سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» بين معتصمى «تطبيق الشريعة» على بوابة مدينة «أبوإسماعيل» الإعلامية «على»: الفرق بين الإعلان الدستورى الأول والثانى كالفرق بين «الموز باللبن» و«اللبن بالموز»
الساعة السابعة صباحا، يستيقظ من نومه، لافظا جسده خارج خيمته التى نصبها منذ السبت الماضى أمام مدينة الإنتاج الإعلامى أو كما يُطلق عليها البعض «مدينة أبوإسماعيل»، ينفض عن ملابسه الكاجوال الأتربة، ثم ما يلبث أن يُلقى السلام على رفقاء الخيمة، الذين سارعوا بافتراش قطعة قماشية على الأرض استعدادا لتناول وجبة الإفطار، من ساعتين إلى أربع هى المدة التى يرتاح فيها المعتصمون الذين يطالبون بتطهير الإعلام من المنافقين -على حد قولهم- يرتدى المهندس محمد على نظارته الشمسية يجلس مقرفصا مُناديا على أحد الشباب صغار السن طالبا منه تحضير الإفطار، وما هى إلا دقائق معدودة حتى يضع الوجبة المكونة من «جبنة نستو، مربى، جبنة بيضاء، وقطع من اللفت المخلل»، يتناول رفقاء الاعتصام بعض اللقيمات التى تساعدهم على مشقة اليوم الطويل: «فيه شيوخ أفاضل بتتبرع بالأكل ده للمعتصمين.. وكله من عند الله»، تأتى على مسامعهم أصوات دبدبات بعض المعتصمين الذين يتريضون فى المكان: «ده عبارة عن طابور لياقة.. وكل واحد يملك حريته.. يشترك فيه أو لأ».. يتصفح «الباشمهندس» آخر الأخبار على هاتفه المحمول، ليُخاطب الرجل الهرم الذى يجلس أمامه: «يا شيخ الإعلام ده عمره ما هيتغير.. قايلين إن إحنا بنهجم على عربيات المذيعين»، ليكتفى الشيخ المُسن بالابتسامة وبعض الكلمات المبحوحة بسبب إصابته بالبرد من كثرة الهتافات والنوم فى الهواء الطلق، جاء «على» منذ أيام إلى الاعتصام: «عاوزين نطبق شرع الله»، فهو يعتقد أن المادة الثانية من الدستور لم يتم تفعيلها وحان الآن الوقت لتطبيق أحكامها: «الشريعة سنة حياة»، مُستنكرا اعتراض أقلية على المطلب: «عاوز أعرف هما متضررين فى إيه.. إلا إذا كانوا بيسرقوا وخايفين من تطبيق الحد عليهم؟». المهندس فى مجال مقاولات الكهرباء، شارك فى الثورة: «كنا كلنا إيد واحدة» إلا أن عينيه وقعتا على شباب يدخنون «الحشيش والبانجو» خلال ال 18 يوما الأولى من عمر الثورة: «كنت بقول عادى»، بينما يرى متظاهرى الاتحادية: «شاربى خمور ومرتكبى مُحرمات».. الشرطة من وجهة نظره لا تقوم بدورها: «المفروض تكون مهمتها الأساسية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، الانقسامات فى الشارع السياسى سببها -من وجهة نظر «محمد على»- «قوى المعارضة الطمعانة فى السُلطة، باعوا دينهم وباعوا بلدهم لغرض رخيص».. مُستنكرا قيام الإعلام بدعمهم و«إشعال الفتنة»: «المشكلة إن القوى السياسية قاعدة متربصة للإخوان والسلفيين.. عاوزة تمسك عليهم أى غلطة»، فى الوقت الذى يرى فيه الرئيس مرسى «رجل مش صدامى» فهو لم يستلم البلد من عمر بن الخطاب، وعن قراراته التى رجع فيها: «مفيش غير قرار واحد بس اللى رجع فيه.. بتاع النائب العام.. وبالنسبة للإعلان الدستورى القديم والجديد فمفيش فرق بين الاتنين.. هو عرض على القوى السياسية تشربوا (موز باللبن) فلم يوافقوا.. فعرض عليهم مرة أخرى طيب تشربوا «لبن بالموز» فوافقوا»، مُذكرا قوى المعارضة بحديث الرسول: «التمس لأخيك 70 عذرا». «لا إله إلا الله.. طهر طهر الإعلام.. إسلامية إسلامية.. أبوحمالة باطل.. الشعب يريد تطبيق شرع الله» هتافات ترنو إلى مسامع أذنيك فور دخولك ساحة الاعتصام الذى سيظل سلمياً طالما لم يقتحم المتظاهرون قصر الاتحادية: «وقتها هنقتحم المدينة».. سياسة الإخوان فى إدارة مصر لا تستهويه لكنه يرفض اتهامهم بتوزيع «زيت وسكر» على المواطنين من أجل الموافقة على الاستفتاء: «حزب الحرية والعدالة مش بالسذاجة عشان يعمل الحركات دى»، هذا علاوة على استنكاره لبعض مواقف رموز القوى السياسية: «البرادعى (البوب) بيتوّت بس.. أما حمدين فهيموت وياخد لفة بالكرسى»، وعن الحشود السلفية التى تدعو المواطنين إلى نعم «طريقك إلى الجنة» يقول «على»: «لابد أن نتقى الله هقولك إزاى نعم الجنة ولأ فى النار»، متسائلا «مين اللى قال الكلام ده؟.. أنا مش موافق طبعا على هذه الطريقة». الحاج بدر جابر أحمد من محافظة بنى سويف جاء منذ ثلاثة أيام تاركا وراءه أسرة مكونة من طفلين وزوجة، الرجل الثلاثينى الذى يعمل فى مجال «البناء» جاء لإقرار شرع الله، مؤيدا تاما للدستور -الذى قرأ فيه بعض المواد- على حد قوله: «كل المواد اللى قريتها كويسة باستثناء مادة الشريعة.. كنا عاوزينها المصدر الوحيد مش المصدر الرئيسى»، صاحب اللحية الكثة جاء ليدافع عن بلاده من أصحاب المصالح وطامعى النفوذ والسلطة: «المفروض البلد تهدى شوية، خلى الصندوق هو الفاصل بينا وبين الاستفتاء».. «كل شخص يُخطئ ويُصيب» هذا ما يراه الأب ل«مصعب وحفص» فى سياسة الدكتور مرسى: «كان نفسى بس ميرجعشى فى قراراته.. ونفسى كمان إنه يعتقل صباحى والبرادعى والناس دى».. يجلس مُلتفاً ببطانية يتفحص بإمعان سطور موضوع عن إبراهيم عيسى فى جريدة «الشعب»: «الانتقاد أنا مش ضده.. لكن متوصلش للسب واللعن»، تذكر أثناء حديثه أن المال الضئيل الذى تركه لأسرته أوشك على النفاد: «أنا هصلى العشا وأرجع البيت بس هعاود الاعتصام تانى لو استمر إن شاء الله».