أحمد موسى: مركز البيانات والحوسبة السحابية "عقل مصر" وانطلاقة نحو المستقبل (فيديو)    عاجل|حزب الله: استهدفنا موقع رويسات العلم بالأسلحة الصاروخية    ولي العهد السعودي وأمير الكويت يستعرضان العلاقات الثنائية    غدا.. محمد الشامي يخضع لفحوصات طبية والتشخيص المبدئي يُرجح إصابته بجزع في رباط الركبة    مانشستر سيتي يهزم نوتنجهام فورست بثنائية نظيفة في الدوري الإنجليزي    كشف ملابسات تداول مقطع فيديو تضمن تعدي شخص على آخر من ذوي الاحتياجات الخاصة بالدقهلية    لهذا السبب.. إلغاء العرض الخاص لفيلم "السرب"    أغنيتين عراقيتين.. تفاصيل أحدث ألبومات أصالة    مظاهرة بتركيا دعما لاحتجاجات طلاب الجامعات الأمريكية ضد الحرب بغزة    «جورجييفا»: العالم لم ينجح في تشارك منافع النمو مع المناطق الأكثر احتياجاً    كم حصيلة مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج؟ وزير المالية يجيب    مذكرة لرئيس الوزراء لوقف «المهازل الدرامية» التي تحاك ضد المُعلمين    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    حزب الوفد: نرفض أي عدوان إسرائيلي على رفح الفلسطينية    كنائس كفر الشيخ تحتفل بأحد السعف | صور    بوريل: الأوروبيون لن يذهبوا للموت من أجل دونباس لكن عليهم دعم كييف    وزير الصحة: إشادات عالمية بنجاح مصر في القضاء على فيروس سي    "الرعاية الصحية" تشارك بورشة العمل التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية    التشكيل الرسمي ل مباراة نابولي ضد روما في الدوري الإيطالي    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات    «بحوث القوات المسلحة» توقع بروتوكولًا مع «المراكز والمعاهد والهيئات البحثية بالتعليم العالي»    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    تحرير 78 محضرا في حملة للمرافق لضبط شوارع مدينة الأقصر    إنجاز جديد.. الجودو المصري يفرض سيطرته على أفريقيا    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    مسؤول إسرائيلي: مستعدون لتقديم تنازلات في مسألة عودة النازحين لشمالي غزة    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو في حالة اضطراب كامل وليس لديها رؤية    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 18886وظيفة معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    أفضل أوقات الصلاة على النبي وصيغتها لتفريج الكرب.. 10 مواطن لا تغفل عنها    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قرار جديد من القضاء بشأن 11 متهماً في واقعة "طالبة العريش" نيرة صلاح    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 17 - 02 - 2016

«لا تعاندوا القدر، فالرحلة انتهت».. يقولها (الأستاذ) محمد حسنين هيكل لأبنائه الذين يتناوبون على رعايته بعد أن قرر أن يتوقف عن العلاج. نعم، كان قراره، ولا أحد يعرف لماذا، والكل يؤمن أن الأعمار بيد الله، لكن هيكل قرر أن يتوقف تماماً عن أى نشاط حياتى أو علاجى، وأن يكون مستعداً لتلبية نداء الله فى أى لحظة، بعد أن طلبها بنفسه.
يفيق هيكل لساعات، تراجعت لعشرات الدقائق، ليتحدث أو يهمس أو يقول كلاماً أشبه بالوصايا، ويختار تسعة أسماء يبلغهم رسائله الأخيرة، فيلتفت أغلبهم للرسائل لكنهم يسألون بمنتهى الفضول المهنى: من فى القائمة؟!! وكأنهم يريدون أن يكونوا (جورنالجية) كما علمهم الأستاذ حتى فى تلك اللحظات.
كان هيكل يتمنى أن يموت فى غرفة نومه، لا فى أى مكان آخر ضمن أسفاره التى شملت العالم أجمع، لكن هل تصور (محمد) وهو يخطو خطواته الأولى داخل ال«إيجيبشيان جازيت» التى كانت تصدر بالإنجليزية فى مصر عام 1944، فى وظيفة (مساعد مخبر صحفى) فى قسم (الحوادث) أنه سيصير مدرسة، ومؤسسة، وجهاز استخبارات صحفياً متنقلاً، وشاهداً على التاريخ من مطبخه لا من الشرفة؟ هل تصور هيكل وهو يترك «الجازيت»، التى أتاحت له عمل المراسل الحربى فى العلمين، أنه فى «آخر ساعة» سيعمل فى (المسرح) و(البرلمان) ويصير مقرباً من محمد التابعى وسكرتيراً لتحرير المجلة؟
إنها مجرد مرحلة قصيرة ستنتهى حين يبيع التابعى «آخر ساعة» للوحشين الصغيرين فى عالم الصحافة آنذاك على ومصطفى أمين، ليصبح محرراً فى «أخبار اليوم» وسكرتيراً لتحرير «آخر ساعة» فى الوقت نفسه، لكن شاغله الأكبر هو فكرة (الكرامة) وما إذا كان التابعى باع المجلة ب(مَن) فيها، رغم تأكيد الجميع له أن التوأم اختار أربعة فقط كان هو ثانيهم بعد التابعى نفسه للانضمام إلى «أخبار اليوم» التى تطورت وتطورت العلاقة بين هيكل والتوأم، حتى دخلت فى منطقة الصداقة اللدودة، والعداوة الحميمة، لا سيما بعد أن أصبح هيكل (الذى ترأس تحرير «الأخبار»)، هو الأقرب لعقل وقلب وفكر جمال عبدالناصر، بعد الانقلاب العسكرى الشعبى الذى سماه الإعلام وقتها «الحركة المباركة» قبل أن يستقر بعد عدة سنوات وفى أدبيات التاريخ باسم «ثورة يوليو 1952». جرت مياه فى النهر، وصعد هيكل وظل يصعد ويصعد، حتى قرر الرحيل ل«الأهرام»، ليصنع الصحيفة (المؤسسة) ويصبح (المصدر) الأساسى للأخبار، ويفخر، حتى يومه الأخير بلقب (الجورنالجى)، ويؤسس العديد من المراكز المتخصصة لأول مرة مثل مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وحتى حين تفجر الوضع بينه وبين التوأم عقب اتهام مصطفى أمين بالتجسس وحبسه، لم تنقطع علاقته بعلى أمين الذى سمى ابنه الأكبر باسمه، وهى التجربة المؤلمة التى اعتبرها (معركة غريبة) فى الحرب الخفية كما حكاها فى كتابه «بين الصحافة والسياسة»، ومات عبدالناصر، لكن هيكل لم يمت وقتها، بل على العكس، استمر فاعلاً فى القرار السياسى، قريباً للسادات حتى حين، وحين أتى الحين جاهر الطرفان بالاشتباك للدرجة التى وصلت لاعتقال هيكل ضمن معتقلى سبتمبر بعد تقديمه قبلها بفترة للمدعى العام الاشتراكى للتحقيق معه، وتجددت المعارك فى حياة هيكل بعد خروجه واستشهاد السادات لاسيما بعد إصداره لكتابه الأشهر «خريف الغضب»، الذى فجر صراعات الماضى المستمر مع هيكل، لتأخذ أخبار اليوم زمام الهجوم عليه، برأس حربة قوى، يليق بالصراع اسمه الأستاذ موسى صبرى، الذى حكى بعدها بسنوات أسرار العلاقة فى مذكراته الممتعة «خمسون عاماً فى قطار الصحافة». وكان هيكل (شجاعاً) و(متحضراً) حين أكد فى بداية مذكراته «بين الصحافة والسياسة» أنه قصد الكتابة فى وجود الجميع على قيد الحياة حتى لا يقال لماذا تحدث بعد موتهم، وكأنه يستدعى المعركة، ويقف وحيداً فى مواجهة الجميع، وهى المواجهة التى كان يكسبها دائماً رغم قوة ونزاهة الخصوم، لتطوى صفحة مهمة فى تاريخ المهنة.
كان كاتب هذه السطور هو (العيل) الذى قرأ كل ما فات وتابعه، وهو طالب الإعدادية الذى وجد هيكل إلى جواره فى أمسية شعرية فى دار الأوبرا دون صخب، ليسأله: لماذا لم يكتب مذكراته مثل أنيس منصور، فينظر لى الرجل مصدوماً ثم يبتسم ويقول: إن شاء الله، لأقرر بعدها ألا أترك حرفاً كتبه الرجل إلا وأقرأه، أو حرفاً كتب ضده إلا وأعيه جيداً وأتفهمه، حتى اللحظة التى كبر فيها العيل (أو هكذا ظن) ليقابل هيكل مع مجموعة من صحفيى جريدة «الدستور»، ويشاهد هيكل عن قرب وهو يقارن بينه وبين «عيسى» آنذاك فيؤكد أن «عيسى» يصلح لأدوار الكوماندوز لكنه شخصياً -كهيكل- يفضل أن يكون جندى مشاة. كان لدى هيكل (ولع) بالتحليل، وعشق للوثائق التى كان يرسل فى شرائها من كل مكان ليقرأ ويعى ويحلل ويربط الأحداث قبل أن يطل برؤيته التى هى فى الأساس مبنية على المعلومات، لكن (الوثائق) المصرية التى يمتلكها، والتى كان قد أعلن قبل سنوات عن تنازله عنها لنقابة الصحفيين، ما زالت قيد جدران بيته الذى شهد التاريخ وشهد عليه.
تمنى هيكل أن يموت هكذا، باختياره لا مجبراً، وكان يقول للمقربين منه: أعرف ما سأقوله جيداً..
رحم الله (الجورنالجى) محمد حسنين هيكل، آخر سلالة الصحفيين العظماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.