا يسأله لماذا لا يستخدم دومينيجوز بلاسيوس في خط هجوم بورتو، مدعما رأيه بالكثير من الدلالات الخططية. أعجب روبسون بحماسة الشاب الذي كان في ال16 من عمره وقتها، ورد عليه بطلب مقابلته وحين تحدث معه وجده مبحرا في علوم كرة القدم، ويجيد اللغة الإنجليزية، فتبنى موهبته.
وتولى فيلاس بواس في عهد روبسون "بورتو" مسؤولية متابعة التدريبات، وجعله يسافر إلى اسكتلندا لدراسة الرخصة الدولية للتدريب التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (c). يعقب فيلاس بواس عن تلك الفترة "لم يكن وجودي في دورة اليوفا قانونيا لأني لم أتمم وقتها ال17، لكن علاقات روبسون مهدت لي الطريق حتى حصلت على رخصة التدريب". وتابع "جعلني روبسون كذلك أقضي اسبوعين في كل ناد بالدوري الإنجليزي، قبل أن أعود وأعمل في قطاع الناشئين ببورتو لعام كامل، وأحصل على رخصة (b) من اليوفا". واستطرد "ربما كان مورينيو مثلي الأعلى بحكم عملي معه كثيرا، لكن روبسون صاحب الفضل الأول علي في مجال التدريب". مورينيو كان وقتها أصبح مساعدا لروبسون، وتنقل معه من البرتغال إلى برشلونة. وحين عاد جوزيه مديرا فنيا لبورتو، استغل موهبة فيلاس بواس وعينه مساعدا له. محطة: بورتو.. تشيلسي.. إنتر تنقل فيلاس بواس مع مورينيو في محطات الاستثنائي الثلاث السابقة، عمل معه في بورتو كما قلنا سلفا، ثم رحلا إلى لندن لتدريب تشيلسي، وخرجا متجهان لإيطاليا لقيادة إنتر ميلان. خلال تلك المراحل كان فيلاس بواس عضوا لا يتحدث كثيرا مع الإعلام، إذ ظل مورينيو في صدارة الصورة ومعه دائما رجل من أصحاب البيت الذي كان يحدث فيه التغيير. فحين عمل موريني وفي تشيلسي، لم يكن الإعلام يركز سوى على الرجل الاستثنائي، ومعه كان يظهر ستيف كلارك البريطاني المساعد. وفي إنتر ميلان، كان جيوسيبي باريزي هو الرجل الذي يتحدث معه الإعلام الإيطالي حين يفشل في الوصول لمورينيو، في حين أن فيلاس بواس كان يعمل في صمت. في ماذا كان يعمل فيلاس بواس؟ الإجابة على هذا السؤال تنلقنا إلى نقطة أخرى مشتركة بين هذا الاكتشاف الجديد ومورينيو. مدرسة اعرف خصمك الميزة الرئيسية في مورينيو أنه يجيد التحضير للمباريات، إذ يعد فريقه جيدا ويقرأ أقل التفاصيل عن خصمه للاحتياط لها. يقول فيلاس بواس عن مورينيو "الميزة الأكبر في جوزيه هي مدى اهتمامه المفرط بالتفاصيل الخططية الدقيقة لخصومنا". ويستكمل "مورينيو كان يطلب مني تقارير كثيرة عن الخصوم، كان عملي في البداية دراسة المنافسين وتوقع اللاعب الذي يتصاعد مستواه ويستعد بشكل جيد لمواجهتنا". ويعقب مورينيو على عمل فيلاس بواس "لقد كان عيني التي أرى بها الخصوم، وأذني التي أسمع بها حديث مدرب الفريق المنافس المقبل لنا". فقد كان فيلاس بواس المسؤول في الجهاز الفني لمورينيو عن دراسة الخصوم حين كان الثنائي يعمل في بورتو، وتكرر الأمر في تشيلسي. ومع الوقت رفع مورينيو درجة اعتماده على فيلاس بواس، حتى جاءت اللحظة التي انتظرها هذا الأخير طويلا.. عرض رسمي لقيادة فريق يلعب في الدوري البرتغالي الممتاز. معجزة صغيرة لم يكن فيلاس بواس أول مدير فني لأكاديميكا في 2009-2010 بل جاء في منتصف الموسم، وبعد إقالة روجيريو جونكالفيس الذي لم يحقق فوزا واحدا مع الفريق حتى رحيله.
تسعة انتصارات حققها أكاديميكا تحت قيادة فيلاس بواس لينتقل الفريق من قاع جدول ترتيب الدوري البرتغالي إلى المركز ال11 في نهاية الموسم، ما اعتبره الجميع بمثابة معجزة صغيرة. يصف لويس أوجستينو المدير الرياضي لأكاديميكا تجربة فيلاس بواس قائلا: "كنا نعرف أنها مغامرة قد تؤدي بنا في النهاية إلى الدرجة الثانية". واستدرك "لكن في جلستنا الأولى معه وجدنا أنفسنا نتحدث مع مدرب مرتب الذهن يعرف كيف يستعرض أفكاره التي استحسناها وشعرنا أنها ستقودنا للهدف المنشود". وأكمل "بعد أسبوعين عرفت جيدا أنه مدرب ممتاز، لقد أصاب هدفه في كل ما يتعلق بشوؤن التدريب، من خطط إلى إعداد بدني حتى التعامل النفسي مع لاعبيه وخصومه". حسنا من يعرف السيرة الذاتية لمورينيو قد يبدأ في عدم تصديق مدى الشبه بين فيلاس بواس مع مثله الأعلى. مورينيو كان مساعدا حتى جاءت لحظة واعدة وحصل على عقد عمل في بنفيكا تركه بعد أسابيع ليتولى مسؤولية فريق كان وقتها متذيلا لجدول الدوري البرتغالي وهو أوناي ليريا. ونجح وقتها مورينيو في قيادة ليريا إلى المركز الخامس. وربما كان السبب في أن فيلاس بواس حققي إنجازا أقل من جوزيه سببه أنه تولى مسؤولية أكاديميكا في منتصف الموسم وليس بدايته! محطم أرقام قياسية خمن بورتو مبكرا أن فيلاس بواس يمكن الرهان عليه مثلما حدث مع مورينيو، وبالفعل لم يخسر أصحاب ملعب الدراجاو الرهان. تماما مثلما فعل مورينيو، استهل فيلاس بواس مسيرته مع بورتو بتحقيق ثنائية بدمج اللقب المحلي مع الدوري الأوروبي. وكما قلنا سابقا، فكما كسر مورينيو العديد من الأرقام القياسية فترة توليه بورتو، فإن فيلاس بواس فعل الأمر نفسه بالنظر إلى أنه أصغر مدرب يفوز بدوري أوروبا. (قليل الأدب) حسنا هذا الإثبات الأكبر.. انظروا إلى الجمل المقبلة لتعرفوا أن هذا الشبل من ذاك الأسد: "أتمنى من السيد مدرب بنفيكا أن يهتم بفريقه بدلا من الحديث عن بورتو طوال الموسم". "على مدار أول خمسة أسابيع من الموسم استمر بيريرا في نقد الحكام، ربما في أول مباراة كان لديه الحق في ذلك، لكنه استمر واستمر حتى ظهرت النتيجة، مجاملات لا تنتهي لبنفيكا". "أعتقد أن الفريق الذي يتصدر جدول الدوري البرتغالي سينظر على موقف بنفيكا في نهاية الموسم من مكان مرتفع". في إشارة إلى ثقته في أن بورتو سينهي المسابقة لحسابه بفارق كبير. هذه الجمل خرجت من فم فيلاس بواس، ويبدو أنه تعلمها جيدا في مدرسة مورينيو إذ أن كلاهما لا يتحفظ على كلماته ويستطيع قول أي شيء عن منافسه دون مراعاة تذكر للروح الرياضية. لكن برغم كل أوجه الشبه التي تجمع فيلاس بواس بمورينيو، لا يبدو المدرب الشاب ذو ال33 عاما راغب في المقارنة. فيلاس بواس صرح " مورينيو كان مهما جدا لي، لكني لست استنساخا لأحد، أنا مدرب راغب في ترك بصمته على كرة القدم". ربما يقول فيلاس بواس قريبا أنه "رجل استثنائي" كذلك.