إنتهت أحداث ثورة الغضب التي عرفت ب " ثورة اللوتس " بعد ثمانية عشر يوما إمتلأ خلالها قلوب كل المصريين بالخوف في بدايتها ، وأغلب المصريين الفرح في نهايتها ، على طريقة الأفلام العربي القديمة التي تنتهي بزواج البطل من البطلة ، في وقت لم يكن أحد يتصور أن تنتهي واحدة من أسوء حقبات التاريخ المصري بهذا الشكل الدراماتيكي وخروج الرئيس مبارك بهذا الشكل . سيظل مشهد اللواء عمر سليمان وهو يلقي كلمة تنحي الرئيس مبارك عن الحكم من المشاهد التاريخية في الذاكرة المصرية ، وسيظل مشهد المتظاهرين في ميدان التحرير وبقية أنحاء البلاد التي شهدت ثورة الغضب في قلوب وعقول وذاكرة المصريين الذين لم يتوقعوا هذا المشهد المؤثر ، حتى أن البعض كان قد فقد الأمل في التغيير وتصوروه بعيد المنال وتعاملوا معه بكثير من الإستهانة ، إلا أن هذا المشهد أكد ان الشعوب عندما تثور لا يقف أمامها جائر مهما كانت قوته وسطوته وجبروته لاشك أن الرياضيين خروجوا كأكبر الخاسرين من الأحداث التي شهدتها مصر على مدار ثمانية عشر يوما ، بعد أن خذل الغالبية العظمى منهم جماهيرهم التي كانت تنتظر منهم أن يساندونهم في هذا المأزق التاريخي ، إلا أن الوسط الرياضي كان بعيدا عن الصورة ولم يكونوا على مستوى الحدث ، بل كانوا في المعسكر المناهض ، أو على الأقل كانوا على الحياد في وقت لا ينفع فيه هذا الحياد السلبي " فعلا بتوع كروة " مقدمو البرامج الرياضية ظهورا في صورة تسيء لهم أمام مشاهديهم ، باللعب على الحبال وهو أمر ليس بجديد عليهم ، وهى الطريقة التي تعودوا عليها على مدار سنوات طويلة ، ولم يكن لهم موقف ثابت ، فمنهم من ظهر قبل تنحي الرئيس مبارك يشيد بالرجل وبحكمته وتاريخه ، وبعد ساعات قليلة إنقلبوا على مواقفهم وركبوا الموجه . خروج ملايين المصريين في الشوراع للإحتفال بإنتهاء حقبة مبارك ، ورفع علم مصر في كافة أنحاء الجمهورية ، أثبت أن كرة القدم ليست صانعة الفرحة الوحيدة في مصر ، بل أن الفرحة الكبرى والحقيقية تكون للبلد وليس لكرة القدم فقط ، وأن خروج الجماهير رافعة أعلام مصر عقب كل إنتصار كروي ، لم يكن سوى أنها المجال الوحيد الذي كان مسموحا فيه الخروج للشارع ، وما دون ذلك غير مسموح به . الأن وبعد إنتهاء الأحداث ، لابد وأن ننهي سريعا حملة التشكيك التي طالت البعض ، ونتركهم للتاريخ لأن الشعب المصري لا يخدع دائما ولا يضحك عليه ، وهو ما ثبت في مظاهرات الغضب ، ونبدأ من الأن في حملة إعادة بناء مصر بعد عودتها لأهلها وناسها بعد فترة إختطاف طالت بعض الوقت ، فصمر تحتاج الأن للبناء بعد أن سارت في طريق الهدم والإستغلال والقمع لسنوات طويلة ، ولابد وأن يعود رجال الشرطة للشارع المصري لأنهم أمان هذا الشعب بعد أن إستوعبوا الدرس الاخير ، وعلى الشعب المصري أن يحتضن رجال الشرطة لأنهم في النهاية أبناء هذا الوطن ، والغالبية العظمى منهم تعرضوا مثلهم مثل بقية خلق الله للقهر . دورس مظاهرات الغضب كثيرة ، ولكن أهم ما فيها أن الشعب المصري أثبت أن رجاله لا تنضب ، في وقت تصور فيه البعض عكس ذلك ، كما أن القوات المسلحة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها حصن الشعب المصري بعد الموقف الرائع الذي ضربه رجال الجيش المصري ، وهو أمر كان مثار تشكيك من البعض أيضا . على العاملين الوسط الرياضي ان يعيدوا النظر مرة أخرى في طريقة عملهم ، وأن يتوقفوا عن عملية الإنتهازية التي كانت تسيطر على الغالبية منهم ، وأن يعملوا للصالح العام ، بعد أن إنتهى فاصل السلب ، ومطلوب من كل من لديه مستندات تدين أي مسؤول سابق أو حالي ، ان يقدمها لنيابة العامة بما يتماشى مع ما تشهده مصر حاليا من ملاحقة الفاسدين على كل المستويات ، بعيدا عن تصفية الحسابات . لابد من إعادة النظر مرة أخرى في مصروفات فرق كرة القدم ، سواء على مستوى أسعار اللاعبين التي وصلت لأرقام مبالغ فيها ولا يتماشى مع الظروف الإقتصادية التي تعيشها مصر ، وأيضا إعادة النظر في موقف فرق الشركات التي تصرف مئات الملايين على لاعبي كرة القدم ، خاصة وأن هذه الأموال هى في النهاية مال عام ، لايجب صرفه على كرة القدم ، لاسيما وأن الشركات ليس من بين مهامها كرة القدم ، فهذا نوعا من الفساد والسفه يجب إيقافه . عميلة القضاء على الفساد ليست سهلة ولن تكون كذلك ، خاصة وأن مصر عاشت سنوات طويلة في ظل هذا الفساد ، الذي كان يعتبر من أساسيات العمل والمنهج المصري ، ولكن لابد وأن نبدأ فيه من الأن ومحاسبة كل المسؤولين الذي أهدروا أموال الشعب لمصالح شخصية ، وهناك ملفات كبيرة وكثيرة في الإتحادات الرياضية مطلوب فتحها والتحقيق فيها . وحمد لله على سلامتك يا مصر .. نورتي أهلك !!