تستحق بطولة كأس العالم عام 1982 التي أقيمت في اسبانيا أن تصنف كواحدة من أجمل وأقوى البطولات في التاريخ ، إذ كانت مسرحا للعديد من اللحظات التاريخية والأرقام القياسية ، ومشاهد الفرحة والألم ، وقصص بزوغ نجوم فرق ، وانتهاء صلاحية فرق أخرى ، وتفوق أفريقي عربي ملحوظ. قرر الفيفا في اجتماعه قبل بداية كأس العالم عام 1978 زيادة عدد الفرق المشاركة في كأس العالم إلى 24 فريقا بعدما ظل عدد المنتخبات المشاركة ثابتا عند 16 فريقا منذ بطولة عام 1954 في سويسرا .. وكان السبب وراء قرار الفيفا التاريخي هو ارتفاع عدد الدول التي تمارس كرة القدم في العالم خلال عقدي الستينات والسبعينات ، وهو ما كان السير ستانلي روس رئيس الفيفا عام 1970 قد نادى به مرارا. وأقر الفيفا نظاما جديدا للبطولة لا يختلف كثيرا عن سابقه ، إذ تم تقسيم ال24 فريقا إلى ست مجموعات تضم كل واحدة أربعة فرق ، يصعد الأول والثاني من كل مجموعة إلى الدور الثاني الذي يتم فيه تقسيم الفرق إلى أربع مجموعات تضم الواحدة ثلاثة فرق ، ويتأهل بطل كل مجموعة إلى الدور قبل النهائي. وضمت البطولة 13 فريقا من أوروبا ، وفريقين من أفريقيا ، وفريقين من آسيا والأوقيانوسيا ، وفريقين من أمريكا الشمالية والوسطى ، وثلاثة فرق من أمريكا الجنوبية ، بالإضافة إلى اسبانيا صاحبة الضيافة والأرجنتين حاملة اللقب. وشهدت البطولة عودة إنجلترا إلى المشاركة للمرة الأولى منذ عام 1970 ، وخرجت من الدور الثاني دون أن تهزم محققة خمسة تعادلات متتالية ، على الرغم من سيطرة الأندية الإنجليزية آنذاك متمثلة في ليفربول ونوتنجهام فورست على بطولات الأندية الأوروبية ، لكن إصابة كيفن كيجان نجم إنجلترا الأول أثناء البطولة حالت دون نجاحها في التأهل إلى ما أبعد من الدور الثاني. سقوط راقصي التانجو كانت الأرجنتين حاملة اللقب على موعد مع هزيمة مفاجئة في الافتتاح على يد بلجيكا بهدف نظيف أحرزه إرفين فاندنبيرج على استاد كامب نو الشهير في برشلونة ، التي احتشدت جماهيرها من أجل مشاهدة نجمهم الجديد دييجو أرماندو مارادونا الذي كان النادي قد تعاقد معه لتوه في صفقة قياسية عالمية. والطريف أن هدف فاندنبيرج في مرمى الأرجنتين هو الأول الذي يتم إحرازه في مباراة افتتاح كأس العالم منذ مباراة البرازيل والمكسيك في افتتاح بطولة 1962 في شيلي ، والذي انتهى بفوز البرازيليين بهدفين نظيفين. وتأهلت الأرجنتين إلى الدور الثاني بعدما حققت فوزين على المجر 4-1 وعلى السلفادور بهدفين نظيفين ، لتحتل مركز الوصيف خلف بلجيكا صاحبة الصدارة.
زيكو وأوقعت قرعة الدور الثاني الأرجنتين في مجموعة نارية تضم البرازيل وايطاليا ، خسرت أمام الثانية في مباراتها الأولى بهدفين من توقيع ماركو تارديللي وأنطونيو كابريني مقابل هدف لدانييل باساريلا ، قبل أن تواصل السقوط أمام غريمتها اللدودة البرازيل بثلاثة أهداف لزيكو وسيرجينيو وجونيور مقابل هدف لرامون دياز. وأنهت الأرجنتين مباراتيها أمام البرازيل وايطاليا بعشرة لاعبين فقط ، وكانت واقعة اعتداء مارادونا على أحد لاعبي البرازيل عن عمد ، والتي طرد بعدها ، إحدى حالات الإقصاء الشهيرة في تاريخ كأس العالم. وتعرض سيزار مينوتي المدير الفني الشهير لمنتخب الأرجنتين لحملة انتقادات شديدة لاعتماده بشكل أساسي على نجوم بطولة 1978 الذين لم يقدموا أي جديد ، ولم يظهر النجم ماريو كيمبس ، الذي قاد الأرجنتين للفوز بكأس العالم في النسخة السابقة ، أي خطورة على مرمى المنافسين ، فيما كان زميله رامون دياز ضعيف المستوى ، ولم يسجل سوى هدفا واحدا في مرمى البرازيل بعد فوات الأوان. أكبر فوز في تاريخ كأس العالم بجانب الأرجنتين وبلجيكا ، ضمت المجموعة الثالثة فريقي المجر والسلفادور ، ودخلت مباراة الفريقين معا التاريخ بعد أن حقق المجريين أكبر فوز في تاريخ كأس العالم على حساب السلفادور القادمة من أمريكا الوسطى بنتيجة 10-1. وشهد اللقاء التاريخي بين المجر والسلفادور إحراز لازلو كيس لأسرع "هاتريك" في تاريخ كأس العالم ، إذ سجل أهدافه الثلاثة في غضون سبع دقائق فقط. وكان من الممكن أن تكون هزيمة السلفادور بالعشرة أمام المجر عاملا سلبيا لدى البرازيلي جواو هافيلانج رئيس الفيفا آنذاك في تفكيره حول جدوى زيادة عدد فرق كأس العالم إلى 24 فريقا ، لكن هندوراس - المغمورة هي الأخرى - حطمت تلك المخاوف بتحقيقها لتعادل مفاجئ مع اسبانيا صاحبة الضيافة بهدف لكل فريق في الجولة الأولى من مباريات المجموعة الخامسة. شجاعة الصغار لعب منتخب أيرلندا الشمالية المغمور دور