قبل لقاء إسبانيا وإيطاليا في دور الثمانية من يورو 2008، وصف جينارو جاتوزو لاعب وسط إيطاليا لويس أراجونيس مدرب المتادور بأنه "رجل عجوز يتعين عليه أن يكون كاهنا في هذا السن" ... ولكن الكاهن الإسباني يستعد لقيادة فريقه إلى إنجاز تاريخي في نهائي البطولة الأحد المقبل. تصريحات جاتوزو لم تكن من فراغ، وإنما ردا على أحد التصريحات المستفزة من أراجونيس في حق لاعب ميلان. وعلى الرغم من أن كثيرين ينتقدون غلظة أراجنويس مع المنافسين ومع لاعبيه على السواء، فإن وصول إسبانيا إلى النهائي عبر عروض قوية ونتائج مبهرة، أعطى المدرب صاحب ال70 عاما شعبية كبيرة في أوروبا. وتكفي معلومة بسيطة لإدراك حجم الإنجاز الكبير الذي يوشك أراجونيس على تحقيقه لبلاده في حال الفوز على ألمانيا في النهائي: إن أول وآخر لقب كبير حققه الإسبان عن مستوى الفريق الأول حدث فيما كان أراجونيس في ال25 من عمره! فإسبانيا لم تفز بأي بطولة منذ كأس الأمم الأوروبية عام 1964 عقب الفوز على الاتحاد السوفيتي وظلت تكتفي بلعب دور الحصان الأسود طوال هذه الأعوام قبل أن يأتي أراجونيس بطرقه التدريبية العتيقة وأسلوبه الفظ ليغير من هذه الحقيقة. وفيما يظهر مدربون شباب على الساحة العالمية يتميز كل منهم بأسلوب تكتيكي مميز ولمسة يضعها على أداء لاعبيه فتختلف صورتهم مع المنتخب عن الأندية، فإن أراجونيس من مدرسة مغايرة. روح .. نظام .. ومهارات فردية فالجميع يعلم أن طرق اللعب والخطط ومشتقاتها ليست من جوانب القوة لدى لاعب أتلتيكو مدريد السابق والملقب "بالحكيم"، وإنما توظيف المهارات الفردية للاعبيه وتحفيزهم. وقال أراجونيس في حديث مع الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي قبل انطلاق اليورو: "إسبانيا تلعب 4-5-1 .. ولكن إذا قرر لاعبو الوسط الانطلاق إلى الأمام فربما ترانا نلعب 4-1-1-4". ولكن الحديث عن لاعب ارتكاز وحيد وصانع ألعاب وأربعة مهاجمين لم يثر سوى ضحكات قليلة من قبل هؤلاء الذين لا يعرفون الرجل حق المعرفة. وتأكد الجميع من عدم تركيز أراجونيس على الخطط وأساليب اللعب حينما بدأت إسبانيا البطولة بأسلوب 4-4-2 المعتاد بوضع ديفيد بيا وفرناندو توريس في الأمام والتضحية بسيسك فابريجاس. ويرى محللون أن أراجونيس تحلى بشجاعة كبيرة ربما لا يتمتع بها شباب المدربين في التضحية بأحد اللاعبين المميزين – وهو فابريجاس - في سبيل ضمان انسجام أكبر لتحركات الفريق.
راموس وسيسك وربما كان "حشر" فابريجاس في التشكيل الأساسي سيضع إسبانيا في مأزق لاتزال إنجلترا تجاهد للخلاص منه إلى الآن حينما يلعب فرانك لامبارد وستيفن جيرارد معا بسبب عدم قدرة مدربي إنجلترا المتعاقبين على استبعاد أحدهما من التشكيل الأساسي. وأتى أسلوب أراجونيس ثمارها بنقاط كاملة وثماني أهداف في مباريات الدور الأول الثلاث، ثم عرض قوي أمام إيطاليا في ربع النهائي توجته بالفوز بركلات الترجيح قبل أن تسحق روسيا في نصف النهائي بثلاثية. وقال أراجونيس في تصريحات صحفية قبل انطلاق البطولة إن يورو 2008 إن كل ما ينقص لاعبي إسبانيا هو الإيمان بقدرتهم على الفوز "لأن معظم الفرق التي تفوز فعلا يكون هذه الإيمان عنصرا مشتركا بينهم". ويعد قلب الدفاع الإسباني المكون من كارلس بيول وكارلوس مارشينا أكبر الانتقادات التي تواجه أراجونيس بسبب عدم ظهوره بالصلابة المطلوبة، ولكن الصحافة، التي غالبا ما كانت تتخذ موقفا عدائيا من أراجونيس، ساندته في هذا الأمر. يقول كيفن مكارا المحلل الكروي في جريدة "جارديان" البريطانية إن ضعف الدفاع الإسباني في يورو 2008 يأتي متماشيا مع بطولة "لم تقدم مستويات دفاعية عالية، حتى من قبل الإيطاليين الذين يعدون أساتذة الدفاع فطريا". أب غليظ ويتمتع أراجونيس مع لاعبيه الصغار في السن نسبيا بعلاقة أب مع أبناءه، ولكنه نوع من الآباء غليظي القلوب الذين لا يتورعون عن انتقاد صغارهم علانية إذا كان ذلك في مصلحة الأسرة. ويقول محللون إن رغبة أراجونيس في فرض سيطرته الكاملة ونظامه القاسي على المعسكر الإسباني كان سببا أساسيا في استبعاد "مراكز القوى" مثل راؤول جونزاليس الذي أصر على عدم ضمه مهما كانت الظروف. ويرى أراجونيس أن وجود راؤول بما يمثله من ثقل جماهيري وإعلامي سيضر بالخلطة التي أعدها ويستطيع التحكم فيها بشكل كامل حتى مع نجوم الجيل الجديد. وأظهرت فظاظة أراجونيس وجهها القبيح حتى مع سير البطولة في مشاحنات مع توريس والمدافع المتميز سيرجيو راموس ولكن تم تدارك الأمور سريعا، على الرغم من حديث المدرب عن هذه الأمور مع الصحفيين. وقال أراجونيس عن راموس إن علي