حاول الهرب من مجموعات الإسلاميين المهاجمة، اصطدم بأحد المعارضين كان إلى جواره، سقط أرضاً، أمسكوه قائلين «مسكنا بلطجى من اللى كانوا بيحدفوا مولتوف وخرطوش» لا سبيل لرد التهمة، تكالب على وجهه عشرات منهم، توالت اللكمات والركلات، صوّب أحدهم لكمة إلى وجهه فطارت عنه نظارته، لكمة ثانية فثالثة، لا سبيل إلى النقاش، حاول حماية وجهه مردداً الشهادة «لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله..». فى الليلة السابقة الثلاثاء 4 ديسمبر شارك المهندس حسين على، 31 سنة، مهندس نظم معلومات بإحدى الشركات العالمية، فى تظاهرات القوى المعارضة أمام قصر الاتحادية التى تراجعت خلالها قوات الأمن المركزى مفسحة الطريق أمام المتظاهرين إلى أسوار القصر، حيث نصبوا خيامهم واعتصموا ليلتهم فى محيطه اعتراضاً منهم على الإعلان الدستورى الصادر عن رئاسة الجمهورية فى 22 نوفمبر السابق. «تواردت إلىّ الأخبار بعدما انصرفت عن المعتصمين فى الاتحادية مساء الثلاثاء، أن الإخوان يعتزمون فض الاعتصام بالقوة، وأن مسيرات من أتباع الجماعة ومؤيدى الرئيس قد تحركت بالفعل إلى القصر الرئاسى، وأن مسيرات إخوانية تحركت من المحافظات» يقول حسين على، أحد مصابى الأربعاء الماضى بالاتحادية. فى ظهر اليوم التالى الأربعاء الذى وقعت فيه الاشتباكات، علم حسين أن «مجموعات من الإخوان هجموا على خيام المعتصمون فأزالوها، وفضّوا الاعتصام بالقوة، وقرروا الحول دون وصول المعارضين إلى قصر الرئاسة مرة ثانية». ترقب حسين المشهد، ضمن مجموعة من المعارضين وقفوا عند تقاطع شارعى الخليفة المأمون، وشارع النادى، المؤدى إلى قصر الاتحادية على بعد 650 متراً من القصر. يقول حسين «فى ذلك الوقت، قرب السابعة، شاهدت بعضاً من المؤيدين للرئيس بالقرب من محيط القصر يهتفون فى المارة: المؤيدين ييجوا هنا، ثم توجهوا، من شارع جانبى، إلى بقية حشود المؤيدين للرئيس عند القصر، بعدها تصاعدت الأحداث عندما تشابك الطرفان بالطوب الذى انهال بكثافة من جهة المؤيدين، فى حين لم يشارك جميع المعارضين فى تبادل قذف الطوب». وفقاً لرواية حسين، فقد «تزايدت الاشتباكات وبدأ الكر والفر من الطرفين، وأثناء وقوفى، متابعاً ما يحدث اصطدم بى أحد المعارضين الذى كان يحاول التراجع للخلف بسرعة، فاختل توازنى وسقطت على الأرض حين هجمت مجموعة كبيرة من المؤيدين بينهم ملتحون أمسكوا بى وهللوا حينها: مسكنا بلطجى». يقول حسين «أنا مهندس أخصائى تحليل نظم فى شركة عالمية، وخريج حاسبات ومعلومات، وناشط سياسى، وعضو فى اللجنة العليا لحزب العدل، كنت قد شاركت فى كل فعاليات الثورة منذ البداية، كنا يداً بيد مع الإخوان أنفسهم، تشاركنا فى كثير من الفعاليات، وفى المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأخيرة انتخبت الدكتور محمد مرسى». طارت النظارة من وجهه إثر لكمة تلقاها، فحاول تخبئة وجهه، وقتها شعر بدوار (دوخة) «وضع أحدهم يده فى جيبى وأخذ محفظة نقودى، قيل: هنعرف إنت مين يا بلطجى ونرجعلك محفظتك، سألنى البعض عن مصدر تمويلى: مين اللى مديلك فلوس يا بلطجى يا.. حاولت توضيح الصورة لهم وأننى مهندس فلم يتفهموا فرددت الشهادة، أعادوا إلىّ المحفظة بعد فترة من الضرب، لكن دون نقود». لم تتوقف الأيدى المنهمرة على جسد حسين على عن الضرب «رفسات وركلات، ولكمات فى كل موضع فى جسدى، ظننت أنها نهايتى على أيديهم، خلع أحدهم «البلوفر» عنّى، تعرى ظهرى بين المشاركين فى أداء الواجب المقدس الذى تلخص فى ضربى، وتطوع أحدهم لصعقى بكهرباء عصا كهربائية «إلكتريك» كان يحملها، تملك منى الدوار وتراخت أعصابى» يقول حسين. التف حول حسين ثلاثة أو أربعة أشخاص، يتبعون الإخوان المسلمين كذلك، خلّصوه من أيدى المعتدين عليه، يروى حسين «حينما تمكنوا من تخليصى اصطحبونى إلى ضابط أمن مركزى كان فى محيط الاشتباكات، فصرخ الضابط بوجهى: انت شارب إيه يلا؟ انت شكلك سكران.. استلمنى ضابط الشرطة من أيدى الإخوان وأشار إلى أحد الجنود للتحفظ علىّ، بعد دقائق انصرف الأفراد المنتمون لجماعة الإخوان المسلمين لاستكمال دورهم فى الاشتباكات، وأمر الضابط نفسه العسكرى الذى تحفظ علىّ بأن يرسلنى إلى إحدى سيارات الإسعاف، لاحظت حينها أن الضابط اصطنع أمام الإخوان أنه سيفتك بى كى يتركونى له». انطلقت عربة الإسعاب بحسين الذى سال الدم من رأسه، وامتلأ وجهه وجسده بسحجات وكدمات، إلى مستشفى هليوبوليس «فى المستشفى عالج الأطباء جرحاً فى رأسى بغرزتين جراحيتين، علمت بعد ذلك أن الإخوان عندما لاحظوا قيام ضباط الأمن المركزى بإخلاء سبيل المصابين من المعارضين، وعلاجهم قرروا أسر كل من يقع تحت أيديهم من معارضين أثناء الاشتباكات» يواصل حسين حديثه. يقول حسين «عندما خرجت من مستشفى هليوبوليس، ولم يفارقنى الدوار بسبب تعرضى للضرب والصعق بالكهرباء، لم يكن معى نقود حينها، أعطانى أحدهم مالاً كى أعود إلى منزلى استقللت سيارة أجرة إلى منزلى فصُعق أبى عندما رآنى على تلك الحالة، وقرر النزول معى لإجراء فحوصات وآشعة مقطعية وسونار فى مستشفى آخر حيث اكتشفت أننى كنت أعانى نتيجة الضرب من ارتجاج فى المخ، لكن أحمد الله لم يكن هنالك نزيف داخلى». يعلق المهندس حسين على، المصاب فى أحداث الاتحادية، قائلاً «الأحداث سببها محاولة يقوم بها الإسلاميون لاختطاف الدستور بحيل قانونية أبرزها الإعلان الدستورى، ليتمكنوا من طرح الدستور للاستفتاء دون طرحه للنقاش المجتمعى، ولا يمكن وصف ما يحدث من قبل جماعات الإسلام السياسى الآن وغيرها من القوى إلا أنه استقطاب يدفع الشارع للانقسام إلى نصفين إسلامى وعلمانى، فيزداد الاحتقان أكثر، ويكسب الإخوان وحدهم من تأجج نار الفتنة انتخابياً مرتين، المرة الأولى مكسبهم فى تشويه صورة معارضتهم ووسمهم ووصفهم بالبلطجية والملحدين، ومكسب ثانٍ متمثل فى نجاحهم فى فرض الدستور الذى كتبوه دون غيرهم من القوى السياسية فى مصر». أخبار متعلقة: «الوطن» ترصد حكايات أسرى «الاتحادية» «شادى» طالب الإعلام المصاب ب106 طلقات خرطوش: نزلت بسبب الاعتداء على السيدات «أحمد» جاء من طنطا لزيارة خالته و«تاه» فقادته قدماه للسحل تحت أرجل الإخوان رامى .. طبيب يسارى شارك فى علاج المصابين فاعتقله «الإخوان» أملاً فى اعتراف ضد «صباحى» «عبد الحكيم»: ضربونى بالشوم وهتفوا: «مرسى وراه رجالة» وعندما توسلت لطبيبة أن تعالج كتفى ركلتني