من حق الشعب المصري الفرح بعد الفوز الرائع على الجزائر، ولكن ليس من حقه الإفراط في الفرحة، فنحن لم نتأهل للمونديال، وكل ما حدث فقط أن فرصنا تساوت مع المنافس. فقد كانت الجزائر تتفوق علينا بثلاث نقاط، وبأربعة أهداف، وكان يجب علينا الفوز بفارق ثلاثة أهداف حتى نتخطاها ونتأهل، أو بهدفين لخوض مباراة فاصلة. فقبل لقاء القاهرة كانت نسب تأهل الجزائر للمونديال أكبر وكانت في رأيي الشخصي 65% مقابل 35% فقط للفراعنة، أما الأن فأصبحت النسب متساوية، ولا تتفوق مصر في أي شىء. وقد كنت متشائما وبشدة قبل لقاء القاهرة، وأعتقد أن الجميع رأى كيف أن الفوز والنصر تحقق في الوقت القاتل وبدعاء الجماهير بعدما كنا على وشك الخروج من التصفيات. والمباراة أثبتت أن منتخب الجزائر قوي ولا يستهان به بعدما ظل مهزوما بهدف طوال 95 دقيقة كاملة في ملعب الرعب وسط 80 ألف متفرج وفي ظروف عصبية ونفسية رهيبة. وبالتالي فإن اللقاء المقبل في الخرطوم سيكون أصعب خاصة وأن الجزائر لن تخوض مباراة دفاعية وستلعب بخطة هجومية. كما أن الضغط الجماهيري سيخف عنها حتى رغم اعترافي بأن الشعب السوداني الشقيق سيؤازرنا وأن الجماهير المصرية ستكون ثلاثة أضعاف الجزائرية، ولكن كل ذلك لا يأتي ربع ما رأوه لاعبو الجزائر في مصر من مؤازرة وحماس جماهيري قبل وأثناء مباراة القاهرة. أعلم أيضا أن الناحية المعنوية للاعبينا أفضل من الجزائر لأننا عدنا إلى المنافسة بعدما كنا بعيدين عنها، بينما حدث معهم العكس، ولكن الناحية المعنوية فقط لن تمنحنا بطاقة المونديال. فمن الناحية النفسية، لاعبو مصر يرافقهم فرحة عارمة ورفعوا عن كاهلهم عبء نفسي كبير وهو ما قد يؤثر بالسلب في اللقاء المقبل. ودعوني أذكركم أيضا أن دائما الفرق والمنتخبات المصرية ما تخفق في معظم المباريات التي تأتي بعد انتصار كبير، وأقربها من أمريكا 0-3 في كأس القارات بعد الفوز التاريخي على إيطاليا، كما أن الفرق المصرية وعلى رأسها الأهلي والزمالك كانت دائما ما تخفق في أول مباراة لها في الدوري المحلي بعد تتويجها مباشرة ببطولة إفريقيا للأندية. العبء النفسي أيضا سيكون واقعا على لاعبينا أكثر لأن الحلم أصبح قريبا، وسيكون من الصعب التفريط فيه، بينما لاعبو الجزائر أكثر هدوءا خاصة وأن معظمهم حاليا يتوقع الهزيمة من مصر وتوديع التصفيات بعد الهزيمة بالقاهرة بسيناريو درامي، وبعدما خدمتنا القرعة باللعب في السودان. أما من الناحية البدنية فأعتقد أن الأمور ستكون أصعب على الفراعنة خاصة وأنهم لعبوا لقاء القاهرة بخطة هجومية وبذلوا مجهودا كبيرا وقطعوا عشرات الكيلو مترات، فيما لعبت الجزائر بخطة دفاعية وهي تحتاج لمجهود أقل وجري أقل. وبالنسبة لغياب لوناس جاواوي حارس مرمى الجزائر وخالد لموشيه لاعب الوسط المدافع فأعتقد أنهما لن يؤثرا كثيرا بالسلب على منتخب الجزائر لوجود البديل المناسب لهما. فالحارس البديل فوزي شاوشي ورغم أنه لم يخض سوى مباراتين دوليتين فقط مع الجزائر إلا أنه لعب في صفوف شبيبة القبائل ثلاث سنوات قبل أن ينضم لوفاق سطيف وكلاهما فرق بطولات كبيرة سواء في الجزائر أو على مستوى قارة إفريقيا، وخاض معهما شاوشي مباريات صعبة وحاسمة في كافة البطولات وقاد سطيف لنهائي الكونفيدرالية الإفريقية وبات قريبا من تحقيق كأس البطولة. أما لموشيه فمن المتوقع أن يخلفه حسان يبدا لاعب وسط بورتسموث الإنجليزي وهو لاعب مميز جدا ولا يقل عن لموشيه. خلاصة الكلام أوضحت هذه النقاط ليس زيادة في التشاؤم أو "التنكيد" على الجمهور المصري في عز فرحته، ولكن حتى ننظر إلى الأمور بعقلانة ونقدر حجم الجزائر ونقدر مدى صعوبة المباراة. فإذا فعلنا ذلك سنخوض اللقاء بتركيز ونحقق الفوز بإذن الله، وإذا تصورنا أننا وصلنا فسنلعب باستهتار ونستفيق من الحلم على كابوس - لا قدر الله - هو الأسوأ في تاريخ الكرة المصرية. نقطة أخيرة أخشى ما أخشاه أن تصل المباراة الفاصلة لركلات الترجيح، فأنا شخصيا لن أتحمل ذلك .. ربنا يستر.