أن تمنح سيارتك الجديدة باهظة الثمن إلى سائق تعلم القيادة بالأمس لتوصيل أبنائك إلى المدرسة بسلام لهو خير ألف مرة من قيادتها بواسطة بطل عالم سابق يحفظ الطريق عن ظهر قلب .. خصوصا إذا حمل هذا البطل اسم مانويل جوزيه. بعكس ما قد يتصور البعض من أن رحيل جوزيه سيضعف من قوة الأهلي خصوصا أن ابتعاده عن القلعة الحمراء قد يشمل رحيلا مماثلا من جانب نجليه الروحيين الأنجوليين جيلبرتو وفلافيو .. فمن المؤكد أن بقاء الرجل كان سيحرم الفريق من تطوير نفسه في الوقت المناسب. ولا أدري لماذا ما أن أعلن جوزيه منذ أسابيع عن رحيله في نهاية الموسم المقبل سرعان ما تذكرت تجربة السويدي زفين إريكسون مع منتخب إنجلترا قبل مونديال 2006 حينما أعلن الاتحاد الإنجليزي فسخ تعاقده مع الرجل قبل البطولة ثلاثة أشهر ليحول المدرب إلى مقامر حقيقي بداية من اختيار قائمة اللاعيبن وحتى اختيار تشكيل كل مباراة لأنه تعامل مع مهمته في المونديال بطريقة إما الفوز باللقب أو لاشيء لأخسره، وفي النهاية دفع فريقه ثمن اختيارات مدربه الخاطئة. وأخشى أن جوزيه كان سيقود الأهلي بذات الأسلوب في الموسم المقبل خصوصا مع الخروج من بطولة إفريقيا وعدم وجود بطولة بحجم كأس العالم للأندية، وبالتالي الرجل ليس لديه ما يخسره حتى إن فشل في الفوز بالدوري أو الكأس لأنه هنا أشبه بالسائق الفائز ببطولة العالم سابقا والذي فوجيء بنفسه مكلفا بالقيادة داخل طرق المدينة وبحد أقصى للسرعة لا يتجاوز 60 كلم، ولا أحد كان سيستطيع وقتها محاسبة المدير الفني الذي جلب للأهلي 18 بطولة مختلفة. والأهم من ذلك أن بقاء جوزيه كان سيعني بصورة آلية رحيل مجموعة من لاعبي الفريق من حزب دكة البدلاء الذين لم يحصلوا على فرص المشاركة الكاملة وحتى إن استمر بعضهم فكان هذا سيتم وسط ظروف متوترة.
وعلى مدى السنوات السابقة رجحت العديد من الأراء والكتابات مقولة "لاعبو الأهلي شبعوا بطولات" لكن لا أحد طرح فكرة أن مدربهم الذي جلب كل هذه الانتصارات شبع أيضا بل وفقد متعة التحدي بعد أن حصل على لقب بطل إفريقيا أربعة مرات خلال تسع سنوات وهو عدد مرات يتجاوز انتصارات دول بكل أنديتها. باختصار شبع جوزيه وإنجازاته كانت ستمنع إدارة الأهلي من محاسبته في عامه الأخير مع الفريق، لكن التعاقد مع مدير فني جديد حتى لو كان جوس هيدينك شخصيا – وهذا من خيالي بالطبع – سيدفعه لإثبات جدارته بقيادة الفريق من الموسم الأول. وسيكون المطلوب من إدارة الكرة في الأهلي خلال الأيام المقبلة تنفيذ مهام حرجة أولها اختيار مدير فني بديل بدقة يستطيع قيادة الفريق في مرحلة انتقالية، وثانيها تحديد أعمار افتراضية لنجوم الأهلي الكبار مع توفير بدلاء وفتح الباب أمام قطاع الناشئين لتغذية الفريق الأول تدريجيا. أما الخطأ الوحيد في عملية الانفصال بين جوزيه والأهلي فهو توقيت إعلان رحيل المدير الفني والذي كان من المفترض أن يتم إعلانه كما تقتضي قواعد عالم كرة القدم بعد حسم بطولة الدوري الممتاز خصوصا أن الجانب الأنجولي لم يعلن عن تعاقده مع جوزيه، إلا إذا كان هناك خلاف في وجهات النظر حدث بين المدرب والإدارة مما دفعها لإعلان هذا النبأ قبل 24 ساعة من أهم مباراة للفريق في الدوري المحلي.. ملحوظة مهمة :
لو ودع الأهلي الكونفيدرالية بلاعبي الصف الثاني "خير وبركة" لماذا لا يقيم الكابتن حسن حمدي رئيس النادي الأهلي مؤتمرا صحفيا يعلن فيه أن لاعبي الفريق الدوليين تحت أمر منتخب مصر رغم حق الأهلي في الاحتفاظ بهم وذلك كمساهمة من القلعة الحمراء في مشوار التأهل إلى مونديال 2010 واستكمالا للدور الوطني الكبير الذي لعبه النادي في مسيرة المنتخبات الوطنية منذ إنشائه عام 1907. هذه الخطوة ستمنح الفرصة للاعبي الصف الثاني في الأهلي للمشاركة وإثبات جدارتهم بالاستمرار مع الفريق، أما في حالة توديع البطولة "يبقى خير وبركة" لأنها ستكون الفرصة الأولى للاعبي الأهلي منذ سنوات عدة للحصول على راحة وعدم لعب ستة مباريات ذهاب وإياب في دور الثمانية في حال الوصول إليه. وحتى لقب الكونفيدرالية لا أراه يستحق إجهاد الأهلي في مثل هذه المرحلة الانتقالية خصوصا أن الفريق يتسيد القارة تاريخيا بفارق كبير عن أقرب منافسيه. ملحوظة أخيرة : استبعاد اسم الألماني لوثار ماتيوس من تدريب الأهلي سببه المنطقي الوحيد هو عدم تحقيق الرجل نتائج جيدة مع الفرق التي قام بتدريبها عبر مشواره التدريبي وليس لسابق قيادته لفريق إسرائيلي .. وكفاية بقى مزايدة وسذاجة.