الاستفتاء الذى سينظم لإقرار مشروع الدستور يجب أن يخضع لقواعد الاستفتاءات المعمول بها فى النظم المتمدينة. ورغم أن هذا الأمر مستبعد الحدوث وفقاً للشواهد القائمة حتى الآن بسبب قيام السلطة الإخوانية بضرب استقلال القضاء من خلال الإعلان الدستورى، واستحواذ رئيس الجمهورية عبر مشروع الدستور على العديد من السلطات، من خلال الجمع بين كونه حكماً بين السلطات ورئيس السلطة التنفيذية، وحقه فى تنظيم الاستفتاءات ولو على أحكام القضاء، ومشاركة الرئيس لمجلس الشعب فى اتهام رئيس الوزراء، رغم أن هذا الأمر من المتعارف عليه أنه يخص السلطة التشريعية وحدها. إضافة إلى ذلك يدستر الدستور المستفتى عليه محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، ويحل النقابات، ويعيد العمال والفلاحين بتركيبتهم المشوهة فى مجلس الشعب لأسباب إخوانية انتهازية بغرض كسب الانتخابات البرلمانية القادمة، رغم أن برنامج الحرية والعدالة ينص على إلغاء هذه النسبة.. إلى آخر عشرات الانتهاكات التى ارتكبت والوعود التى داسها الإخوان والرئيس بالأقدام عن التوافق واحترام القضاء. لكل هذه الأسباب تصبح هناك بعض الصعوبات فى تقرير الاستفتاء بشكل صحيح. فى الدراسة التى أعدها كل من كارلوس فنزويلا، الباحث ببرنامج الأممالمتحدة، وأنطونيو سبينيلى، ممثل المنظمة الدولية للانتخابات بمصر، ترصد بعض الاستفتاءات على الدساتير فى بعض الدول، فيقولان إن استفتاء روسيا فى 25 أبريل 1993 اشترط تصويت 50% من أصوات الناخبين. وفى ليبيريا فى 23 أغسطس 2011، وضع شرط للموافقة بنسبة الثلثين على التعديلات الدستورية. وفى استفتاء صربيا عام 2006، اشترط حضور نصف عدد المسجلين على الأقل. وهكذا يتبين أن الاستفتاءات على الدساتير تضع فى الكثير من الأحيان نسبة حضور يجب ألا تقل عنها، أو تضع نسبة موافقة بنعم، ولربما تضع الأمرين معاً. وهذا الأمر مهم للغاية فى ظل مناخ الاستقطاب الحالى وعدم الاتفاق العام على مشروع الدستور المطروح للاستفتاء. أما بالنسبة إلى لون الورقة فمن المهم أن تكون الألوان حيادية، بمعنى الابتعاد عن اللون الأسود للتعبير عن الرفض، باعتبار اللون الأسود هو رمز الحداد أو التشاؤم عند غالية المصريين، هنا يُشار إلى إمكانية الاختيار بين اللونين الأخضر واللبنى، أو الأصفر والبيج.. وهكذا. من ناحية ثانية، يجب أن يكون التصويت وفق بطاقة الرقم القومى وأن يكون محل التصويت هو المكان المسجل بقاعدة بيانات الرقم القومى المثبتة بالبطاقة، ضماناً لمنع التلاعب بالتصويت أكثر من مرة، بعدما تمكن الكثيرون من إزالة الحبر الفسفورى. من ناحية ثالثة، يتحتم إشراف جهة محايدة على العملية الانتخابية، وأن تتم عملية فرز أصوات المقترعين فى أماكن الاقتراع. كما أنه من المهم أن تجرى الانتخابات بحضور مندوبين لمؤسسات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية، وممثلى الأحزاب والقوى السياسية المصرية ضماناً للنزاهة والشفافية. من ناحية رابعة، من المهم وضع موجز محايد يشرح مواد الدستور فى 200 أو 300 كلمة خلف ورقة الاقتراع، لعله يفيد فى تصويت البعض ممن لم يقرأ مشروع الدستور. وأخيراً وليس آخراً، يجب إتاحة الفرصة كاملة لكافة الهيئات والمؤسسات لشرح الدستور بإيجابياته ومثالبه أمام الرأى العام، تلافياً للتصويت دون دراية حقيقية، لا سيما مع زيادة نسبة الأمية. والأهم من هذا وذاك سرعة فتح حوار بين أطياف المجتمع للوصول لتوافق على المواد المستفتى عليها قبل إجراء الاستفتاء، وهذا الأمر تحديداً يتوجب معه تأجيل الاستفتاء لبضعة أيام، لا سيما أن الإعلان الدستورى يتيح إجراء الاستفتاء خلال شهر من الانتهاء منه. وعلى الله قصد السبيل