كان الأستاذ مجدى مهنا -رحمه الله وأعز سيرته- مبدعا فى التعبير عن سخطه ورفضه لما يدور حوله، وكان إذا بلغ سخطه مداه يترك عموده الصحفى بلا كلمات ويتركه مساحة بيضاء مذيلا بتعليق من جملة واحدة مفيدة تكون كالسوط على جسد الطغيان. وفكرت أن أستعين بما استنه الراحل الكبير للتعبير عن رفضى لتعسف قرارات الرئيس مرسى، التى خرجت فى صورة إعلان دستورى جعل الرئيس فوق كل السلطات.. لكننى وجدت أن الحالة السياسية السوداء التى نعيشها لا يصح معها إلا المواجهة والمواقف الواضحة.. وليس هناك أشرف من كلمة «لا» الآن.. وما أجملها على اللسان.. لا وألف لا يا سيادة الرئيس.. قلناها من قبل ونصرخ بها ثانيا.. مصر ليست ملكك.. مصر ليست وسية.. وما نحن بعبيد ولن نكون أبدا ولا ننحنى إلا لوجه الله.. ولا سمع ولا طاعة.. فهذه الكلمات ليس لها وجود فى قاموس الأحرار.. لا يا سيادة الرئيس، فأنت تظل مسئولا فى الدولة محل مساءلة حتى إن كنت على رأسها؛ لأنك جئت إلى الحكم بانتخابات وليس ببيعة.. أنت رئيس ولست خليفةً للمسلمين.. بل أكثر من ذلك أنت تحكم من عاصمة لم تختَرك رئيسا لمصر، لا فى الجولة الأولى ولا فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التى تجاوزت فيها نصف الأصوات بقليل، فمن أين جاء هذا الإحساس المفرط بالشعبية؟ ومَن صوَّر لك هذا حتى تظن أن الجماهير ستهلل لكل ما تصدره من قرارات؟ لا يا سيادة الرئيس، لن نكون بذاكرة السمك.. لكى ننسى بقراراتك أنك أبقيت على حكومة مسئولة عن مقتل 50 طفلاً فى أسيوط.. لا يا سيادة الرئيس، لن نخشى فى الحق أن نقول إنك تضع جماعة الإخوان المسلمين فوق القانون وإن الجماعة ترفض أن تقنن أوضاعها ولا نعرف مصادر أموالها من أين تأتى وإلى أين تذهب وأنها تسير بخطى الواثق فأصبحت دولة داخل الدولة. قبل عشرين عاما كان لشهيد الكلمة فرج فودة مقولة حاولت جاهدا أن أقول إنها ليست قاطعة، لكن الأيام تثبت بُعد نظر المفكر العظيم عندما قال: «هنا تبدأ الدائرة المفرغة.. فى دورتها المفزعة.. ففى غياب المعارضة المدنية، سوف يؤدى الحكم العسكرى إلى السلطة الدينية. ولن ينتزع السلطة الدينية من مواقعها إلا الانقلاب العسكرى، الذى يُسلم الأمور بدوره، بعد زمن يطول أو يقصر، إلى سلطة دينية جديدة. وهكذا.. وأحياناً يختصر البعض الطريق فيضعون العمامة فوق الزى العسكرى، كما حدث ويحدث فى السودان. إن الخروج من هذه الدائرة المفرغة ضرورة.. والتواصل مع الشرعية الدستورية مسألة حياة أو موت.. والشرعية الدستورية لا تتسع لهذا أو لذاك.. فكلاهما خطر عليها.. ومدمر لها.. والذى يُفضل أحد البديلين على الآخر يستجير من الرمضاء بالنار».