لم يدر الشاب المصري عمرو حسن الذي ضل طريقه في العاصمة الإيطالية روما سبب تجاهل المارة له طوال ثلاث ساعات من السؤال عن العنوان الذي يريده حتى تبرع رجل عجوز بمساعدته. ويسترجع حسن ذلك اليوم في النصف الثاني من التسعينات قائلا: "أوضح لي الرجل أن أحدا لن يساعدني طالما أرتدي قميص لاتسيو وأن عليّ خلعه حتى يوافق الناس على التحدث إلي". وحتى العجوز نفسه، رفض إرشاد حسن إلى العنوان الذي يريده بسبب رفضه خلع القميص السماوي المميز للاتسيو. ويقول الشاب الذي يحمل الآن ماجستيرا في الصحافة ويعمل في العاصمة البريطانية لندن إنه لم يكن يعلم حينذاك أن حدة الصراع قد تصل إلى هذا الحد بين مشجعي لاتسيو الأقل عددا واللذين يتركزوا في أحياء راقية على أطراف العاصمة وبين أنصار روما اللذين يسكنون قلب المدينة. ولكن الصراع الذي بدأ بين قطبي العاصمة الإيطالية منذ نحو 77 عاماً يحمل في طياته تفاصيل تكشف الكثير من أسباب هذا التعصب. تناحر سياسي بداية الصراع كانت سياسية بحتة بين مؤيدي لاتسيو من أبناء الطبقتين المتوسطة والراقية الذين ينتمون إلى تيار اليمين وأنصار اليسار من الطبقات الشعبية الذين يشجعون روما. وكان هذا الصراع السياسي نتيجة غير متوقعة للحكومة الإيطالية التي قررت دمج ثلاثة أندية صغيرة في ناد كبير عام 1927 رغبة منها في إنشاء كيان ضخم في كل مدينة إيطالية لتجنب الصراعات والنزاعات الداخلية. إلا أن هذا المخطط لم يكتب له النجاح، بل تزايدت حدة الصراع بين مؤيدي لاتسيو وروما منذ مباراتهما الأولى في الثامن من ديسمبر عام 1929، والتي فاز بها روما بهدف، لينطلق واحد من أشهر منافسات الديربي في العالم. ولايزال روما يحظى بتأييد الطبقة العاملة في العاصمة الإيطالية، والذين يتفاخرون دائما بأن تسعة من كل عشرة مشجعين رومان يؤيدوا ناديهم. وتقول إحصائية صادرة عن معهد "ليكسيبريسو" الإيطالي للإحصاء في 2006 إن لاتسيو يتمتع بمساندة 3.5% من مشجعي الكرة الإيطاليين فيما ترتفع النسبة إلى 6% لغريمه اللدود. ويكيل كل من أفراد الجمهورين عبارات مستفزة ذات خلفيات اجتماعية للمنافسين. ويصف مشجعو لاتسيو منافسيهم بأنهم "مهاجرين" فيما يقول أنصار روما إن مشجعي الفريق الأزرق ليسوا الأبناء الحقيقين لروما ويستخدمون كلمة "لاتسيالي" باعتبارها سبابا.
وعلى الرغم من ذوبان الوجه السياسي للصراع، فإن التعصب آخذ في الازدياد والبروز مع تزايد عدد مشجعي كرة القدم في إيطاليا، ووضحت الكراهية الشديدة بين أنصار الناديين في لافتات الغضب التي تغطي المدرجات في مباراتهما معا. كراهية وشغب وفيما يؤكد الناديان أن الصراع بينهما "رياضي بحت" إلا أن التعصب تجلى في أقبح صوره في مارس 2004 في أعمال الشغب الضخمة التي اندلعت بين الجمهورين وأدت إلى إلغاء المباراة. ورشق الجمهوران بعضهما البعض بالألعاب النارية بعد مرور أربع دقائق فقط من الشوط الثاني بسبب انتشار شائعة عن وفاة أحد مشجعي روما خارج الملعب بعدما دهسته سيارة شرطة. وبعد إلغاء المباراة، اصطدم المشجعون خارج الاستاد الأوليمبي في روما وأحرقوا السيارات واعتدوا على الأمن في أحداث نتج عنها إصابة عشرات واعتقال مثلهم. ويبدو أن كراهية المنافس تغلب حتى على حب الفريق بين الرومان، إذ شهد موسم 1972-1973 خسارة متعمدة من روما أمام يوفنتوس حتى يحصل الأخير على الدوري بدلا من لاتسيو الذي كان الأقرب للقب. ودخلت هذه المباراة في تاريخ الدوري الإيطالي، ليس لمستواها الفني ولكن لأنها أثبتت أن أنصار روما يفضلون الهزيمة على إتاحة الفرصة للاتسيو للفوز لاسيما بعد الاحتفالات التي شهدتها مدرجات روما بعد الخسارة. وتثبت نتائج مباريات الفريقين أنهما يحرصان على تفادي الخسارة أكثر من الحرص على تحقيق الفوز إذ تعادل الفريقان في 55 مباراة من 147 وفاز روما في 53 ولاتسيو في 39. الطريف أن مشجعي روما لم يشعروا بالسعادة التي توقعها بعضهم في المواسم الخمسة التي لعبها لاتسيو في الدرجة الثانية بسبب افتقادهم الغريم اللدود واشتياقهم لمباريات الديربي وفرحة الفوز على الزرق. شاهد أفضل لقطات لاعبي روما أمام لاتسيو /embed