ثلاث ساعات ونصف من المشاعر المتناقضة، تباينت بين الألم والاندفاع والرغبة في الفوز والانكسار ، وانتهت بدموع البطل رافائيل نادال والإعصار الصربي نوفاك ديوكوفيتش على حد سواء في ملحمة نهائي رولان جاروس، التي أوجزت في مجموعاتها الأربع مسيرتيهما في موسم الأراضي الترابية. وبدأ نادال الرحلة في بطولة مونت كارلو التي يحمل الرقم القياسي من حيث عدد مرات الفوز باللقب (ثمان مرات)، والتوقعات ترشحه للفوز باللقب، لكنه خرج من دور ربع النهائي أمام مواطنه ديفيد فيرير. وعاد إلى نهائي رولان جاروس، التي يحمل أيضا الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بها (ثمانية ألقاب) حيث خسر المجموعة الأولى، وأصاب جانبا كبيرا من عشاقه بالإحباط، وربما بشيء من الشك، وهو ما حدث في بطولة برشلونة. المجموعة الثانية حملت أنباءا سعيدة ل"رافا" وعشاقه، على غرار بطولة مدريد، بعد أن ضاق الخناق على الثور الإسباني، إلا أن الانفراج جاء في نهائي رابع بطولات الأساتذة هذا الموسم باصابة منافسه القوي، الياباني كي نيشيكوري بعد أن كان في طريقه للفوز، إلا أن "الماتادور" توج باللقب. في حين حسم المجموعة الثانية بنهائي رولان جاروس بعد أن ضيق عليه "نولي" الخناق، وكانت في طريقها لشوط كسر التعادل، الذي كان من الممكن أن يحسمه اللاعب الصربي، الا أن نادال تمكن من كسر الإرسال في الوقت المناسب، وحسم المجموعة. وساهم لقب مدريد والمجموعة الثانية في نهائي رولان جاروس في رفع مستوى ثقة نادال في المرحلة التالية، حيث تألق في بطولة روما، الاختبار الأخير الذي يسبق ثاني بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، وقدم مستوى جيدا قاده للدور النهائي، حيث خسر أمام ديوكوفيتش. ولم يختلف الوضع كثيرا في ثالث مجموعات رولان جاروس، حيث قدم "رافا" مستواه المعروف عنه وضرباته القوية، لكنه تعلم من درس روما، ويتقدم بخطى ثابتة نحو حسمها، واستدراك أخطاء نهائي رابع بطولات الأساتذة لهذا الموسم. وكما بدأ مشواره في بطولة رولان جاروس أنهاه بقوة وصلابة وثقة، وحتى الآلام التي تعرض لها في بداية المشوار، لكنها في المجموعة الرابعة في النهائي لم تكن في الظهر وانما في السمانة نتيجة شد عضلي، وفقا لما أكده عم اللاعب توني نادال بعد المباراة، ما يفسر انحناءات "رافا" المتكررة في نهاية المباراة بعد انتهاء بعض النقاط. وبخطأ مزدوج في الإرسال من جانب ديوكوفيتش فاز نادال وسقط على الأرض، وهو يضع يديه حول رأسه وينهض وهو يبكي فرحا باللقب التاسع له في البطولة، والرابع عشر في بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، ليعادل الرقم القياسي المسجل باسم الأمريكي بيت سامبراس المعتزل، ويقترب من السويسري روجيه فيدرير، صاحب الرقم القياسي (17 لقبا). وبالدموع أيضا أنهى ديوكوفيتش هذه المباراة ولكنها حزنا على عدم تحقيق اللقب الوحيد الذي يغيب عن خزائنه من بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، في المرة الثانية التي يبلغ فيها نهائي هذه البطولة، والثاني أيضا أمام نادال. وكما كان موسم "نولي" في الأراضي الترابية: إصابة وخسارة وغياب وفوز، هكذا كان نهائي رولان جاروس بالنسبة له، وان اختلف الترتيب. فقد فاز اللاعب الصربي بالمجموعة الأولى في نهائي رولان جاروس وربما يكون الفضل في هذا الفوز للأخطاء التي ارتكبها نادال في الشوط الذي تمكن "نولي" من كسره وحسم المجموعة، وعلى هذا النحو سارت الأمور في نهائي بطولة روما، التي فاز بها ديوكوفيتش بعد خسارته المجموعة الأولى. وكشف ديوكوفيتش بعد نهائي رولان جاروس أنه تعرض لمشكلات بدنية لم يحدد موضعها في نهاية المجموعة الثالثة من هذه المباراة، الأمر الذي تعرض له في نصف نهائي مونت كارلو، حينما تعرض لإصابة في المعصم. خسر ديوكوفيتش مباراة نصف النهائي تلك أمام فيدرير،بصعوبة في البداية، ولكن النهاية كانت سهلة بالنسبة ل"المايسترو"، كما كانت بالنسبة لنادال في المجموعة الثانية في نهائي رولان جاروس التي خسرها "نولي". وغاب ديوكوفيتش عن بطولة مدريد بداعي الإصابة، الأمر الذي ألمح له "نولي" بعد أن "غاب" أيضا عن المجموعتين الأخيرتين من نهائي رولان جاروس، إلا من بعض اللمحات والمحاولات التي كان "الثور" الإسباني لها بالمرصاد، لينهي هذه المباراة النهائية بلقبه الأسطوري، في نهائي ملحمي.