اللعب بدافع الثأر أمام الجزائر سيكون الطريق الأقرب للخروج من المنافسة على اللقب .. إذن كيف نتعامل مع هذه المباراة؟ الإجابة على هذا السؤال لها شقين أولهما نفسي وثانيهما فني، والاثنان مطلوبان من جانب لاعبي منتخب مصر وجهازهم الفني بقيادة حسن شحاتة. أولا الجانب النفسي : - سيكون من الخطأ تماما أن يتعامل اللاعبون مع مباراة بدافع الثأر بل أن سيناريو تصفيات كأس العالم بكل ما يحويه من دراما لن يكون من المفيد تذكره على الإطلاق لأن المشكلة الأساسية عند مواجهة منتخبات شمال إفريقيا هي العصبية واستفزازات المنافسين ولابد أن تذكر هذه الملف سيؤدي إلى ضغط نفسي على لاعبينا هم في أشد الحاجة للابتعاد عنه. كما يجب أن يتعامل الجمهور المصري بنضج مع المواجهة وأن ينقل المسئولون المصريون في أنجولا فكرة مهمة للغاية وهي أن الخسارة في كرة القدم ليست أمرا مهينا وفي حال خسارة مصر -لا قدر الله- فهي ليست خسارة للوطن وليست إهانة لكرامة البلد لأنه ببساطة مصر أو أي دولة في العالم أكبر من مباراة كرة قدم يحدد نتيجتها 22 لاعبا خلال 90 دقيقة. هذه الفكرة من المهم جدا أن تسكن وجدان لاعبينا لأن الفريق الجزائري سيدخل هذه المواجهة وفي صفه أفضلية التفوق في سباق كأس العالم وبالتالي يرغب في تأكيد تفوقه وكل الدوافع المعنوية الإيجابية بما فيها الوصول إلى المونديال أو التغلب على كوت ديفوار في صفه لكن في المقابل بالنسبة للاعبينا لا نريد أن يتغلب الخوف من الخسارة مجددا أمام الجزائر على دافع الوصول في النهائي لديهم. ولكن هل يعني عدم التفكير في مواجهات تصفيات كأس العالم ألا نتعامل بجدية مع اللقاء المقبل؟ .. بالطبع لا لأن المطلوب هو أن نلعب بتحفز. والتحفز أو كما يسمى في التحليلات الأوروبية باللغة الإنجليزية Determination هو عامل يعني أن يدخل اللاعبون اللقاء وهم في أعلى درجات التركيز وعندهم حالة تأهب قصوى للمنافس.
صرخة إيمانا عقب تسجيل الهدف تكشف حجم التحفز بداخله ورغبته في القضاء على عقدة الفراعنة وهذه الحالة هي ما حذرنا منه في المقال السابق قبل مواجهة الكاميرون، فلقاء دور الثمانية الذي أفلت فيه الفراعنة من خسارة في الشوط الثاني كان سيضيع من بين أيدينا نتيجة للتحفز الهائل للاعبي الكاميرون الذين لعبوا بجدية متناهية للمرة الأولى منذ انطلاق البطولة .. والسبب وراء ذلك هو تقديرهم لحجم منافسهم الذي هزمهم مرتين في غانا 2008. وهذا العامل هو الذي جعل لاعبينا يلعبون بأسنانهم وأظافرهم أمام البرازيل وإيطاليا نتيجة تحفزهم الهائل وخوفهم من خسارتين ثقيلتين بينما تعثروا أمام أمريكا بعدما فقدوا هذا الإحساس. وهذا العامل هو الذي كان دائما ما يدفعنا للتساؤل لماذا تلعب معنا فرق الشمال الإفريقي بمنتهى القوة بينما تخسر من فرق في حجم مالاوي ورواندا والجابون .. ومن السهل جدا أن نقول أنهم يكرهوننا لكن الإجابة الطبيعية هي أنهم يحترموننا جدا ويستعدون لمواجهتنا بشكل خاص لأن الفوز على مصر في أي وقت و أي حالة هو مكسب معنوي كبير. وللأسف الشديد بعد مشكلة أم درمان انشغلنا في الصراخ وصب غضبنا عليهم دون أن نسأل أنفسنا ما هي دروس المواجهات السابقة؟ ولذلك يجب أن يتحلى لاعبونا بنفس الروح ويضعون في حسبانهم أن منافسهم لن ينتظر حتى يسجلوا في شباكه أولا وأن تسجيل هدف في شباك مصر يرفع روحهم المعنوية لأقصى حد وهي تجربة عشناها في التحول الهائل في مستواهم عندما لعوبا ضدنا في على أرضهم في الخسارة بنتيجة 3-1 عندما كانت مصر الأخطر وما أن جاء الهدف الجزائري الأول حتى سيطر لاعبوه على مقاليد الأمور. كما يجب أن نتوقع الأسوأ سلوكيا من لاعبي الجزائر فالتمثيل وإضاعة الوقت والضرب بدون كرة هي أمراض نعرفها جيدا ولا يجب أن تفلت أعصابنا بل أن الذكاء هو ألا نثير أعصاب حكم المباراة كما فعلنا مع جيروم دامون الذي فوجيء بجميع لاعبي مصر يركضون نحوه في كل كرة فأنذر أكثر من لاعب ليس للخشونة لكن ليفرض سيطرته على الموقف. هذه المسائل النفسية يجب ألا تغيب عن أذهان لاعبينا مهما حدث لأنها ستكون سر الفوز بإذن الله. ثانيا الجانب الفني :
توقعوا الأسوأ منهم .. وباغتوهم بهدف بدلا من شكوى إضاعتهم للوقت كل مرة وبالانتقال إلى الشق الفني لا داعي أن تنسينا نتيجة مباراة الكاميرون سوء حالة الفراعنة خلال اللقاء والتي يتحمل مسئوليتها الجهاز الفني بشكل كبير ثم اللاعبين خصوصا أن مباريات البطولة كشفت عن تصاعد في مستوى منتخب الجزائر من لقاء لآخر وهي سمة تميز فرق البطولات .. فقارنوا بين أدائهم أمام مالاوي ثم مالي ثم أنجولا حتى كوت ديفوار. .فمنذ بداية البطولة يفضل شحاتة اللعب بثلاثي وسط مكون من أحمد حسن نجم البطولة وحسني عبد ربه وأحد خيارين هما أحمد فتحي أو حسام غالي، وللأسف فخط الوسط عند فقدان مصر للكرة يتراجع خلف دائرة منتصف الملعب ليسمح بالمنافس بدخول مناطقنا حتى العمق دون أي رقابة فردية. والأدهى أن مستوى عبد ربه شديد السوء ولا يستحق الدخول في التشكيلة الأساسية بمستواه الذي ظهر به أمام الكاميرون. أما الخطير فهو غياب الوصل بين لاعبي الوسط والمهاجمين وهو الدور الذي كان يقوم به محمد أبو تريكة ويقوم به أحمد حسن أحيانا فتظهر الخطورة فورا والحل هو إما إبعاد حسني والدفع بغالي وفتحي مع ترك الحرية للصقر لتمويل المهاجمين أو وضع حسن وفتحي في الوسط مع الدفع بشيكابالا أو أحمد عيد عبد الملك لأنه لابد أن يتسم لاعب في الثلث الهجومي لمصر بالابتكار. لا نريد اللعب بطريقة الكرات الطويلة التي دفعنا ثمنها غاليا في أم درمان نريد اللعب بسرعة ومن لمسة واحدة وبرجولة يا شحاتة. المشكلة الأهم في دفاع مصر وهي التعامل مع الكرات الثابتة التي أضرت بنا أمام الجزائر في أم درمان وفي مباراة الجزائر وحتى في لقاء 14 نوفمبر في القاهرة لولا ستر ربنا يجب أن تكون الرقابة بطريقة رجل لرجل وليس برقابة الكرة حتى نشاهدها تسكن المرمى وللأسف لا نستطيع استنساخ وائل جمعة في الدفاع. وأخيرا لا أريد الحديث عن مستوى عماد متعب لأنه لاعب يتواجد في المكان المناسب .. لكن لابد أن يكون هناك حل لاستغلاله الفرص لأن أمام الجزائر لن تكون الفرصة متاحة كما حدث في اللقاءات السابقة وأي هدف مبكر سيكون كفيلا بإنهاء اللقاء ونتمنى أن يكون الفراعنة هم من يسجل هذا الهدف عن طريق متعب أو أي لاعب آخر.