(إفي): بهدوئه المعتاد وابتسامته الواثقة، صافح السويسري روجيه فيدرير، المصنف الثالث عالميا بين لاعبي التنس المحترفين الكرواتي مارين سيليتش، بعد مباراة نصف نهائي بطولة أمريكا المفتوحة, آخر بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى والتي انتهت بانتصار تاريخي للأخير، ولكن "المايسترو" يعرف في قرارة نفسه أنه الفائز الأكبر في هذه البطولة من بين "الكبار". ففيدرير هو الوحيد من بين "عمالقة" اللعبة الحاليين الذي زاد رصيده بعد مشاركته في هذه البطولة، حيث كان قد خسر في رابع أدوار نسختها الماضية أمام الإسباني تومي روبريدو، لكنه هذه المرة خرج من نصف النهائي. في المقابل، واصل الصربي نوفاك ديوكوفيتش، المصنف الأول عالميا نزيف النقاط بخروجه المفاجئ أمام الياباني كي نيشيكوري في نصف النهائي، بعد أن بلغ نهائي البطولة العام الماضي، ليخسر أمام الإسباني رافائيل نادال، الذي لم يشارك في البطولة للاصابة. ليس هذا فحسب، بل إن فيدرير فاز بما يراه البعض من عشاقه أهم من لقب أمريكا المفتوحة، البطولة التي احتكرها بين عامي 2004 و2008، وهي الثقة في النفس، بعد ملحمة ربع النهائي أمام الفرنسي جايل مونفيس. كان اللاعب الفرنسي متقدما بمجموعتين دون رد، وسنحت له فرصتان للفوز بالمباراة، لكن "المايسترو" استجمع قواه وتركيزه في كلا النقطتين ليدفع بالمباراة بعيدا ليعود ويفوز باللقاء في خمس مجموعات. حقيقي أن مونفيس، الذي يبهر الجماهير بحركاته الاستعراضية وكراته التي تكتم الأنفاس، تأثر ذهنيا ونفسيا بعد خسارة نقطتي الفوز بالمباراة، ولكنه لا يزال تحديا بدنيا كبيرا أمام فيدرير، صاحب ال33 عاما. كما أن فيدرير لم يتمكن من تحقيق هذه العودة الكبيرة منذ عام 2012، وتحديدا في ثالث أدوار بطولة ويمبلدون، ثالث بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، أمام الفرنسي جوليان بنيتو، ما يؤكد أنه تجاوز تماما موسم 2013، الذي يرغب جميع عشاق "المايسترو" في محوه من ذاكرتهم بغير عودة. لا تقتصر مكاسب فيدرير في البطولة، التي تقام في نيويورك، فقط على حصد مزيد من النقاط أو استعادة الشعور الجيد والثقة في النفس، وانما في تحديد منافسه الأول خلال السنوات المتبقية في مسيرته الاحترافية، التي بدأها في 1998، وتوج خلالها وفاز خلالها حتى الان ب80 لقبا، 17 منها في بطولات الجراند سلام، في رقم قياسي بات "رافا" يهدده (14 لقبا). هذا المنافس ليس نادال ولا ديوكوفيتش، ولا حتى سيليتش، الذي حقق فوزه الأول على فيدرير من أصل ست مواجهات جمعت بينهما، وانما الاجهاد. فبعد مباراة من خمس مجموعات أمام مونفيس، لم يتمكن من مجاراة سيليتش، المصنف 16 عالميا والبالغ من العمر 25 عاما، حيث يدين اللاعب الكرواتي بجزء من الفضل في الفوز إلى الارهاق الذي عانى منه "المايسترو"، إلى جانب ضرباته القوية، بما في ذلك ضربة الإرسال. والإرهاق لم يكن فقط على الصعيد البدني، وانما كذلك على الصعيد الذهني، الأمر الذي بدا جليا خلال المباراة، وخاصة مع قرارات الهجوم من خلال الصعود على الشبكة. فقد خسر فيدرير نقاطا أكثر من المعتاد في هذه الاستراتيجية لأسباب تنوعت ما بين تأخر قرار الصعود على الشبكة أو بطئ الحركة نسبيا، ما أمهل منافسه، في كلا الحالتين الوقت الكافي لاتخاذ القرار المناسب في ظل وضعية لا تمكن "المايسترو" من الرد المناسب. وبعد أن فاز فيدرير بالثقة اللازمة وحدد منافسه الأول، فعليه الاستمرار في استراتيجيته الحالية، المتمثلة في تسديد الكرات مبكرا بما يحرم منافسه من العودة إلى وضعية الاستعداد بشكل سريع والصعود المتكرر ولكن المحسوب إلى الشبكة بوتيرة أسرع ليظل هو الفائز الأكبر ولكن مع تحقيق الألقاب.