ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن فوز أحمد شفيق بالرئاسة يعنى لمصر مزيداً من عدم الاستقرار فى الوقت الذى توقعت فيه أن تشهد مصر حملات انتخابية عنيفة وتحالفات واسعة فى إطار سعى كل مرشح لفرض نفسه على الآخر فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل. وقالت الصحيفة «على الرغم من تخوف الغرب من وصول مرشح إسلامى للرئاسة ودعمهم للمرشح العلمانى أياً كان، فإن وصول مرسى لكرسى الحكم من الممكن أن يساعد مصر على تحقيق الاستقرار السياسى المنشود على عكس أحمد شفيق». وتابعت «فى ظل حالة الاستقطاب السياسى وتشكيلة البرلمان الحالى بمجلسيه، وسلطات الرئيس الواسعة فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية، مصر فى حاجة لرئيس متوافق مع البرلمان لا يتصادم معه، ومن هذا المنطلق من المحتمل أن يكون انتخاب شفيق مقدمة لدخول البلاد إلى حالة من عدم الاستقرار السياسى تنتج عن توتر العلاقة بين مؤسسات الحكم، حيث سيجد شفيق نفسه غير قادر على إدارة شئون الدولة فى وجود برلمان يحاول إعاقته فى كل خطوة، يسيطر على الميزانية ويسن قوانين تجعله عاجزاً عن تنفيذ برنامجه السياسى، وتشل مبادئ السياسة الخارجية التى ينوى تطبيقها». ومن هنا تبرز صياغة الدستور الجديد كأهم خطوة فى ظل حالة التوجس من شخص الرئيس القادم، وعدم وضوح العلاقة بين مؤسسات الحكم، فصياغة الدستور هى الخطوة التى ستحدد الصورة التى ستكون عليها مصر فى المستقبل، حسبما ذكرت هاآرتس. وأشارت الصحيفة فى تقرير لها نشر أمس إلى أن النتائج غير الرسمية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية تظهر تفضيل الناخب المصرى للمرشحين العلمانيين على حساب مرشحى تيار الإسلام السياسى، حيث قالت الصحيفة «حصد المرشحون العلمانيون ما يقترب من 57% من أصوات الناخبين بواقع 24٫5% لأحمد شفيق، و21٫1% لحمدين صباحى و11% لوزير الخارجية الأسبق عمرو موسى. فى حين حصل ممثلو التيار الإسلامى على 43% بواقع 18% للمرشح المعتدل عبدالمنعم أبوالفتوح، و25% لمرشح الإخوان محمد مرسى. وتابعت الصحيفة «وتظهر النتائج أيضاً تراجعاً حاداً فى شعبية الإخوان المسلمين، فبعد أن حصدت الجماعة انتصاراً كبيراً فى انتخابات البرلمان المصرى بحصولها على 47% من أصوات الناخبين جاءت انتخابات الرئاسة لتبرز التدهور فى شعبية الجماعة بعد حصول مرشحها على 25% فقط من الأصوات، ويبدو السبب الرئيسى لذلك التراجع فى خوف المصريين من سيطرة الإخوان على كل شىء، البرلمان، الرئاسة، الحكومة وكذلك صياغة الدستور الجديد. وأكدت الصحيفة أن الجولة الأولى من الانتخابات بلورت حالة الاستقطاب الكبيرة فى الساحة الداخلية المصرية بين القوى العلمانية والقوى الإسلامية، والجولة الثانية تتطلب اختياراً واحداً، اختياراً بين أبيض وأسود، شفيق أو مرسى، الابن العلمانى للنظام القديم أو الإخوان. وانتصار أحدهما لا يعنى فقط تأييد العامة له، ولكن يعنى معارضتهم ورفضهم للثانى. ولفتت الصحيفة فى تقريرها إلى الموقف الصعب الذى يواجهه شباب الثورة المصرية بعد انحصار المنافسة بين شفيق ومرسى، مشيرة إلى أن شباب الثورة يواجهون معضلة، انتخاب شفيق يعنى عودة النظام السابق، وانتخاب مرسى يعنى الوقوع تحت سيطرة كاملة للإخوان، وأضافت «بالنسبة لهم، لا يوجد إلا حقيقة واحدة: الثورة لم تحقق أهدافها». وفى سياق متصل، قالت هاآرتس «ستشهد مصر حملات عنيفة لكلا المرشحين وتحالفات واسعة لجذب أكبر نسبة من الأصوات، وبوادر تلك التحالفات بدأت فى الظهور مع سعى الإخوان لاجتذاب المرشحين الخاسرين حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح فى فريق رئاسى مع محمد مرسى، وكذلك محاولة إقناع السلفيين بدعم مرسى فى الإعادة» كما سيعمل شفيق على اجتذاب أصوات عمرو موسى وحمدين صباحى للوصول إلى كرسى الرئاسة.