يرى الكثيرون أن الكرة الإيطالية أصبحت بعيدة تماما عن المستوى التي كانت عليه في الماضي، لكن مع سقوط يوفنتوس في الموسم الجديد وظهور إنتر ميلان وروما بشكل طيب ربما تغير رأيهم قليلا. فلقد سقط الزعيم في أول مباراتين له بالموسم الجديد، أمر لم يحدث في تاريخ المسابقة لفريق يحمل اللقب. وظهر الوصيف نادي روما بشكل رائع مع انتداباته الجديدة وعلى رأسها النجم المصري محمد صلاح، واستطاع إسقاط المخضرم جيانلويجي بوفون ورفاقه تحت سماء ال"أوليمبيكو" بهدفين مقابل هدف. أما قطبي مدينة ميلانو، فلقد حان الوقت لاستفاقتهما بعد الاستثمارات الآسيوية المتدفقة فيهما، ونجاحهما في إبرام عدة تعاقدات مع لاعبين جيدين من دوريات أخرى بالقارة العجوز. موسم 2015-2016، قد يشهد الكالتشيو بعضا من سحره القديم الذي شهد تنافسا على أشده حين لعب فيه أفضل نجوم العالم. الأفضل فلقد كان هذا الدوري هو بيت العديد من عظماء اللعبة مثل رونالدو، زين الدين زيدان، جورج ويا، خافيير زانيتي، جابرييل باتيستوتا، روبرتو باجيو، إيفان زامورانو، ألفارو ريكوبا، فرانكو باريزي، ماركو فان باستن، فرانك ريكارد، بافل نيدفيد، زفينومير بوبان والأسطورة دييجو مارادونا. كان هو الأفضل والأقوى في العالم دون منازع في السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضي والأعوام الأولى من الألفية الجديدة. فضل نجوم العالم وقتها الرحيل إلى إيطاليا، حيث جنة كرة القدم، ليتسنى لهم المشاركة بأعلى مستوى ممكن من التنافس في عالم الساحرة المستديرة. لما لا و7 أندية استطاعت الفوز باللقب خلال 13 موسم (1989-2001) هل تصدق؟ سامبدوريا (1991)، نابولي (1990)، لاتسيو (2000)، روما (2001)، إنتر ميلان (1989)، ميلان (5 مرات) ويوفنتوس (3 مرات)، كل هذه الأندية تزعمت الكالتشيو وقتما كان يطلق عليه دوري الذئاب نظرا لشراسة وحدة التنافس به. الأمور اختلفت كثيرا الآن، وأصبح نجوم كرة القدم يفضلون الانتقال إلى إنجلترا أو إلى عملاقي إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة أو إلى الأندية الثرية مثل باريس سان جيرمان الفرنسي. بينما الإيطالي، أصبح ينتقل له اللاعبون المرفوضون في دوريات أخرى مثل آشلي كول، نيمانيا فيديتش وباتريس إفرا. الأمل لكن يبقى الأمل موجودا بأن الكرة الإيطالية ستعود لمكانتها الطبيعية مجددا، وأن الكالتشيو قد يستعيد هيبته المفقودة في السنوات القادمة. فعندما تنظر إلى لاعب مثل بول بوجبا، أفضل متوسط ميدان في العالم من وجهة نظر الكثيرين، استطاع يوفنتوس الظفر به من أنياب مانشستر يونايتد، وهذا أمر يدل على قدرة الكالتشيو على انتداب اللاعبين الجيدين. وأثبت لاعبون أخرون جودتهم في الدوري الإيطالي ولمع نجمهم بعد تجربتهم المتواضعة خارجه مثل جيرفينيو، كارلوس تيفيز ونايجل دي يونج، وهذا يدل على أن إيطاليا تمنح الفرصة لنجوم لم تلق النجاح الكافي خارجه. ويعكس تأهل يوفنتوس لنهائي دوري أبطال أوروبا ووصول فيورنتينا ونابولي لنصف نهائي الدوري الأوروبي قدرة الأندية الإيطالية على مقارعة نظيرتها من الدوريات الأخرى في المسابقات القارية. أما كبيري مدينة ميلانو، فلقد وصلا لمرحلة أدركا معها أي كارثة أصابتهما. فلك أن تتخيل أن نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الحالي سيقام في ملعب جوزيبي مياتسا بمدينة ميلانو ولا يشارك أي منهما في البطولة، بل لا يشارك أي منهما حتى في مسابقة الدوري الأوروبي. لكن ما يمنح الأمل للروسونيري والنيراتزوري هو سوق الانتقالات القوي الذي ينبأ بعودتهما للواجهة. فدائما كان الكالتشيو محل نزاع بين أندية الشمال، يوفي، إنتر وميلان. فلقد فضل كارلوس باكا، لويز أدريانو، جواو ميراندا، جيوفري كوندوجبيا، ستيفين يوفيتيتش الانتقال إلى مدينة ميلانو عن ارتداء قمصان فرق أخرى لإدراكهم قيمة ميلان وإنتر. وتعد مسألة إقناع اللاعبين المميزين بالانضمام للكالتشيو مهمة جدا ليستعيد مكانته مثل الدوري الإنجليزي والإسباني والألماني. ويتنبأ الكثيرون بمنافسة شرسة على السكوديتو هذا الموسم بوجود ميلان وإنتر وروما أقوياء. فلن يكون الأمر سهلا ليوفنتوس مثل السنوات الماضية. فعشاق الكالتشيو يتخوفون من أن يصبح دوريهم مثل الألماني والفرنسي، فريق واحد فقط يهيمن على القمة باستمرار. ويرغب جمهور كرة القدم في إيطاليا، بخلاف المنتمين ليوفنتوس، أن يروا بطلا جديدا للكالتشيو، فمن غير المعتاد بالنسبة لهم أن يتربع فريقا على العرش ل4 سنوات متتالية. بل ليس من المعتاد في إيطاليا أن يفوز فريقا بهذا الكم من الألقاب بشكل متتالي، فلقد توج إنتر 5 مرات أيضا في السنوات العشر الأخيرة (2006-2010). لم يعتد الإيطاليون على هذا على مدار تاريخهم الذي يفتخرون فيه بدوريهم الجاذب لأباطرة الكرة. وإذا وجدت منافسة حقيقية هذا الموسم ولم يتوج البيانكونيري بسهولة أو ظفر باللقب فريقا أخر، فقد يأخذ الدوري خطوة جديدة نحو استعادة بريقه المفقود في التسعينيات من القرن الماضي.