مينو رايولا.. جحيم للأندية وملاك حارس لموكليه

يعشق الجميع فطائر ال"بيتزا" التي تقدمها سلسلة المطاعم التي يديرها بالوراثة عن والده، ولكن أحدا لا يحب التفاوض مع مينا رايولا أحد أبرز وكلاء اللاعبين في العالم.
وُلد في إيطاليا ولكنه انتقل مع والده إلى مدينة هارلم الهولندية حيث افتتحت العائلة أول مطعم لها هناك فكان يجلس في سن ال19 مع والده مساء كل جمعة يعطيه نصائح إدارة وتسويقية حتى جعله مديرا للمطعم.
لعب رايولا كرة القدم في نادي المدينة الهولندية واعتزل عندما قرر رئيس نادي هارلم إعطاءه حينها منصب المدير الرياضي للفريق قبل أن يستقيل بعد عام واحد بسبب غضبه من بقية أعضاء مجلس الإدارة.
لم يترك رايولا مجال كرة القدم فاتجه إلى العمل في التسويق الرياضي، درس الحقوق ولكنه لم يتخرج منها، وهو الذي يتحدث سبع لغات مختلفة منها الإنجليزية التي تعلمها فقط من مشاهدة أفلام ديزني، وظل حتى العام 1996 يعمل في إحدى شركات تسويق اللاعبين عندما قرر الاستقالة وبدء عمله الخاص فكانت صفقة انتقال بافل نيدفيد من سبارتا براج إلى لاتسيو هي أولى خطواته منفردا.
"هناك وكيل أو اثنان في العالم كله لا أطيق التعامل معهم، أحدهم هو مينو رايولا، استحقرته منذ أن قابلته لأول مرة" هكذا كتب عنه أليكس فيرجسون، المدرب الأسطوري لمانشستر يونايتد، في كتابه.
التفاوض مع الإيطالي صاحب ال49 عاما يعتبر جحيما على الأرض حيث سيقوم بعصرك حتى أخر نقطة مال يمكن أن تدفعها لكن في المقابل هو "وكيل وصديق وأخ وعبقري" بالنسبة لموكليه، وذلك على لسان زلاتان إبراهيموفيتش.
لن يبحث فقط عن المال من موكليه في المقام الأول فهو يريد لهم النجاح والراحة والمال سيأتي نتيجة لذلك "لا تبحث عن المال ولكن ابحث عن النجاح وحينها سيركض خلفك المال" هكذا قال رايولا لإبراهيموفيتش في لقائهما الأول سويا عندما كان السلطان السويدي يلعب في أياكس.
يحكي زلاتان عن اللقاء الأول في كتابه، رتب للقاء بينهم البرازيلي ماكسويل صديق زلاتان الوحيد في بدايته مع أياكس وأحد اللاعبين الذين يعمل معه رايولا.
وصل زلاتان إلى مكان المقابلة، مطعم سوشي، مرتديا ملابسه الأنيقة ومستقلا سيارته البورش بينما دخل رايولا بقميص وبنطال جينز إلى المكان وأتجه ناحية المهاجم السويدي "فكرت حينها كيف من المفترض أن يكون هذا الشخص وكيلا". حينها لم يتحدث رايولا. فقط جلس وطلب كمية طعام تكفي لخمسة أشخاص أنهاها كلها قبل أن يبدأ الكلام.
"كريستيان فيري 24 هدف في 27 مباراة وفيليبو إنزاجي 20 هدف في 25 مباراة وهناك دافيد تريزيجيه 20 هدف في 24 مباراة" قبل أن يسكت قليلا ويكمل "زلاتان إبراهيموفيتش 5 أهداف في 25 مباراة هل تعتقد أني يمكنني أن أبيعك بمثل تلك الإحصائية؟".
زلاتان أخبرنا في كتابه أن هذا الاجتماع لم ينته إلا عندما وافق اللاعب على التخلي عن سيارته البورش لصالح رايولا واستبدال ملابسه الغالية بملابس التدريب فقط ووعد بأن يقدم إبراهيموفيتش كل ما لديه في التدريبات والمباريات ويتخلى عن الكسل الذي أصابه في تلك الفترة.
الباقي سيكتب في التاريخ فرايولا نجح في بيع زلاتان ليوفنتوس ثم إنتر وبرشلونة وميلان وباريس سان جيرمان بمجموع 130 مليون جنية إسترليني.
بالعودة إلى فيرجسون، فهناك قصة تروي لقاء بينه وبين رايولا. المدرب الاسكتلندي عرض على الناشئ الفرنسي الصغير بول بوجبا عقدا جديدا مع مانشستر يونايتد، حينها جلس رايولا مع فيرجسون ونظر إلى العقد قائلا "لدي كلب شيواوا في المنزل لن يقبل باللعب بمثل هذا العقد" ليقرر بعدها فيرجسون التخلي مجانا عن بوجبا وعدم التجديد له.
رايولا أخذ بوجبا إلى يوفنتوس ووعده بإعادته يوما ما إلى يونايتد مرة أخرى وهو ما حدث الموسم الماضي عندما ضغط رايولا بكل قوته على إدارة يوفنتوس للسماح للنجم الشاب بالرحيل والموافقة على عرض يونايتد الذي بلغ 89 مليون جنية إسترليني جاعلا منه الأغلى في العالم.
وفى رايولا بوعده للاعبه الشاب وتحصل هو على مكاسب مادية شخصية وصلت إلى 20 مليون جنية إسترليني عمولته من الصفقة.
يمتلك رايولا أكثر من 50 لاعبا يدير لهم مسيرتهم الكروية، لم يحصل منهم على شهرة أكثر من زلاتان إبراهيموفيتش وماريو بالوتيللي. الأول بسبب أهدافه والثاني بسبب مشاكله التي لا تنتهي.
يرى رايولا نفسه مختلفا عن بقية الوكلاء فهو يضع اللاعب وراحته الشخصية أولا بعكس وكلاء آخرين الذين يبحثون عن المال أولا، رايولا يقول ذلك نظرا لأنه يقضي معظم يومه مع لاعبيه يتحدث إليهم ويحاول معهم حل مشاكلهم التي قد تؤثر على مستواهم في الملعب.
رايولا يربط نفسه بعلاقة شخصية مع اللاعب حتى يسهل ذلك عليه العمل وإخراج الأفضل من موكله وهو ما يعود عليه في النهاية بمكاسب مادية ولكنه في النهاية لن يقف أمام اختيار لاعبه ولكنه سيضمن للاعب ولنفسه أكبر مكسب مادي ممكن.
مشكلة جيانلويجي دوناروما مع ميلان الأخيرة نفى عنها رايولا أن تكون بسبب خلافات مادية مع عدم تردد إدارة الفريق الجديدة في تلبية كل طلباتهم المادية ولكن كان لها أبعاد أخرى لم يفصح عنها.
"بالوتيلي يقوم ببعض الأمور الغبية أحيانا ولكنه يعاني من عدم فهم الناس له فهو يعاني من عدم الشعور بالأمان دائما" هكذا قال رايولا سابقا عن كثير المشاكل بالوتيللي.
مسيرة بالوتيللي مع رايولا مثيرة، فالوكيل قام بإنقاذ مسيرة اللاعب في أكثر من مناسبة بعد تركه لإنتر ميلان إلى مانشستر سيتي ثم إعادته إلى ميلان ونقله مرة أخرى إلى إنجلترا وتحديدا ليفربول حيث بدأت مسيرة اللاعب في التلاشي ولم ينجح في العودة مرة أخرى مع فترة إعارة في ميلان.
رايولا رأى أن فرص بالوتيللي نفدت وعندما طلب نيس الفرنسي التعاقد مع اللاعب الصيف الماضي ذهب للجلوس مع رئيس النادي للتفاوض معه.
جيان بير ريفييه رئيس نيس قال "حذرني رايولا من التعاقد مع بالوتيللي وعدد لي الأسباب التي تدفعني لعدم التعاقد معه ولكنه أخبرني في النهاية أن بالوتيللي هو من يمتلك اختيار النادي الذي سيلعب له".
يدافع رايولا عن موكليه في العلن دائما ويهاجم من يريد، هاجم سابقا بيب جوارديولا المدير الفني لسيتي حاليا وبرشلونة سابقا بسبب خلافاته مع إبراهيموفيتش فقال عنه "شخص سخيف ومخادع ولكنه مدرب رائع" ووصف سيب بلاتر رئيس الفيفا السابق بالدكتاتور وميشيل بلايتيني بأنه شخص غير سوي.
نجح رايولا في بيع موكليه بأكثر من 400 مليون جنية إسترليني إجمالا، التفاوض معه يعتبر جحيما للإدارات ولكن الحصول على وكيل مثل رايولا هو حلم لكل لاعب فلا يضمن فقط المكسب المادي ولكنه يضمن ملاكا حارسا يراقبك وصديقا يعيدك إلى الطريق الصحيح إن ظهرت عليك بوادر الخروج عنه.