«المرة دى بجد مش هنسيبها لحد».. هتاف ردده آلاف المتظاهرين فى المسيرة التى انطلقت فور الانتهاء من صلاة الجمعة فى شوارع محافظة الشرقية، متجهة إلى منزل الرئيس «محمد مرسى» بمدينة الزقازيق، على بُعد مسافة قصيرة من مبنى المحافظة، طالبوه خلالها بترك منصبه كرئيس للدولة بسبب ما وصفوه برغبته فى تمكين جماعة الإخوان المسلمين التى ينتمى إليها، من الحكم على حساب مصالح الشعب، ولكن مطالبة بعض القيادات الأمنية -التى كانت تؤمّن منزل الرئيس- للمتظاهرين بتحويل مسار المظاهرة والاتجاه بها إلى مكان آخر كانت السبب الرئيسى فى وقوع الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، طبقاً لما ذكره شهود عيان. «إحنا جايين نطالب بسقوط الرئيس، والظباط بيقولولنا اتظاهروا فى حتة تانية».. لذلك يزداد غضب «محمد النمس» طالب بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة، من رد فعل بعض القيادات الأمنية الذين وصفهم «بأنهم لم يتعلموا الدرس»، الأمر الذى دعاه وباقى المتظاهرين إلى الاشتباك مع أفراد الأمن، ليتحول بذلك الشارع الرئيسى بالمدينة إلى ساحة قتال بين الطرفين، على حد وصفه. الكثافة العددية لقوات الشرطة وإطلاقهم للقنابل المسيلة للدموع مكنهم من إبعاد المتظاهرين عن منزل الرئيس، مما دعا المتظاهرين إلى تبادل رمى الطوب والحجارة معهم لفترة طويلة تمكنوا خلالها من السيطرة على ميدان المحافظة وإبعاد قوات الأمن التى كانت تحيط به. وبعد فترة قصيرة من الاعتصام فيه، قام بعض المتظاهرين بإضرام النار فى كشك المرور المقابل لمبنى المحافظة وتحطيم الأثاث الموجود بداخله وتمزيق أوراقه، بالإضافة إلى حرق دراجتين بخاريتين من التابعة لقوات الشرطة فى منتصف الميدان، وتجمع المتظاهرون حولهما لترديد هتافات النصر التى أكدوا خلالها عن قرب رحيل الرئيس، بجانب تحطيم واجهة مجلس مدينة الزقازيق وبعض المنشآت الحكومية المجاورة لها. «إحنا مش جايين نخرّب، لكن هما اللى رافضين يسمعوا صوتنا».. يستطرد «أحمد حسين»، 25 سنة، حاصل على بكالوريوس تجارة: «مرسى» يجب أن يُحاكم بنفس التهم التى وُجهت إلى مبارك، لأنه لم يتدخل لمنع قتل العشرات بجانب آلاف المصابين من أبناء الشعب الذى سانده وأعطاه صوته منذ شهور قليلة. وأضاف: المطالبة بإسقاط الإعلان الدستورى المكمّل وحل «التأسيسية» لم يعد مطلبنا الآن، لأننا نطالب برحيله وحل جماعة الإخوان المسلمين، ولن نتراجع عن موقفنا. ساعات طويلة قضاها المتظاهرون فى ترديد الهتافات المناهضة للرئيس وحزب الحرية والعدالة بعد أن استقروا بميدان المحافظة فى غياب قوات الشرطة، الأمر الذى دعا مجموعة منهم إلى الالتفاف حول مبنى البريد المجاور للمحافظة خوفاً من اقتحام البلطجية له وسرقة محتوياته. «أسامة عبدالحميد» أحد المنظمين للمظاهرة أكد عدم وجود بلطجية وسط صفوف المتظاهرين، وبرهن على ذلك بالتفاف الشباب حول المنشآت العامة لحمايتها ومنع اقتحامها. وأضاف: رفض الرئيس محمد مرسى سماع أصواتنا على مدار الأيام الماضية بضرورة التراجع عن الإعلان الدستورى المكمل الذى أصدره، ورغبته فى تفصيل دستور جديد يناسب جماعته فقط، هو ما اضطرنا إلى النزول للشارع مرة أخرى. عقارب الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، والمتظاهرون يواصلون اعتصامهم بأعداد كبيرة، أما قيادات التأمين فآثروا أن يبتعدوا بقواتهم للجلوس على جانبى أحد الطرق البعيدة عن الميدان، ولم ينهضوا من أماكنهم إلا لوصول لواء من مديرية الأمن جاء للتفاوض مع المتظاهرين من أجل الانصراف وترك الميدان، بسبب ما وصفه بحالة الإرهاق الشديدة التى تسيطر على أفراد الشرطة الذين يقفون لتأدية خدمتهم الوطنية. وأمام تأكيداته الكثيرة عن تفهم القيادات الأمنية بالمحافظة لحق التظاهر السلمى إلى حين تحقيق مطالب الثوار، وافق المتظاهرون على ترك الميدان بعد تعهده بعدم تعرض أفراد الشرطة لهم عند مجيئهم فى اليوم التالى. من جهة أخرى أسفرت المظاهرات التى شهدتها محافظة الشرقية أمس الأول عن تحطيم مقر أمانة المرأة ل«الحرية والعدالة» وإتلاف محتوياته، ومحاصرة مقر «الجماعة» وإحراق إدارة المرور، واشتعال حريق محدود بمبنى مستشفى المبرة، واختناق المئات من المتظاهرين والأهالى، واستمرار حالات الكرّ والفرّ بين المتظاهرين وقوات الشرطة والأمن المركزى. كان الأهالى تظاهروا أمام منزل الرئيس الكائن بمنطقة فلل الجامعة، بمدينة الزقازيق، بعد أن نظموا مسيرة طافوا خلالها عدداً من الشوارع مرددين هتافات مناهضة للرئيس وجماعة الإخوان و«الداخلية». اعترضت طريقهم قوات الشرطة والأمن المركزى وذلك قبل محيط منزل الرئيس بمسافة 200 متر، مما أدى إلى وقوع اشتباكات عنيفة بين الطرفين، بدأت بإلقاء الطوب والحجارة، ثم قنابل الغازات المسيلة للدموع، واستمرت الأحداث طوال أمس الأول، منذ صلاة الجمعة حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً على نفس المنوال.