ماركو فيراتي، لاعب الوسط الإيطالي الشاب الذي يمتلك الكثير من القُدرات والرؤية التي تكاد تكون نادرة في العديد من لاعبي وسط الملعب والارتكاز الحاليين. رُبما لم يكن محظوظًا بالتواجد في قائمة "كونتي" لمنتخب إيطاليا في اليورو الأخيرة بسبب الإصابة، ولكن موهبته ومهارته معروفة وواضحة ولا تحتاج للمزيد من الإبراز. "بيرلو الجديد" قد يكون المُسمى المُناسب لهذا اللاعب الشاب في كُرة القدم الإيطالية والأوروبية، ولكن لم لا يكون "فيراتي الأول من نوعه"؟ الرؤية المُناسبة للملعب، التمريرات السليمة، القدرة على المراوغة ومساعدة الفريق على الاستحواذ والتقدُّم لبناء الهجمات، والأهم؛ القدرة على القيام بالواجبات الدفاعية واعتراض هجمات المُنافس واقتطاع الكُرة ومن ثم التقدُّم بها لبناء هجمة جديدة بفاعلية عالية بدلًا من التشتيت دون جدوى. جميعها مواصفات تتواجد بشكل كبير لدى "فيراتي" الذي نشأ في بيسكارا الإيطالية ولعب لناديها في الدرجة الثانية في إيطاليا، قبل أن تلتقطه أعيُن الخبراء في باريس سان جيرمان حين كان في عُمر ال19، وينتقل في صفقة قياسية بلغت قيمتها 12 مليون يورو، من أجل مشروع جديد لنادي العاصمة الفرنسية، تُوج بالنجاح بالفعل محليًا مع غياب التوفيق أوروبيًا. ما يجعل "فيراتي" استثنائيًا في الوقت الحالي من زمن كرة القدم هو أنه يُجيد القيام بالواجبات الدفاعية والهجومية بنفس الكفاءة على الرغم من ندرة تسجيله للأهداف، ولكنه يُساهم في صناعة البعض منها. ذلك بخلاف الكثير من المواهب في وسط الملعب حاليًا في عمره، أو ربما من يفوقونه عُمرًا وخبرة، بالبعض يُجيد الدفاع بشكل كامل دون أن يترك فراغًا للخصم، والبعض الآخر يبرع في الهجوم وصناعة اللعب بشكل مميز تاركًا فراغًا كبيرًا في الشق الدفاعي قد يتم استغلاله، وكما نعلم فإن تفاصيل صغيرة في كرة القدم قد تغيّر مجرى العديد من المُباريات. "فيراتي"، الذي تُقدّر قيمته السوقية حاليًا حوالي 40 مليون يورو، لا يبدو سعيدًا في فرنسا بحسب تصريحات "جيامبيرو فينتورا" المدير الفني للمنتخب الإيطالي مؤخرًا، على الرغم من التأكيدات المُتكررة ل"ناصر الخليفي" رئيس النادي الفرنسي بأن اللاعب ليس للبيع. ولكن إن تمكّنت أحد الأندية في إقناع النادي الباريسي في تركه، فبالتأكيد ستكون أهم صفقات أي موسم إنتقالات، سواء الحالي أو القادم. كما نعلم، قد تكون الكعكة لذيذة، ولكن قطعة الكريز المُناسبة قد تُزيد من جمالها. وقد يكون الشاب الإيطالي هو تلك القطعة الناقصة لعديد من الأندية التي قد ترغب في ضمه. ريال مدريد.. في الأيام الحالية، لا تبدو قُدرات الميرينجي ماديًا خارقة كما كانت من سنوات مضت، ولكن لن يصعب عليهم تدبير 80-90 مليون يورو للحصول على لاعب بجودة "فيراتي". يؤدي البرازيلي "كاسميرو" بشكل جيد دفاعيًا مُمثلًا حائط الصد الذي يعترض هجمات الخصم، ولكنه يترك مهمة الهجوم وصناعة اللاعب والرؤية للأمام لشريكيه في وسط الملعب، "توني كروس" و"لوكا مودريتش". يبدو هذا واضحًا من الأرقام خلال مُقارنة بين مشاركات "كاسميرو" و"فيراتي" في الموسم الماضي. فقد شارك البرازيلي في 23 مباراة في الليجا يتفوق خلالها دفاعيًا ب57 استخلاصًا للكُرة من الخصم مُقابل 24 استخلاصًا للإيطالي في 18 مباراة شارك بها في الدوري الفرنسي. ويظهر تفوق "كاسميرو" كذلك في اعتراض الهجمات ب45 اعتراضًا مُقابل 26 ل "فيراتي"، ويُظهر كاسميرو تفوقًا كبيرًا في الالتحامات الهوائية التي تفوق فيها 43 مرة مُقابل 4 مرات فقط لفيراتي. جودة فيراتي تبدو من خلال التمريرات السليمة، وخاصة للأمام بطول الملعب دون أن يتقدم كثيرًا. 1345 تمريرة ناجحة منها 914 تمريرة سليمة للأمام هو رقم فيراتي، والذي لا يقترب كاسميرو منه بأي شكل من الأشكال. تحسين الأرقام دفاعيًا يتم عن طريق مُدير فني وتوظيف بشكل محدد، وسيكون فيراتي هو القطعة المُناسبة التي تُكمل تشكيلة ريال مدريد. ورُبما يتم توظيفه بشكل أمثل بشراكة مع "كاسميرو" في وسط الملعب دون شريك ثالث، مع تعزيز لاعبي الهجوم والأجنحة عدديًا، خاصةً مع تقدُّم "مودريتش" في العُمر، وإمكانية رحيل "كروس" في أي وقت. وإن قارننا "كروس" ب "فيراتي" فإن أرقامهما الدفاعية تكاد تكون مُتقاربة، بينما يتفوق "كروس" في التمريرات الصحيحة، خاصة الأمامية. ولكن بالتجربة، يبدو فيراتي أفضل دفاعيًا، وتبقى المسألة مسألة توظيف سليم من المُدرب. ما سيضيفه "فيراتي" حقًا للملكي هو الجودة وتنوّع الحلول بالإضافة إلى سنه الصغير مما يتيح إمكانية أن يزيد مستواه مع مرور السنوات. يوفنتوس.. رحل "بول بوجبا" عن السيدة العجوز عائدًا إلى النادي الذي نشأ فيه قبل سنوات "مانشستر يونايتد". ويتحدث "أليجري" المُدير الفني عن مدى قوة فريقه ولاعبيه حاليًا، ولكنه يعلم في داخل نفسه كما نعلم كمُتابعين أن الفريق بأمس الحاجة للاعب وسط ذو جودة عالية. بالنظر إلى المستوى في الملعب، مُستعينين بالأرقام والإحصائيات، نجد أن "فيراتي" هو خير مُعوض لرحيل لاعب الوسط الفرنسي الشاب. فكلاهما بنفس العُمر تقريبًا، وقد يكونا في نفس الخبرة، كما تتقارب أعداد تمريراتهم الصحيحة في الموسم الماضي، حيث مرر بوجبا 1399 تمريرة صحيحة منها 993 تمريرة للأمام خلال 35 مباراة خاضها، وبإمكانك الإطلاع على أرقام اللاعب الإيطالي بالأعلى في مقارنته ب "كاسميرو" و"كروس"، والتي قد تمنح التفوق له نظريًا بما أنه قد خاض ما يُقارب نصف عدد المباريات التي خاضها "بوجبا" في الموسم الماضي. صناعة الفرص والأهداف وتسجيلها تُظهر تفوقًا ل "بوجبا"، وقد يكون ذلك لاختلاف طبيعة اللاعبين هجوميًا. فالفرنسي يميل للزيادة إلى منطقة جزاء الخصم، بينما يبقى الإيطالي متأخرًا بحدود دائرة نصف الملعب لضبط سياق لعب فريقه والتحكم في الهجمة من بدايتها. نوعين مُختلفين من لاعبي "خط الوسط". ورغم اختلاف النوعية، إلا أن السيدة العجوز بحاجة للاعب بجودة فيراتي في وسط الملعب. ونعود من جديد لنقول أن الفكرة بالأساس هي في توظيف جيد من المُدرب للاعبه، و"فيراتي" قد يبدو مرنًا وقد يتكيّف بسهولة على اللعب في الدوري الإيطالي، موطنه بالأساس. إضافة "فيراتي" لليوفي ستكون كبيرة بالفعل. المزيد من التحصين الدفاعي، مع رؤية مميزة للملعب والتمرير المُتقن للأمام في الهجمات المرتدة مع استغلال سرعة ومهارة وتحرُّك "باولو ديبالا". تمامًا كما كان يفعل "أندريا بيرلو" منذ موسمين مُستغلًا "كاروس تيفيز". ثُنائي مُتشابه في الأمام ولكن أقل عُمرًا بكثير. ميلان.. نُكرر، فيراتي سيكون مثاليًا للملاعب الإيطالية. ولكن الظروف تختلف بين يوفنتوس والميلان. اليوفي بطل إيطاليا لسنوات متتالية ويبدو الأكثر استقرارًا من كافة النواحي، وفي ظل حاجته ل "فيراتي"، يبدو الوضع مغريًا. ولكن ميلان قد يكون عامل جذب خلال السنوات القليلة القادمة. مُستثمرين جُدد وعشرات الملايين ستُضخ من أجل الإنتقالات. صحيح أن ميلان حاليًا يُركز على جلب لاعبين جيدين وشباب بأسعار معقولة، ولكن الروزانيري قد يطمح لهز سوق الإنتقالات في إيطاليا لاستعراض عضلات مستثمريه الجُدد بالتعاقُد مع لاعب بقيمة "فيراتي" الفنية مهما كان الثمن. فنيًا، فإن وضعية مركز خط الوسط في الفريق والأسماء المتواجدة لا يُمكن مقارنة إمكاناتها بأي حال من الأحوال بإمكانات لاعب باريس سان جيرمان الحالي. إن إنتقل "فيراتي" إلى ميلان، فسيكون بمثابة حجر الأساس لبناء فريق قوي للغاية. ومهما دُفع من أجله من أموال، فسيكون الاستثمار الصحيح. مانشستر سيتي.. هل تُناسب إمكانيات وأسلوب "فيراتي" اللعب في الأندية الإنجليزية؟ إذا كان ذلك النادي تحت قيادة مُدرب مثل "بيب جوارديولا"، قد يصبح كل شئ مُمكنًا. "بيب" يعتمد حاليًا في خط الوسط مع بداية الموسم الجديد على "فيرناندينيو" كلاعب ارتكاز، بجوار "ديفيد سيلفا" الذي يُعد في الأساس لاعب جناح يميل أحيانًا لصناعة اللاعب، مع غياب الإيفواري "يايا توريه" عن الصورة تمامًا. "سيلفا" يؤدي بشكل جيد حتى الآن بجوار البرازيلي، لكن لاعب مثل فيراتي سيمنح المزيد من الحلول، خاصة إذا أردت أن تلعب بطريقة 4-1-4-1 التي يميل إليها "جوارديولا" كثيرًا. فبإمكان الإيطالي أن يكون خير شريك ل "فيرناندينيو" برؤيته المُميزة للملعب وتوازنه ما بين الدفاع والهجوم وتحكُّمه في مُجريات اللعب من خلال التمريرات السليمة المُتقنة. فإن تواجد، سيكون بمثابة مايسترو حقيقي في تشكيلة السيتي. يبحث "بيب" عن حلول بإستمرار لوسط ملعب السيتي، ولكن بلا شك "فيراتي" سيكون الحل الأمثل. تشيلسي .. مُدرب يعرفه "فيراتي" تمامًا عندما كانا شريكين في منتخب إيطاليا مؤخرًا. إنه "أنطونيو كونتي". كذلك طريقة لعب تُناسب الشاب الإيطالي تمامًا، وسيعلم "كونتي" كيفية توظيفه بالشكل الأمثل. شراكة "فيراتي" مع الفرنسي "نجولو كانتي" قد تكون الأمثل على الإطلاق بالنسبة ل "كونتي". فالمُدرب الإيطالي يعتمد حاليًا بجوار الارتكاز الفرنسي على "سيسك فابريجاس" و"أوسكار". الإسباني يتقدّم في العمر وجودة اللعب التي يقدمها طوال الموسم قد تكون غير مستقرة، وعلى الرغم من البداية الجيدة للبرازيلي "أوسكار" هذا الموسم، إلا أنه عن تجارب سابقة لا يُمكن التنبؤ باستقرار ذلك الأداء. "فيراتي" سيكون الأمثل لنقل الهجمات من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم وضبط "ريتم" اللعب، وسيكون الدينامو "كانتي" خير عون في مسألة الدفاع. وإن تحققت تلك الشراكة، فستكون بمثابة صمام الأمان للبلوز الذي يمتلك خط هجومي قوي، واستراتيجية دفاعية جيدة مع احتمالية التدعيم دفاعيًا بأسماء أفضل.