أكد الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، أنه لا يخشى رحيله عن الحكومة بسبب موقفه الداعم لقانون الخدمة المدنية، وقال، فى حوار ل«الوطن»، إن من وصفهم ب«أصحاب الصوت العالى» والمستفيدين من بقاء الأوضاع كما هى دون إصلاح دأبوا على تخويف الحكومات من الإقدام على أى خطوات إصلاحية بدعوى تضرر الفقراء، مشيراً إلى أن الإجراءات والقرارات الحكومية الصعبة لا تغفل الفقراء ومحدودى الدخل الذين قدرهم بنحو 50٪ من الأسر المصرية، مضيفاً: «هناك نسبة كبيرة من المصريين عايشين على الحُركرُك». الوزير تطرق فى حواره إلى عدد من الملفات الاقتصادية والسياسية وتأثيراتها على الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، وقال إن الحكومة لا تحظى بشعبية كبيرة لاتخاذ قرارات صعبة لمواجهة التحديات الكبيرة التى تمر بها مصر، وأوصى باعتماد مبدأ المصارحة والمكاشفة بحقيقة وصعوبة الأوضاع الحالية، وأن اعتبار جميع المصريين فقراء ومستحقون للدعم خارج عن نطاق استيعاب الدولة لذلك، لافتاً إلى أن بعض القرارات المرتقبة يتعلق بخفض الدعم وإعادة تسعير عدد من الخدمات كالوقود والمياه والنقل وغيرها.. وإلى نص الحوار. ■ ما القرارات المؤلمة التى تحدث عنها رئيس الوزراء مؤخراً وقال إن الحكومة ستتخذها فى 2016؟ - لدينا وضع اقتصادى صعب جداً، وهناك تحديات كبيرة للغاية، وفى نفس الوقت لدينا ملف مهم جداً اسمه «العدالة الاجتماعية»، وتحت مظلته تم اتخاذ إجراءات كثيرة جداً، وهى فى تقديرى أبعد ما تكون عن العدالة الاجتماعية، ومنظومة الدعم الموجودة فى مصر بكل أشكالها منذ سنوات طويلة جداً لم تؤد إلى العدالة الاجتماعية، والدليل أننا فى كل عام نُزيد من مخصصات الدعم، وبالرغم من ذلك تزيد معدلات الفقر بشكل مطرد، وبالتالى لدينا خلل وعدم كفاءة فى المنظومة، و«الفكرة ببساطة إنه لازم نشتغل على الاستهداف الجغرافى، واستهداف للفئات والأسر الأقل دخلاً والأكثر فقراً، غير كده لو اعتبرنا إن إحنا كلنا فقراء وكلنا مستحقين للدعم، فهذا خارج بكثير عن طاقات الاقتصاد المصرى وإمكانيات مصر كدولة»، ومصر تُصنف كدولة ذات دخل متوسط أدنى، ما يعنى أنها أقرب إلى الدول الفقيرة ذات الدخل المنخفض، وبطبيعة الحال مستوى متوسطات الدخول فى مصر، ومتوسطات الأجور فى مصر هى بلا جدال وبلا خلاف منخفضة، لكن داخل تلك المتوسطات هناك فئات منخفضة جداً وهناك أماكن محرومة للغاية، وبالتالى لا بد لنا من الاستهداف مراعاةً لإمكانياتنا، ولازم نكون كحكومة بنشتغل بفكر اقتصادى فى كل المشروعات وكل الخدمات اللى بنقدمها، لأنه ببساطة شديدة إحنا بننشئ طرق كبيرة جداً خلال الفترة الماضية ومكملين فيها، ولو لم نضع لها طريقة للصيانة من البداية، فنحن بكل المقاييس بعد سنة أو 2 سندمر هذه الطرق، ونفس الفكرة تنطبق على المستشفى، ومحطة الكهرباء، والمياه والصرف الصحى ومترو الأنفاق والسكة الحديد، ولازم قضية التسعير هنا تكون الشغل الشاغل لنا كمجتمع خلال الفترة المقبلة، واعتبار أن الناس كلها بحاجة للدعم تحت مُسمى العدالة الاجتماعية أمر خاطئ للغاية، ودى كده «قمة عدم العدالة»، وبالتالى لما نقول ببساطة شديدة إن هذه الخدمة لها تكلفة، سواء استثمارية أو للتشغيل والصيانة، فلا بد من أن نُغطى هذه التكلفة، لو عاوزين نكمل، غير كده البلد مش هتكمل. ■ هل الوضع الاقتصادى أكثر صعوبة من العام الماضى؟ - سنتكلم عن الوضع الاقتصادى كلياً بعيداً عن القطاعات، ونذكر مثلاً معدلات الاستثمار، التى لا تزال منخفضة، فلدينا 14 - 15% معدل استثمار فى مصر، وكنا قد حققنا قبل الأزمة المالية العالمية فى 2008 نحو 22% معدل استثمار، والدول صاحبة القفزات تصل ل30 و35 و40% فى معدلات استثمارها، ولو كنا نتحدث عن معدلات النمو الاقتصادى، فهى ارتفعت ل4%، و4.2% فى يونيو الماضى، ونتوقع أن تكون أكثر من ذلك السنة الحالية، لكن لدينا «البطالة» قضية حاكمة، والوضع الاقتصادى السنة الماضية كان صعباً جداً، وساعدنا كثيراً للغاية حصولنا على دعم خليجى كبير، وبطبيعة الحال لن نظل معتمدين على هذا الدعم بشكل كبير خلال الفترة المقبلة. ■ وهل هناك مؤشر على استمرار الدعم الخليجى من عدمه هذا العام؟ - الدعم مستمر، وفيه حاجات كتيرة جداً لكن التفاصيل م أقدرش أتكلم فيها، لكن أؤكد أن دعم الخليج لمصر مستمر ولم يتوقف. ■ البعض يرى أن الفقراء هم من سيدفعون ثمن القرارات المؤلمة للحكومة.. هل هذا صحيح؟ - هذا هو ما يجرى تهديدنا به دائماً، أى حكومة عاوزة تصلح يخوّفوها ب«تضرر الفقراء»، لكن بالعكس نقول بوضوح إن شرائح الكهرباء مثلاً، فيها الشريحتان الأولى والثانية للفقراء «محدش هيجى جنبهم»، والسيد رئيس الجمهورية قال: «والشريحة التالتة كمان»، ونحن كحكومة ننظر إلى ضريبة «القيمة المضافة» باعتبارها واحداً من أهم الإصلاحات فى منظومة الضرائب فى مصر، ونقول إننا نستبعد منها أى زيادات على السلع الغذائية، وأى زيادات على الحاجات الخاصة بقطاعات التعليم، والصحة، ورفع حد التسجيل، وهذا يعطى فرصة كبيرة للناس البسيطة، وبالتالى نحن نراعى فى كل القرارات الفئات الأقل دخلاً، لكن أصحاب الصوت العالى يقولون لنا «إحنا كلنا فقراء»، هل حد ممكن يقول إن كل شرائح الكهرباء فقراء؟ أو كل من يسير على الطرق بتاعتنا فقراء؟ أو كل من يستخدم المياه والصرف فقراء؟ وبالتالى سياسة التسعير هى التى ستؤدى لكفاءة اقتصادية وعدالة اجتماعية، وبرنامج الحكومة واستراتيجية التنمية المستدامة (مصر 2030) تتحدث عن نمو احتوائى، والنمو الاحتوائى ليس موضة من الخارج، لكن معناه «النمو الذى يحتوى الجميع ويشعرون بثماره»، بمعنى إنه أنا النهارده بعمل نمو مع عدالة اجتماعية، يعنى لما تشوف المشروعات القومية اللى بتتعمل النهارده، ممكن نتفق أو نختلف على أولويات كمجتمع، تجد أن مشروعاً كمشروع المليون ونصف المليون فدان، والنسبة الأعظم فيه موجودة فى الصعيد، يبقى انت رايح للفقر فى الصعيد، وحينما نقول إننا هنعمل المثلث الذهبى وأخلص الدراسات الخاصة به السنة دى إن شاء الله مع المكتب الإيطالى، وهنبدأ تفعيل المثلث الذهبى اللى هيعمل نقلة تانية خالص فى منطقة الصعيد، يبقى إحنا رايحين لهذا الهدف اللى هو النمو الاحتوائى، لما بنعمل إسكان اجتماعى، مثل هذا البرنامج ما اتعملش قبل كده فى مصر أو فى أى حتة فى العالم، لأننا بنعمل النهارده أكتر من 246 ألف وحدة إسكان اجتماعى بالمستوى الاجتماعى اللى إحنا شُفناه، وبالتالى نحن نراعى فى كل خطوة نقدم عليها العدالة الاجتماعية، «شوف الطفرة اللى اتعملت فى منظومة التموين والسلع التموينية والخبز»، هى تصب تماماً فى العدالة الاجتماعية، وكذلك حينما نؤكد أننا نُزود معاشات الضمان الاجتماعى كقيمة وكعدد مستفيدين من نظام «تكافل وكرامة» الذى يخاطب فئات بعينها، فنحن حينئذ نُحقق العدالة الاجتماعية. ■ هل عندكم بيانات دقيقة حول عدد الفقراء ومستحقى الدعم؟ - بالطبع لدينا اليوم تلك البيانات، ووفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تحديداً آخر مسح إنفاق واستهلاك فى 2012-2013، يقول إن 26.3% فى مصر فقراء، لكن مشكلتنا فى مصر أنه لدينا ال«near poor» أى القريبون من خط الفقر، «اللى همّا على الحُركرك»، ونسبة كبيرة جداً من المصريين عايشين على «الحُركرك»، وإن كانوا لا يُصنفون وفقاً للتعريفات كفقراء، لكنهم قريبون للغاية من خط الفقر، وبالتالى أى هزة قد تحدث لهم لا قدر الله كإصابة أحد أفراد الأسرة بمرض بعينه، «ينزل الأسرة على طول من متوسطة إلى فقيرة، وأيضاً الزيادة فى الأسعار تنزلها من متوسطة إلى فقيرة»، ونحن ننظر للقريبين من خط الفقر باعتبارهم محدودى دخل، ونسبتهم فى المجتمع مع الفقراء تساوى تقريباً 50% من الأسر المصرية، لكن لا بد أن نكون مقتنعين بضرورة الإصلاح، و«النهارده إحنا بنعمل حاجة كويسة قوى اللى هى ربط قواعد البيانات»، ولدينا مشكلة فقر كبيرة جداً، ولا بد أن نكون جميعاً معترفين بها، وما نعمل عليه اليوم أنه لدينا قواعد بيانات نعمل على ربطها، وهذا من تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكومة، وهناك مجموعة من اللجان ووحدة أنشأها السيد رئيس الوزراء بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تسمى وحدة العدالة، تعمل على ربط تلك القواعد، ونحن كوزارة نُدير مع وزارة التموين منظومة السلع التموينية والخبز، باعتبارنا الشريك الفنى فى هذا الموضوع، وبالتالى لدينا قاعدة بيانات قوية جداً عن الأسر المصرية، وبيانات لأكثر من 72 مليون مصرى فى قاعدة البيانات، والحكومة تصرف المقررات التموينية بكارت ذكى وفقاً لقاعدة بيانات، ونحن نعمل على ربط قاعدة البيانات من خلال تجميع قاعدة بيانات التأمينات والمعاشات، وقاعدة بيانات الضمان الاجتماعى، وقاعدة بيانات الموظفين، وقاعدة بيانات ملكية السيارات، وقاعدة بيانات استهلاك الكهرباء، كل ذلك برقم قومى واحد، وأستطيع القول وبدرجة ثقة عالية جداً إن هذه الأسرة فقيرة، وهذه الأسرة غير فقيرة، «لأن دى عندها عربية كذا واستهلاكها فى الكهرباء كذا، وساكنة فى مسكن بمنطقة سكنية فاخرة»، وبالتالى لدينا معايير يتم من خلالها تحديد الفقر، وهذا ما نعمل عليه حالياً ضمن برنامج الحكومة بشكل واضح.