بين الموافقة على أمر ما ورفضه نقطة فاصلة لا يفهمها سوى القادرين على قراءة ما بين السطور.. وفى مسودة الدستور الجديد، الجارى طرحه للاستفتاء الشعبى، أكثر من مادة احتوت على حرف الاستثناء «إلا»، الأمر الذى أصاب بعض المُطلعين عليها بالحيرة البالغة، وكان أحد أسباب اتهام المسودة بالعوار. «إلا بناءً على قانون.. إلا بناءً على حكم قضائى»، هكذا تمت صياغة أكثر من مادة بمسودة الدستور، مستخدمة حرف «إلا»، وهو ما اعتبره الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، ثغرة تستلزم إلغاء المادة من أساسها، حيث ينطبق ذلك على المادة 14 المتعلقة بالحدين الأقصى والأدنى للأجور، وتنص على «حد أدنى وأقصى للأجور والمعاشات، لا يستثنى منه إلا بناءً على قانون»، وهذه الصياغة تفتح الباب إلى الأهواء الشخصية، فبإمكان العديد من الأشخاص، ممن أعطاهم القانون الكثير من الصلاحيات، استثناء ما يحلو لهم من الحد الأقصى للأجور، مثل الوزراء وكبار رجال الدولة. الأمر نفسه ينطبق على المادة 48، الخاصة بقانون الصحف وإصدار المطبوعات، التى تنص على «لا يجوز وقف أو إغلاق أو مصادرة الصحف إلا بحكم قضائى»، مما يجعل المادة فضفاضة ومهددة بالإغلاق وفقاً للقانون الذى يحكم غلق الصحف، إلى جانب المادة 52، التى تنص على «لا يجوز للسلطات حل مجالس إدارة النقابات والاتحادات إلا بحكم قضائى». د. عبدالله المغازى، أستاذ القانون الدستورى، قال إن إدخال الاستثناءات فى بعض المواد يفرغها أحياناً من مضامينها، فباب الاستثناءات هو باب خلفى للفساد، مضيفا أن المادة 48 تجيز حبس الصحفيين ومصادرة وإغلاق الصحف بحكم قضائى، كما أن لفظ «إلا» الموجود فى هذه المادة يفتح الباب لمزيد من الاستثناءات، فربط حبس الصحفيين وإغلاق الصحف بالإضرار بمقتضيات الدولة يجعلها مادة فضفاضة ويفتح الباب على أى شخص أن يقدم شكوى ضد صحيفة أو صحفى ويتم الحكم فيها، فالقانون سيحدده مجلس الشورى أو الشعب والاثنان ميولهما إخوانية.