رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير في الجول - عقدة البرغوث
نشر في في الجول يوم 28 - 06 - 2016

تتسارع دقات قلب ليونيل ميسي مع عزف النشيد الوطني للأرجنتين على ملعب ميتلايف ستيديام قبل انطلاق نهائي كوبا أمريكا (المئوية). كانت تفصله 90 دقيقة كما كان يظن سابقا و120 دقيقة كما تأكد بنفسه لاحقا عن معرفة مصير حلمه بالتتويج بلقب كبير مع المنتخب الأول.
"لا أنت ولا أنا ولا أحد سيضرب أقوى من الحياة. الأمر لا يتعلق بمدى قوة ضربتك، بل مدى شدة الضربات التي تتلقاها وأنت تواصل المضي قدما؛ مدى قدرتك على محاولة تحمل الضربات مع مواصلة المضي قدما. هكذا يُصنع الفوز".
ربما تكون هذه العبارة الشهيرة من فيلم (روكي) للنجم سيلفستر ستالوني ترددت في ذهن ميسي قبل بداية المباراة. مشوار طويل خاضه مع الأرجنتين وفي ظرف عامين قبل تلك المباراة خسر نهائيين مع الأرجنتين: الأول في المونديال والثاني في الكوبا.
"ستكون الثالثة ثابتة. تحملت الضربات ومضيت قدما. هكذا يُصنع الفوز". هذه ليلتي". هكذا فكر ميسي بكل تأكيد حينها قبل أن يطلق الحكم البرازيلي هيبر لوبيش صافرة البداية في النهائي أمام تشيلي.
_ _ _ _
حكاية ميسي مع منتخب بلاده أغرب من الخيال. دائما ما كان يشعر بأن الدماء الأرجنتينية تسري في عروقه بل ورفض اللعب لإسبانيا ولكن مسألة خوضه أول مباراة مع "الألبيسيلستي" لم تكن سهلة بالمرة.
لكي نعرف القصة علينا العودة ل2004 حينما كان ال"بروفيسور" مارسيلو بييلسا يتولى تدريب المنتخب وكان يساعده حينها كلاوديو فيفاس؛ ذلك الرجل الذي لولاه لربما تأخر تمثيل ليو للأرجنتين كثيرا.
كان فيفاس في جولة أوروبية لدراسة الأسماء المرشحة للعب باسم المنتخب. حينها لم يكن ميسي بسبب عمره من ضمن الخيارات، ولكن أحد العاملين في مكتب جوسيب مينجيلا وكيل ليو في تلك الفترة أخبره بشأن "البرغوث" وبأن إسبانيا تسعى لتجنسيه كي يلعب باسمها وسلمه شريطا يحمل بعض اللقطات للاعب.
انبهر كلاوديو بالأمر لذا أخبره "قل لوالد اللاعب أنني سأحاول الخروج بشيء ما من أجله"، ثم اتصل ببيلسا ووصف له ما شاهده، لذا أخبره الأخير بالاتصال بمدرب الأرجنتين تحت 17 عاما هوجو توكالي لتولي الأمر.
فعل كلاوديو ما أخبره به بييلسا وقال لتوكالي "لا تجعلنا نفقد هذه الفرصة". لم يعر الأخير الأمر اهتماما حقيقيا. ظن أن هذه المسألة ربما تتعلق بمكسب تجاري أو مادي خفي ينتظر مساعد ببيلسا.
شعر فيفاس بالاستياء من تجاهل مدرب فريق تحت 17 عاما وأخبر بييلسا الذي اتصل بمسئولي الاتحاد الأرجنتيني للإشراف على الأمر بأنفسهم. أمر خوليو جروندونا توكالي بمشاهدة الشرائط وانبهر كثيرا بهذا اللاعب.
كان الاتفاق بين مسئولي الاتحاد وميسي ووالده واضحا "ليو لن يلعب كأس العالم للأرجنتين تحت 17 عاما في 2003 لأن الفريق أصبح جاهزا بالفعل ولكنه تلقى وعدا باللعب في مونديال هولندا تحت 20 عاما في 2005، ولكن الطريف في الأمر أن أول خطاب استدعاء من قبل الاتحاد للاعب حينما وصل لبرشلونة تضمن خطأ غريب من نوعه. اسم اللاعب كان مكتوبا كالتالي: (ليونيل ميتشي)!".
_ _ _
مرت 21 دقيقة على نهائي الكوبا. يرتكب جاري ميديل خطأ وتصل الكرة لجونزالو هيجواين الذي ينطلق وينفرد بكلاوديو برافو حارس تشيلي. ينظر ميسي لما يحدث وهو يركض. "هذه هي. هذا هو هدف التقدم" .. هكذا ظن ميسي ولكن ال"بيبيتا" يضعها بغرابة شديدة بجوار القائم. أما آن لهذه العقدة أن تنتهي؟ أم أن كل شيء يتعلق بالأرجنتين مع ميسي يجب أن يكون مستحيلا؟
لا يعد كل شيء مستحيلا حينما يتعلق الأمر بميسي مع الأرجنتين، طالما كنا لا نتحدث عن المنتخب الأول؛ فال"برغوث" كان سببا رئيسيا في قيادة فريقه للتأهل لمونديال هولندا 2005 تحت 20 عاما.
حينها سجل ليو، ضمن منافسات بطولة أمريكا الجنوبية بنفس الفئة العمرية، هدف الفوز في البرازيل بالمباراة التي انتهت بهدفين لمثلهما ليحصل "راقصو التانجو" على المركز الثالث وبطاقة التأهل لكأس العالم تحت 20 عاما.
فاز ليو والأرجنتين في النهائي على حساب نيجيريا، بعد مستوى متميز من ميسي الذي يتذكر جيدا "ركلات المصريين" التي تعرض لها في دور المجموعات، كما يقوله زميله السابق في ذلك الفريق جوستافو أوبرمان.
تكمن المشكلة دائما في المنتخب الأول؛ فالعلاقة بين الجانبين بدأت بحالة من النحس الذي لا يمكن تخيله، حيث أن خوسيه بيكرمان أراد أن يكافئ ليو على مستواه في مونديال الشباب 2005 لذا قرر ضمه للفريق الأول في ودية أمام المجر خلال شهر أغسطس.
بعد مرور 64 دقيقة على المباراة دفع بيكرمان بميسي بدلا من ليساندرو لوبيز ولكن ليو لم يكمل سوى 92 ثانية فقط حيث تعرض للطرد من قبل الحكم ماركوس ميرك بسبب تدخل مفترض ضد المدافع المجري فيلموس فانزاك. لم يصدق ميسي الأمر. هو لم يرتكب شيئا. ذهب إلى غرف الملابس وشرع في البكاء. حاول الجميع تشجيع الفتى الصغير في غرف الملابس بعد المباراة ولكن دموعه لم تتوقف.
مرت الشهور وانضم ميسي لقائمة الأرجنتين لمونديال 2006. كان ليو يُنظر إليه من قبل مدربي المنتخب ولاعبيه في تلك الفترة على أنه طفل مجرد طفل عمره 18 عاما، لذا كان عليه أن يدفع ثمن هذا الأمر لأنه كان هناك أسماء لها هيبتها.
يعكس كتاب (ميسي) الذي كتبه الصحفي الإسباني المتميز جييم بالاجيه واقع هذا الأمر في القصة التالية: "لم تكن عناصر القوة في الفريق حينها تتقبل بشكل كبير استدعاء ليو بسبب الإعلان الذي صوره لشركة (أديداس) الذي كان يقدم ليو في صورة رسم كارتوني لفتى ضئيل يلعب مع عمالقة في كرة القدم ولكنه ينجح على الرغم من ضآلة حجمه".
تصدرت صورة ميسي هذه الحملة الدعائية بملصقات في كل المدن العاشقة للكرة، كما أن (أديداس) صممت له حذاء خاص مزين بنجمتين ومثل هذه الأمور لم ترق للبعض "فما كل هذا الضجيج بخصوص هذا الفتي الصغير؟".. هكذا كان يقول لسان حال البعض.
واحدة من ضمن وقائع "الإذلال" التي يذكرها الكتاب وتعرض لها ميسي في المنتخب بذلك المونديال كانت بعد ثمن النهائي أمام المكسيك في نفس يوم عيد مولد ميسي وخوان رومان ريكيلمي الذي يكبره بتسع سنوات. قرر ليو الذهاب لغرفة الأخير حيث كان عدد من لاعبي الفريق يحتفلون بالمناسبة وفتح الباب وإذا بريكيلمي يصرخ في وجهه "أيها الغبي، ألم تسمع بطرق الأبواب؟ عليك أن تتعلم طرق الأبواب، من تظن نفسك بحق الجحيم؟".. خفض ميسي رأسه في صدمة وانسحب.
في المباراة التالية أمام ألمانيا ظهر ميسي جالسا على مقاعد البدلاء وهو يضع سماعات في أذنه بأغلب الأوقات ثم خرجت الأرجنتين بركلات الترجيح في النهاية. دون أن يدفع بيكرمان بليو. لم يبد حينها أن أحدا يبالي به.
شعر ميسي بأن الجميع يبالي به في الدقيقة 28 من نهائي كوبا أمريكا (المئوية) بعد ذلك التدخل الذي قام به مارسيلو دياز به ضده وحصوله على ثاني إنذار له في المباراة وبالتالي بطاقة حمراء. "إنها تقترب". هكذا ظن ليو. المباراة أصبحت 11 ضد 10 وهو السبب في هذا الأمر. العقدة قاربت على الانتهاء أو هكذا كانت تبدو الأمور.
كان صيف 2008 ساخنا بالنسبة لميسي. كان يرغب في المشاركة مع منتخب الأرجنتين الأوليمبي بدورة بكين لتعويض إخفاق خسارة نهائي كوبا أمريكا 2007 أمام البرازيل بثلاثية نظيفة في البطولة التي لم يحظ فيها أبدا بدور المنقذ.
تعنت برشلونة في البداية ولكن بيب جوارديولا كان سببا في حصول اللاعب على الموافقة وسافر لأوليمبياد بكين وتمكن من الفوز بالميدالية الذهبية بل ولعب دورا كبيرا في تحقيق هذا الإنجاز. الأمور كانت تبدو وردية وجميلة. تماما مثل تلك اللحظة التي طرد فيها دياز.
هل كان يجب أن يتعرض ماركوس روخو للطرد في الدقيقة 43 من نهائي النسخة الاحتفالية من الكوبا؟ التدخل ضد أرتورو فيدال كان صعبا ولكن البعض يقول أنه استوجب فقط إنذارا. بالتأكيد من ضمن هناك كان ليو الذي يظل يتحدث مع الحكم عقب قراره.
الآن أصبحت المباراة 10 لاعبين ضد 10 لاعبين. "هذه عودة لنقطة الصفر". ترددت هذه العبارة في ذهن ليو بعد دقائق وهو يتوجه لغرف الملابس في الاستراحة وربما تذكر أيضا دييجو مارادونا. ليست بسبب تصريحاته الأخيرة التي قالها قبل النهائي ولكن بسبب مونديال 2010.
_ _ _ _
تولى مارادونا تدريب المنتخب في خريف 2008 ومنذ بدء مهمته غير من لهجته الحادة بخصوص ميسي وانتقاداته لكثرة مراوغاته و"أنانيته" إلى كلمات إشادة لأن خطته كانت تدور حول جعل الفريق قائما حوله، بل وقرر منحه القميص رقم 10.
لم تسر الأمور كما كان يأمل الطرفان بسبب الأداء السئ أثناء تصفيات المونديال. نال الثنائي نصيبا جما من انتقادات الصحافة المحلية وبالأخص ليو بسبب الفارق الرهيب بين مستواه مع البرسا والأرجنتين، ولكن الأرجنتين تأهلت في النهاية بشق الأنفس ليخرج دييجو في ذلك المؤتمر الصحفي الشهير الذي طلب فيه من الصحفيين "لعق قضيبه" بعدما تمكن في النهاية من الصعود للبطولة.
كان من ضمن انتقادات الصحافة المحلية ما كتبته مجلة (مينوتو أونو) ضد ميسي وقالت فيه "ربما يكون الرد موجودا إذا ما بحثنا في الجانب النفسي والصراعات العاطفية التي يمر بها اللاعب، لقد ترك الأرجنتين وهو صغير للغاية، علم النفس يقترح ربما وجود حالة من الرفض نحو مسقط رأسه، أي طفل يكبر خارج بلاده من الصعب أن يحافظ على صلة الود معها".
شعر ليو بالاستياء الشديد لأنه كان أرجنتينا قبل أي شئ بل ورفض اللعب لإسبانيا التي قدمت كل شئ له من أجل بلاده ولكن دييجو اضطر للسفر لبرشلونة لمواساته والحديث معه وجها لوجه فكما يقول مارادونا "الحديث مع ميسي هاتفيا أصعب من القيام به مع أوباما".
جرى اللقاء في نهاية مارس 2010 وقبل المونديال بشهور قليلة حيث كان دييجو يستمع لميسي ثم أخرج من جيبه ورقة وطلب من ليو رسم الخطة التي يشعر فيها بقدر أكبر من الراحة، رفض "البرغوث" في البداية ولكنه استجاب أمام اصرار مارادونا.
اقترح ميسي وضع مهاجم إضافي أمامه وإنهاء الاعتماد على خطة 4-4-2 الواضحة، حيث طرح إما اللعب ب4-3-1-2 أو 3-4-1-2 : مهاجم إضافي ولكن مع وجود عدد كافي من الأشخاص للدفاع ولاعب متميز في الركض لمسافات طويلة مثل جوناس أو دي ماريا ليصبح أحد محركات اللعب من أعلى لأسفل للتغطية والهجوم...كارلوس تيفيز وجونزالو إيجواين كرأسي حربي على أن يتبادل ميسي المراكز مع الاثنين فيما أن الثلاثة أو أربعة لاعبين الذين يقومون بالحماية عليهم تجهيز الهجمات.
استجاب مارادونا لرغبات ميسي وسارت الأمور بشكل جيد ووصل الفريق لربع النهائي لكن دون أن يهز ميسي الشباك حينما حدثت الفاجعة: خسارة برباعية نظيفة في مباراة لم يقدم فيها شيئا يذكر وظهر تائها بلا هدف داخل الملعب.
لم تتوقف الانتقادات سواء ضد ليو حيث كتبت صحيفة (كلارين الأرجنتينية) "دييجو مارادونا لم يعثر أبدا على فريقه، كل المسئولية وقعت فوق ميسي ولكن ميسي ليس مارادونا.. ميسي هداف في أوروبا ولكنه لم يكن موجودا في جنوب أفريقيا".
ربما لم يكن ميسي موجودا في جنوب أفريقيا أمام ألمانيا ولكنه كان حاضرا بلحيته الكثيفة البنية المائلة للحمرة أمام تشيلي في نهائي مئوية الكوبا. خلال الشوط الثاني تحرك كثيرا. مرارا وتكرارا. كان يطارد ذلك الهدف الذي سيريحه ويزيل ذلك العبء الثقيل الذي يحمله فوق كاحله.
كان هذا العبء كبيرا. خسارة هذا اللقب ستعني الكثير. بل وربما ستكون أسوأ مما حدث في عام 2011 حينما انفتحت أبواب الجحيم ضده في الأرجنتين بشكل لا يمكن تخيله.
_ _ _
تولى سرخيو باتيستا مسئولية قيادة الأرجنتين وقرر محاولة استنساخ منظومة بيب جوارديولا في البرسا وتطبيقها على فريقه من أجل إشعار ميسي بالراحة. ولكن أي راحة؟ فهنا لا يوجد تشافي وإنييستا وفي الدفاع لم يكن الفريق يمتلك صلابة بويول أو شخصية بيكيه، بل ودخل المدرب في مواجهة مع تيفيز الذي كان أحد القلائل الذين دعموا مارادونا بعد رحيله.
رد مارادونا الجميل ووصف "الأباتشي" بأنه "لاعب الشعب" وازدادت الضغوط على باتيستا الذي لم يكن يرغب في ضمه بكوبا أمريكا 2011. انتشرت صور تيفيز في كل وسائل الإعلام. كان "الأرجنتيني الحق" في نظرهم. إنه اللاعب الذي يجب أن يمثل الأرجنتينيين في البطولة التي ستحتضنها أراضيهم.
كان باتيستا يسعى للعب بطريقة 4-3-3 على الطراز البرشلوني بإستيبان كامبياسو وخابيير ماسكيرانو وإيفر بانيجا كثلاثي خط وسط ولكن على أن يطبق اثنان منهما دور صانعي الألعاب، وفي الأمام انضم إيزيكيل لافيتزي للثنائي تيفيز وميسي، ولكن لم يكن هناك أي توافق بين الثنائي ليو وكارلوس في التحركات لدرجة أن نتيجة أول مباراتين مع بوليفيا وكولومبيا هي التعادل.
تعالت أصوات الجماهير وظهر أنهم يفضلون تيفيز عليه. كان هناك سباب وإهانات وصافرات استهجان بحق ليو لذا خرج والده خورخى ليدافع عنه متهما الصحافة والإعلام بتأجيج الجمهور ضده، فيما أن ميسي رد بطريقته الخاصة بتقديم مباراة رائعة بعد جلوس تيفيز على الدكة ومصاحبة دي ماريا وهيجواين في الهجوم، ولكن في ربع النهائي خرج راقصو التانجو أمام أوروجواي التي لعبت ب10 لاعبين بداية من الدقيقة 48 وفازت بركلات الترجيح التي أهدر فيها تيفيز.
على الرغم من هذا عادت الصحافة لتنتقد ميسي على مجمل مستواه في البطولة لتتسرب أنباء حول أن ليو يفكر الاعتزال دوليا. يقول البرغوث بنفسه حول تلك الفترة في تصريحات لقناة (تي واي سي) الأرجنتينية "الحقيقة أنني مررت بأشياء سيئة وقبيحة مع المنتخب، وسمعت أشياء كثيرة.. أعرف أن المنتخب لم يكن يلعب جيدا ولكن لم أكن وحدي، الجماهير أو الصحافة المحلية كانت تتحدث كما لو كنت أنا المنتخب أو الذي أحقق الفوز وحدي".
_ _ _
وحده يمكنه ميسي قلب نتيجة أي مباراة صعبة أو نهائية مع برشلونة، ولكن مع الأرجنتين يبدو الأمر صعبا للغاية. هذا هو الشعور الذي تأكد منه ميسي بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي لنهائي مئوية الكوبا.
حك ليو لحيته في حيرة قبل بداية الشوط الأول الإضافي. "هل نحن أمام سيناريو 2014 أم سيناريو 2015 أم سيناريو جديد؟" هكذا سأل نفسه وهو يركض في الملعب محاولا فتح ثغرة ما أمام انتشار لاعبي تشيلي الرائع الذين لعبوا بقوة كما لو كانو بألف روح.
_ _ _
قبل مونديال 2014 كانت الأمور مختلفة. هدأت مهاجمة الإعلام الأرجنتيني لميسي كثيرا بعد تحسن مستواه مع المنتخب كثيرا. كانت هناك روحا جيدة للغاية داخل الفريق ونوع من التفاؤل أن هذا سيكون عام "راقصي التانجو" وربما عام ليو المونديالي تحت قيادة المدرب أليخاندرو سابيلا.
في دور المجموعات حصدت الأرجنتين العلامة الكاملة: ثلاثة انتصارات على حساب البوسنة وايران ونيجيريا وثلاثة أهداف لميسي، وذلك قبل الإطاحة بسويسرا وبلجيكا في ثمن وربع النهائي بهدفي دي ماريا وهيجواين، ثم العبور من هولندا بركلات الترجيح. أخيرا الأرجنتين أصبحت في النهائي. ميسي كان جيدا للغاية في مرحلة المجموعات وجيدا في الأدوار الإقصائية، ولكن هذا ليس المهم بل المباراة الأخيرة أمام ألمانيا.
في ذلك اللقاء أهدرالقائد ميسي وهيجواين وبالاسيو ثلاث فرص محققة كانت كفيلة بالفوز بدلا من الخسارة (ق113) بهدف ماريو جوتزه.
هذه المرة لم تأت انتقادات قاسية من الصحافة الأرجنتينية تجاه ميسي، بل من الصحافة العالمية خاصة بعد حصول ليو على جائزة أفضل لاعب في المونديال الأمر الذي رأته الكثير من وسائل الإعلام غير مستحق ولأسباب دعائية.
فيما كانت الصحافة الإسبانية قاسية بعض الشيء تجاه ليو حيث كتبت صحيفة (الباييس) "ميسي لم يكن مارادونا مجددا. لم يكن حاسما بل كان يطلب من غيره الحسم".
مر عام واحد وجاءت فرصة أخرى لليو لفك حالة النحس مع المنتخب الأرجنتيني. كوبا أمريكا 2015 ، تلك التي حصلت عليها تشيلي بالفوز على راقصي التانجو في النهائي بركلات الترجيح وحصل فيها ليو على جائزة أفضل لاعب ولكنه رفض تسلمها تجنبا لانتقادات جديدة.
مر عام جديد وكان ليو على موعد مع النسخة الاحتفالية لكوبا أمريكا بمناسبة مرور 100 عاما على انطلاقها. منعته إصابته من لعب أول مباراة أمام تشيلي الفتي فازت بها الأرجنتين بهدفين لواحد.
سجل ثلاثية رائعة في نصف ساعة أمام بنما وتألق أمام فنزويلا وسجل في مباراة انتهت بأربعة أهداف لواحد ثم عاد وكرر نفس الأمر أمام الولايات المتحدة في نصف النهائي (4-0)، حتى وصل للنهائي أمام تشيلي والذي انتهى وقته الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي.
يبدأ الفريقان معاناة ركلات الترجيح. يتقدم فيدال ويسدد ولكن سرخيو روميرو يتصدى لها. يبدو أن الأمور ستكون مختلفة عن سيناريو 2015. هكذا منى ميسي نفسه ليتقدم ليسدد ركلة الأرجنتين الأولى.
- "ميسي لا يمتلك شخصية القائد".
-"إذا ما خسروا هذه المباراة فعليهم ألا يعودوا للأرجنتين".
ترددت كلمات مارادونا في ذهن ميسي وهو يركض نحو الكرة..
" تيفيز هو لاعب الشعب". "حينما يتوج ليو بكأس العالم يمكنه أو بلقب قاري يمكن أن يصبح أسطورة".. واصلت تلك الكلمات اللعينة التردد في ذهن ميسي كلما اقترب من الكرة ليسددها في النهاية بعيدة عن المرمى. يمسك ليو قميصه وينظر للأرض في بؤس وهو يطلق صرخة غضب.
"هل لا زال هناك أمل؟" تردد السؤال في ذهنه وهو يراقب ما يحدث في ركلات الترجيح حتى انتهى الأمر بكرة فرانسيسكو سيلفا التي عانقت الشباك وأعلنت تتويج تشيلي مجددا باللقب وانهاء حلم ليو والأرجنتين.
لم يعد هناك أمل. بكى ميسي بشكل يفطر قلوب عشاقه. لابد وأنه شعر بالكون يسقط فوق رأسه. العقدة لا تزال مستمرة، فما هو سبيل القضاء عليها؟
"إنها لحظة قاسية بالنسبة لي ولكل الفريق. الاستمرار على هذا المنوال صعب للغاية. لقد انتهت الأمور. لقد انتهى المنتخب الأرجنتيني بالنسبة لي". هذا كان السبيل الذي رأى ميسي أنه الأنسب له: الاعتزال الدولي وربما الاستسلام. كلمات فيلم (روكي) التحفيزية لم تعد تصلح له. الأمور انتهت هنا مع المنتخب ومعها عقدة البرغوث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.