من أمام مسجد الأزهر الشريف، تجد نفسك واقفا أمام إحدى المجموعات الأثرية الإسلامية مجمع "محمد بك أبو الذهب" ويرجع تاريخ إنشائه إلى 1774 ميلاديا، تقترب من أسواره لمحاولة رؤيته تجده محاصرا من قبل أصحاب المكتبات والتي اتخذت من سوره سوقا لتتراص حوله الكتب، تقف في بهو مجموعة "محمد بك أبو الدهب" بين المكتبات وترى البوابة الرئيسية للمجموعة مغلقة، تسأل عن الدخول يجيبك البعض "باب المجموعة من ورا عند السوق"... تصل إلى الباب الخلفي بعد أن تجتاز سوقا لبيع الخضار ومحلات الدواجن واللحوم، الأمر الذي يجعل الشك يسير بداخلك حول وجود مدخل للمجموعة بجانب السوق، تصل إلى الباب يستقبلك رجل الأمن ويصحبك لزيارة المجموعة الأثرية، ترى "جمال" مدفون وسط منطقة تعج بالزحمة والبائعين، تضم المجموعة "التكية والمسجد والمدرسة" الأبواب المغلقة والأتربة المتلاصقة على الجدران تخبرك بقلة الزائرين، تسبح بخيالك وسط الزخرفة الدقيقة التي تعتلي أسقف المسجد، ولكن يأتي صوت رجل الأمن ويخبرك بأن للمجموعة بقية لم تستطع زيارتها. "المفروض أن خان الزراكشة تبع المجموعة.. لكن مبقاش حد يدخله"، علامات التعجب والذهول تتسارع للظهور على وجهك وتسأل عن السبب ليفاجئك الحارس "وقت ثورة يناير فجأة لقينا الناس دخلت الخان كانوا بيقولوا أن ليهم فلوس عند الأوقاف". وتابع رجل الأمن حديثه: "الخان اترمم مع مجموعة أبو الدهب واتفتح للزيارة من 2006 لكن من بعد ما الناس خدته مبقاش تبعنا ومحدش بيدخله.. وهما فاتحينه لشغلهم". "بلاش تدخلوا الخان.. علشان القلق" النصيحة التي وجهها رجل الأمن أثناء مغادرتنا للمجموعة والتوجه إلى "خان الزراكشة" الذي لم يعد تابعا للإشراف الأثري بعد أن سيطر عليه أصحاب إحدى المكتبات. تخرج من الباب الخلفي وتسأل المارة عن "خان الزراكشة" الذي ضاعت معالمه وسط المحلات وتناساه المارة "أيه خان الزراكشة.. أول مرة أسمع الاسم دا"، هذه كانت إجابات البعض حينما سألناهم عن مكان "خان الزراكشة" والذي يبتعد عن البوابة المغلقة للمجموعة بخطوات قليلة، دلنا عليه درجات سلم سفلية تتراص أمامها مجموعة من الكتب الدينية. تهبط الدرجات وتقف عند مدخل "خان الزراكشة" الذي يقودك إلى ممر صغير وضع بداخله الكتب الدينية ويعلوها لافتة عليها بعض المعلومات التي توضح انتهاء الترميم من "خان الزراكشة" وافتتاحه منذ 2006، ويقف أحد الزبائن في حديث مع صاحب المكتبة للبحث عن كتاب محدد، وأثناء حديثهم أستاذنا الأخير بمشاهدة خان الزراكشة من داخله والتقاط بعض الصور الفوتوغرافية. تطأ قدمك داخل الخان وتشعر كأنك وسط مخزن للكتب، حيث تحولت بعض غرف الدور الأرضي إلى مخزن للكتب القديمة، انتهى صاحب المكتبة من حديثه وحينما توجهنا إليه للحديث معه حول أسباب تواجد المكتبة داخل هذا المكان الأثري، رفض الحديث ولم يلفظ سوى "إحنا مأجرين الخان دا من 1890 بعقد قديم.. وهو مكتبة من أيام أجدادي". ومن جانبه قال مجدي سليمان، مدير عام شؤون مناطق قطاع الأثار الإسلامية ل"الوطن"، إنه قبل ترميم خان الزراكشة كانت تتواجد فيه إحدى المكتبات مقابل عقد قديم من وزارة الأوقاف. وأضاف أنه أثناء ترميم "خان الزراكشة" ضمن مجموعة "محمد بك أبو الذهب"، ترك أصحاب المكتبة الخان لتقوم إدارة المساحة الحصر وإجراءات نزع الملكية وتعويض أصحاب المكتبة. وأشار "سليمان" إلى أنه أثناء ثورة 25 يناير تفاجئوا بدخول أصحاب المكتبة "خان الزراكشة" مرة أخرى، ومازالت إدارة المساحة تعمل على الحصر وإجراءات نزع الملكية لتعويضهم. وأوضح سليمان: "هما دلوقتي اللي مسيطرين على الخان في مسألة الزيارة، لو في زيارة يبقى بأذن منهم".