قال المخرج خالد يوسف إن الشريعة الإسلامية مطبقه في مصر فعلا من خلال القوانين التي تحكم المجتمع وأن الخروج في مليونيات بدعوى تطبيق الشريعة هي "مزايدات من قبل تجار الدين ممن يستخدمون الشرع في تحقيق مآربهم السياسية دون تورع". وأكد يوسف أن مقاصد الشريعة هي العدل والمساواة والحرية والتسامح وهي التي من شأنها أن تحقق التقدم والرفاهية للشعوب مستندا إلى قول سيدنا علي رضي الله عنه "دلوني على ما فيه صالح الأمة أدلكم على ما يوافقه في الشرع". وإلى مزيد من التصريحات التي أدلى بها خالد يوسف في حواره المطول مع "الوطن".. في البداية ماذا يعني بالنسبة لك تصاعد الدعوات المطالبة بتطبيق الشريعة في مصر من قبل التيار السلفي؟ الشريعة بمعظم أحكامها مطبقة في مصر من عشرات السنين من خلال القانون المدني، وروح الشريعة متجسدة في هذه القوانين التي تحقق العدل، والشريعة في النهاية مقاصد وأحكام ومقاصد الشريعة متحققة متي تحقق العدل على الأرض، وليس الأحكام بحرفيتها ونصها هي التي تحقق العدل، ولكن روح القانون هي التي تحقق العدالة وهذه هي مقاصد الشريعة، ومن هنا نحن نري أن الشريعة بالفعل مطبقة، من خلال القانون المدني والجنائي وكافة القوانين الوضعية. وفيما يتعلق بالفنون ما علاقتها بتطبيق الشريعة؟ طول الوقت الفنون ليس لها علاقة بتطبق أحكام أو قوانين غير الاحكام التي ينتمي إليها كل أدب وكل فن أي أن الفن لا يخضع إلا للقوانين الخاصة به، لأن الأحكام المطلقة لا تنطبق على الخيال، والفن في النهاية خيال لا يمكن أن تطبق عليه أحكاما واقعية، وبعد أن يفسر الناقد الفني يمكن أن تحكم على الفن. مثلا بيت الشعر الذي كتبه أبوالقاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر" ممكن لو طبقا عليه أحكام الشريعة مباشرة دون اللجوء لناقد أدبي يفسره يكون هذا البيت خارج على الشريعة الإسلامية لأنه ليقول بذلك إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب "ربنا"، ويُلزم ربنا بالاستجابة إذا الشعب أراد الحياة، ولكن الناقد الأدبي يفسره بأن إرادة الشعوب جزء من إرادة الله، وهنا الناقد الأدبي أو الفني يفسر العمل ويخرجه بما لا يتصادم مع الشريعة. وماذا تقصد بهذا المثال؟ الفنون والآداب بوجه عام لا تنطبق عليها إلا القوانين الخاضعة لكل أدب وكل فن، والأحكام نفسها لو أخضعتها لتفسير وطبقتها مباشرة فأي واحد من هؤلاء الشيوخ من الممكن أن يعتبر كل حياتنا حرام في حرام. في ضوء ذلك ما الذي يخيفك من الحديث عن تطبيق الشريعة؟ أنا مع تحقيق مقاصد الشريعة وعلى رأسها العدالة لأن الشريعة جاءت ليس لنتباهى باسمها، بل لكي تحقق العدالة والخير والرخاء والرفاهية للشعوب وأن تدفع الجنس البشري للإمام، وهنا أقول أن الإمام علي رضي الله عنه قال "دلوني علي ما فيه صالح الأمة أدلكم على ما يوافقه في الشرع". وكيف ترى المليونيات التي تخرج تطالب بتطبيق شرع الله؟ هؤلاء ناس يبحثون عن قشور الدين دون الجوهر، وهل سيكونوا سعداء إذا أطلقنا جميعا اللحى وارتدينا جلباب ونتخلف ألف عام للوراء، أم نرتدي البدل ونتقدم ونصل إلى القمر، والفكرة ليست في المظهر، لأن المظاهر التي يصرون عليها ليست هي التي تقدم الشعوب لا اللحية ولا الجلابية ولا الخمار هو الذي يساهم في تقدم الشعوب، بل ما يقدم الشعوب هو روح الشريعة نفسها ومقاصد الشريعة من تحقيق العدالة. لكن هناك أزمة مستمرة داخل الجمعية التأسيسية للدستور حول الأحكام والمبادئ؟ هذه الأزمة مفتعله لأن هذا التيار فشل في حل مشاكل الناس ومن ثم يتشبثون بهذه الشكليات، لكي يظهروا بأنهم يريدون تطبيق شيء جاء من عند ربنا ، ولا احد يرفضه او يقف أمامها ويفتعلوا معركة يكسبوا فيها انتخابيا عندما يصورون للناس كذبا ن هؤلاء ضد الشريعة وهؤلاء مع الشريعة وأنهم هم المؤمنين وغيرهم هم الكفرة ، وهذا صراع سياسي يقحم فيه الدين بغير وجه حق ، وهؤلاء لو كانوا نجحوا في تحقيق احتياجات الناس منذ أن تولوا المسؤولية ولو كانوا مؤهلين ان يديروا الوطن بما يرضي الله لفعلوا ولحققوا مكاسب في الشارع ولكن منذ تولي الاخوان المسلمين الحكم والكوارث والازمات تتوالي علي المواطن المصري . وهل تعني أن مقاصد الشريعة هي المبادئ المنصوص عليها فعلا في الدستور المصري منذ سنوات ؟ نعم المقاصد هي المبادئ التي لا تحتاج إلى تعديل أو مزايدة من أحد، وهي العدالة والرخاء والسلام والرحمة وهذه مقاصد الشريعة، لأن الله سبحانه وتعالى لم يأت بالشريعة لكي نلتزم بها فقط، بل لتحقق سعادة البشر. ولماذا يصر التيار السلفي على النص في الدستور على كلمة أحكام الشريعة وليس المقاصد أو المبادئ من أجل إقرار الحدود؟ حدود إيه؟ الحدود أصلا مطبقة فمن قتل وثبتت عليه الجريمة يجرى إعدامه، ومن يسرق يسجن حتى 15 سنة وهو عقاب ربما أشد من قطع اليد، وحد الزنا تطبيقه شبه مستحيل أصلا بسب ضرورة وجود 4 شهود على واقعة الزنا، وعندما تبلغ دون شهود تتهم برمي المحصنات بالباطل، "ربنا عرفوه بالعقل" على حد تعبيره. وما توصيفك لعودة شخصيات جهادية بعينها من السجون عقب العفو عنها والتي كانت متهمة في قضايا اغتيالات لتنادي بتطبيق شرع الله مثل الظواهري والزمر؟ هؤلاء الناس خارج التاريخ، وأقول لهم العالم ومصر الآن في عام 2012 تعالوا من هناك، من القرون الوسطي، أنتم لازلتم تعيشون في مكان بعيد في الماضي، في حين أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان لأنه متطور، وليس جامد. ومن وجهة نظرك، من هو المخول بتطبيق شرع الله داخل المجتمع؟ المخول بتطبيق شرع الله هي الدولة وهي تقوم فعلا بالتطبيق، وما يحدث في القانون المصري 90 % منه تطبيق للشريعة، ولا يتصادم مع نص واحد من نصوص الشريعة، والجدل حول الشريعة وتطبيقها هو استخدام سياسي للدين، هم يستخدمون الدين لمآرب سياسية، "بالفعل هم تجار دين". وإلى أي حد ترى أنك ستتعرض لقيود في عملك الفني خلال السنوات المقبلة؟ نعم هم سيحاولون فرض قيود على شغلي في الأيام القادمة وسيفشلون لأن الشعب المصري أصل حضارته مرتكزة على ساقين منذ فجر التاريخ، هما ساق الدين وساق الفن، والأثر الحضاري الذي تركناه نحن كأمة للبشر هو أننا أول ناس أسسنا ديانة التوحيد ووحدنا ربنا، وأول ناس أثرينا البشرية بذخائر من العلوم والفنون والآداب وسيحاولون ممارسة ضغوط عليّ وتقييد حريتي الإبداعية ولكن سيفشلون الشعب المصري أصلا مبدع ولن يستطيع أحد أن يقف أمام إبداع الشعب المصري. وماذا ستفعل إذا وجدت نفسك مضطرا ذات يوم لتصوير فيلمك في بلد خارج مصر جراء التضييق عليك وعلى حرية الإبداع بشكل عام؟ لن أترك مصر، ومن يتحدث عن الهجرة هم ضعاف نفوس، ولن أترك بلدي وسأظل أحاربهم ولن انهزم أمام هؤلاء الظلاميين ولا يمكن أن ينتصروا على العقل التنويري المصري، وسأظل أخرج أعمالي داخل مصر، في تحد لأفكارهم وعقولهم وأتحداهم أن العقل المصري لن يستطيع أحد أن يقيده. إلى أين ستنتهي معركة الدستور من وجهة نظرك؟ هذا الدستور لن يخرج للنور دون توافق كامل من كل الناس وإن أصرت هذه التيارات على كتابة دستور بهذا الشكل يعملوا دستورهم ويورونا، والدستور المصري مش هيطلع إلا بعد موافقة كل القوى الوطنية وكل الطوائف والفئات المجتمعية.