هدوء حذر.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة وعيار 21 الآن يسجل هذا الرقم    البيت الأبيض: بايدن سيستخدم الفيتو ضد مشروع قانون يلزمه بإرسال الأسلحة لإسرائيل    بوتين: العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا والصين تتطور بسرعة    سلمان رشدي: محاكمة ترامب في قضية منح أموال لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية قد تفضي لسجنه    بعد توقف مولدات الكهرباء.. خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة    "ديانج خارج الأهلي".. شرط وحيد لرحيل بيرسي تاو هذا الصيف عن القلعة الحمراء    بسام وليد: أتمنى استمرار أحمد عيد عبد الملك في قيادة غزل المحلة    أبو مسلم عن مواجهة الترجي: الأهلي متمرس في الفوز بالنهائيات والجميع يهابه    عاجل - الثانوية العامة 2024 "اعرف جدول امتحاناتك"    ميريل ستريب تحصل على السعفة الذهبية الفخرية في نسخة مهرجان كان لعام 2024    على خطى زاهي حواس، وسيم السيسي: التاريخ لم يثبت أن الله كلم موسى فوق جبل الطور    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    تقسيم الأضحية حسب الشرع.. وسنن الذبح    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    اليوم، الحكم على المتهم بدهس طبيبة التجمع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 مايو في محافظات مصر    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    سمسم شهاب يترك وصيته ل شقيقه في حال وفاته    المالية تزف بشرى سارة للعاملين بالدولة بشأن مرتبات شهر يونيو    عضو بملجس محافظي المركزي الأوروبي يرجح بدء خفض الفائدة في اجتماع الشهر المقبل    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    الأزهر يعلق على رفع مستوطنين العلم الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    مواعيد الخطوط الثلاثة لمترو الأنفاق قبل ساعات من بدء التشغيل التجريبي للمحطات الجديدة    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    محافظ المنوفية يبحث مع رئيس الجامعة تعزيز أطر التعاون لدعم خطط التنمية المستدامة بالقطاعات الخدمية والتنموية    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تضحيات كثيره وثمرات هزيله
نشر في الشعب يوم 05 - 11 - 2012

التصور والإدراك من أهم أدوات الحكم على الأشياء والأفكار والمناهج وقديماً قيل : الحكم على الشيء فرع عن - أو على – تصوره .. وهو مبدأ منطقي يتجدد دوره وتسمو قيمته وترتفع رايته يوماً بعد يوم ، لما له من بالغ الأثر فى تجلية الصورة ، وتوضيح الحقيقية والإعتناء بعقل الشخص وإرشاده إلى طرق التفكير الصحيحه التي تمكنه من رؤية الواقع وفهمه، وإستشراف المستقبل والتخطيط له ، فى الوقت الذى تُصم فيه الآذان وتغيب فيه الأحلام، وتنبعث من تحت الركام التاريخي الطويل أمتنا، عارية الصدر في وجه تحديات جسام ، في ليل حالك السواد، تخبط بظلمته وظلامه السائرون، فهرعوا إلى الخروج يلتمسون النور ، فاشتد الزحام ، ولهثت الأنفاس ،وإختلطت الأصوات وبلغت القلوب الحناجر، لقد صرنا فريسةً تتداعى إلي قصعتها، طوائف كثيره وفئات حقيره ، كلُّ منها يريد أن يقضم جانبا من حرّية هذه الأمه ، أو يرتفع فوق أنقاض بنيان كان هو أحد معاول هدمه ، بغية إستغلال تلك المرحله الحرجه من تاريخ أمتنا لتحقيق مكاسب من ورائها حتى ولو أدى ذلك إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفوضى والاضطراب في ربوع مصر ليضعوا الأمه بين أمرين : إما أن تختار نَظم و نُظم النظام السابق ليصبح كل ما دفعته هذه الأمة من ثمن للتغيير بلا قيمة.. وكأن إعادة إنتاج "النظام السابق " بأقنعة جديدة قدر محتوم وأمر لامناص ولا مفر منه ، طائفه تنتمى إلى" حلف الفلول " أكثر مما تنتتمى إلى "حلف الفضول" وطائفة قد أهمتهم أنفسهم فأصبحت محور تفكيرهم وغاية إهتمامهم وانشغالهم ومنتهى مرادهم , حينما رأت أن الثمن أفدح مما كانت تظن ; وأن الثمرة أشد مرارة مما كانت تتوقع .. والناس حيارى يتسائلون : ما هذا؟ تضحيات كثيره وثمرات هزيله ؟ أم أن حزب الفلول بُعث من مَرقده وخرج من مَكمنه فى محاولة للإنتشار بعد الإندثار؟ أين نحن؟ أفي القبور نرقد؟ أم في سراديب الحياة الموحشة نعيش؟ مما إستدعى أصحاب القلوب البريئة - التى لم تلوثها حسابات الساسة ومواءمات السياسة والدياسة أن تنتفض كما إنتفضت من قبل ؛ بعد أن أدركت أنها أمام فئة متغوله لا يصلح معها توسط أو إعتدال ، وإنما يصلحها المطرقة والسندان ، فهرولت بخطى متسارعه ، للدفاع عن هويتها وحماية ثورتها وإقامة أسُسَها، وإعلاء بنيانها، ورفع صروحَها، ومد أطنابها لتحتوي الوطن كلَّه، وهي تجعل أرواحَها أساسات هذا الصرح العظيم، وأجسادَها أركانه، ودماءَها ملاطَه، وأشلاءَها لبناتِه . فمن ذا الذى يصدق أن من ثار على نظام جثم على صدره ردحاً من الزمان يمكن أن يقبل بإعادة إنتاجه مرة أخرى ،ومتى يدرك هؤلاء أن الشعب الآن أصبح فاعلاً لا مفعولاً به ، وأن قطار الثوره - شاءوا أم أبوا - سوف يصل إلى محطته النهائية لامحاله ، ولن يعبأ بمن يترددون بين اللحاق به أو الوقوف عند محاولة إصلاح لا يملكون مقوماته ولا القدرة على إنفاذه ، سوف يسير هذا القطار حتى يستكمل مشواره رغم أنف الإنتهازيين والفاشيين ومن يروجون الأكاذيب لتشويه الثورة وتجريمها باسم الثورة وباسم الشعب ، فما من ثوره قامت إلا وقد حققت أهدافها وجنت ثمارها. وأولى أهداف هذه الثوره ولُبابها هى العوده الحميده الى هوية الأمه وإلى شرع الله المٌحكم – الداعى الى كل خير المُنزه عن كل شر – لكن هناك مفاهييم ينبغى أن تصحح ومعايير ينبغى أن تضبط حول مانعنيه من لفظ الشرع والشريعه حتى نرفع الإلتباس - الحاصل في مفهوم الشرع وتطبيق الشريعة - سواء عند المتبنين لتطبيق الشريعة والمدافعين عنها ، أو عند المناوئين لها والنافرين منها والمخاصمين لها ، فهناك مفاهيم وتصورات قاصرة أو مشوهة لمفهوم وتطبيق الشريعة. فهناك من يُقصر مفهوم تطبيق الشريعه وفق تَصور تَصوره أو رأى إرتئاه ، فلم يَعتد بتطبيق الشريعه إلا في العهد النبوي ، ونسبيا في عهد الخلفاء الراشدين . وهذا معناه في نظرهم أننا إما أن نكون لسنا أهلاً لتطبيق الشريعه لمثاليتها أو أن الشريعة غير قابلة للتطبيق في هذا الزمان ، لقصورها وعجزها عن الإلمام بإحتياجات الإنسان ، ومن لوازم هذا الفهم الخاطئ ، كما قال أحد العالمانيين بصراحه – أقصد بوقاحه - أن الشريعه تتسم بالبدائية والتخلف والهمجية ، فهي فيما سمعوا أوفهموا عبارة عن قصاص وحدود ، وسيوف ودماء . فالعودة إلى الشريعة- بزعمهم- عودة إلى الوحشية والهمجية ، ونحن في زمن الحضارة والحداثة وحقوق الإنسان ! كيف تستغرب الصرامة في منع هذا البلاء؟ إن الحد تسقطه شبهة!!.. وقد تسقطه –في بعض المذاهب- التوبة، والقضاء بصير بمواضع العنف واللطف، والمهم صوت المجتمع من استقرار الفساد والجرأة على المحرمات.! أما القصاص فهو مشروع للإحياء لا للإماتة، وإبطال القصاص ذريعة للمزيد من سفك الدماء وإهدار حق الحياة، ونشر القلق في كل ناحية. والغريب أن الهجمه الليبراليه العالمانيه جعل بعض المسلمين المعاصرين يستحي من شرائع الحدود والقصاص، ويريد أن تكون دار الإسلام مرقصًا عامًا تنمو فيه الدنايا، أو مسرحًا يجد فيه المتوحشون فرصًا شتى للاغتيال والاعتداء . مدلول لفظ الشرع و الشريعة: كلمة الشرع والشريعه لفظ من الألفاظ المشتركه التى تحمل عدة معانى الخلط بين الألفاظ يؤدى إلى الخلط بين المعانى يقول إبن تيميه – رحمه الله- : " فلفظ الشرع والشريعة إذا أريد به الكتاب والسنة لم يكن لأحد من أولياء الله ولا لغيرهم أن يخرج عنه ومن ظن أن لأحد من أولياء الله طريقا إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه و سلم باطنا وظاهرا فلم بتابعه باطنا وظاهرا فهو كافر".. وكثير من الناس يتكلم بلسان الحقيقة ولا يفرق بين الحقيقة الكونية القدرية المتعلقة بخلقه ومشيئته وبين الحقيقة الدينية الأمرية المتعلقة برضاه ومحبته ولا يفرق بين من يقوم بالحقيقة الدينية موافقا لما أمر الله به على ألسن رسله ولا يفرق بين من يقوم بوجده وذوقه غير معتبر ذلك بالكتاب والسنة كما أن لفظ الشريعة يتكلم به كثير من الناس ولا يفرق بين الشرع المنزل من عند الله تعالى وهو الكتاب والسنة الذي بعث الله به رسوله فإن هذا الشرع ليس لأحد من الخلق الخروج عنه ولا يخرج عنه إلا كافر وبين الشرع الذي هو حكم الحاكم فالحاكم تارة يصيب وتارة يخطىء هذا إذا كان عالما عادلا" (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) . يدور لفظ الشريعة والشرعة والشرع في القرآن الكريم - على كل ما أمر الله به ونهى عنه ، من معتقدات ، وعبادات ، وأخلاق ، وآداب ، وأحكام عادات ومعاملات . على أن أشهر استعمال اصطلاحي للفظ الشريعة ، هو استعمالها للدلالة بصفة خاصة على الأحكام العملية في الدين، أي كل ما سوى العقائد ، لكن مع الاحتفاظ في هذه الدلالة بجميع المجالات التشريعية العملية الواردة في الدين ، ومنها العبادات الظاهرة والباطنة ، والأخلاق والآداب ،فالشريعة بهذا المعنى تشمل الدين كله إلا العقيدة ، ومن هنا جاء استعمال عبارة " الإسلام عقيدة وشريعة "، وإذا أطلق لفظ التشريع أريد به ما هو قانون للأمة ، وهنا رُفع شعار"تطبيق الشريعة" ، الذي اتجه أساسا إلى الشريعة بأضيق معانيها ، أي الشريعة الممثلة في قوانين الدولة ومحاكمها ، باعتبار أن هذا المعنى هو"محل النزاع وميدان الصراع" وبما أن أول وأبرز ضحايا " الإنقلاب التشريعي "، كان هو المجال الجنائي، فإن رد الفعل قد تركز على هذا المجال وعلى تضخيمه . وهكذا بدأت عملية اختزال مفهوم الشريعة ، في تطبيق العقوبات الجنائية الإسلامية ، وأصبحت "الحدود الشرعية" رمزاً لتطبيق الشريعة أو دلاله على تعطيل الشريعة! وهذا خطأ بَين، إذ لا يصحُّ مطلقاً حصر تعطيل الشريعة في جانبها العقابي فقط ، أو أن نجعله معياراً لتعطيل الشريعة ، ولو أقامت دولة ما الحدود فحسب ، فلن تستطيع أن تزعم أن نظامها نظام إسلامي محض ... يقول ابن تيميه عن الشريعه :( ثم هي مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء‏:‏ "شرع مُنَزَّل، وهو‏:‏ ما شرعه الله ورسوله‏.‏ وشرع مُتَأَوَّل، وهو‏:‏ ما ساغ فيه الاجتهاد‏.‏ وشرع مُبَدَّل، وهو‏:‏ ما كان من الكذب والفجور الذي يفعله المبطلون بظاهر من الشرع"،و أمام هذا المفهوم الواسع للشريعة ندرك مدى خطورة وكارثية الخطأ الذي نمارسه حين نُضخِّم مسألة (الحدود) ونجعلها معياراً لتطبيق الشريعة أو إنتفاءها بانتفاءه ، فهذا نوع من الخلط والإلتباس وعدم فهم منزلة ومرتبة الجانب العقابي ضمن أي منظومة قانونية وجزائيه فى حياتنا !فالشِق العقابي يأتي بعد تحصيل الحقوق وتجسيدها، أي أنه حالة استتباعية إستلحاقية طارئة؛ من أجل الردع والصيانة وليس هو جوهر القانون ولبّه. ومع إدراكنا ، أن الشريعة منظومة شاملة ومتكاملة، يجب على المسلمين الأخذ بها والتحاكم إليها، ولا يجوز التفريق بين أحكامها ؛ وأن الحدود الشرعية جزء لا يتجزأ من تشريعات الإسلام، التى لا يجوز تعطيل أى منها - كما قال صلى الله عليه وسلم- " إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه" إلا أن تطبيق الحدود الشرعية لا يشكل المعنى الأولي الأساسي لتطبيق الشريعة الإسلامية، إنما هو معنى مهم لاحق للمعاني الأساسية ، كما قال على ابن أبى طالب كرم الله وجهه: (أيها الناس إن الله تبارك وتعالى لما خلق الخلق أراد أن يكونوا على آداب رفيعة وأخلاق شريفة فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلاَّ بأن يعرفهم مالهم وما عليهم، والتعريف لا يكون إلاَّ بأمر ونهي، والأمر والنهي لا يجتمعان إلاَّ بالوعد والوعيد، والوعد لا يكون إلاَّ بالترغيب، والوعيد لا يكون إلاَّ بالترهيب، والترغيب لا يكون إلاَّ بما تشتهيه أنفسهم وتلذه أعينهم، والترهيب لا يكون إلاَّ بضد ذلك، ثم خلقهم في داره وأراهم طرفاً من اللذات ليستدلوا به على ما ورائهم من اللذات الخاصة التي لا يشوبها ألم ألاَّ وهي الجنة، وأراهم طرفاً من الآلام ليستدلوا به على ما ورائهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة ألاَّ وهي النار، من أجل ذلك يرون نعيم الدنيا مخلوطاً بمحنها، وسرورها ممزوجاً بكدرها وغمومها). ونحن إذا أردنا تعريف قانون الشريعة - كأي منظومة قانونية – فهل يُعرَّف" بالعقوبات التأديبية الرادعة"، أم يُعرّف بالمقاصد والقيم التي بها يتحقق استقرار نظام المجتمع، وتتحصل للإنسان سعادته وكرامته في الدنيا ونجاته وفلاحه في الآخرة. والشريعة لا تتجلى غاياتها ومقاصدها إلا عبر تطبيقها كمنظومة شاملة ومتكاملة، وليس عبر اجتزاء الجانب العقابي منها وجعله رمزاً لتطبيق الشريعة في ظلِّ تغييب وتعطيل مقاصدها الكبرى، هذا ما يدخل فعلاً ضمن قوله تعالى: ""أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض""، فالحدود والتعزيرات لا يتم تطبيقها إلا ضمن تطبيق منظومة الشريعة الإسلامية الشاملة والمتكاملة، بلا إفراط أو تفريط .
"مقاصدالشريعه" أم"مبادئ الشريعه"إنّ عبارة "مبادئ الشريعة" ليس تعبيراً شرعياً، بل هو تعريف لغير مُعرَّفٍ وحدٌّ لغير مُحَدَّدٍ فهو تعبير حيرَ فقهاء القانون الدستورى ،ولم يستطع العلماء السابقين أواللاحقين أن يحدّدوا تعريفا مضبوطا جامعا مانعا لتلك الكلمه المائعه المستحدثه ، وقد صيغت تلك العباره بدهاء ومكر لخداع الشعب المسلم، فهى لاتؤدى بحال من الأحوال لتطبيق أحكام الإسلام، بل تجعل الدستور يتصادم مع الشريعة الإسلاميّة، ولا يتحاكم إليها، فكلمة "مبادىء " يقصد بها ضرورة الأخذ بالمبادىء العامة مثل التسامح والحرية والعدل والمساواه والمؤاخاه وكل ما إتفقت عليه جمعيات حقوق الإنسان أوحتى جمعية الرفق بالحيوان- لامانع لدى الليبراليين والعالمانيين – شريطة عدم الالتزام بالأحكام التفصيلية التى شرعها الله لنا فى كتابه وسنة رسوله تطبيقا لهذه المبادىء. فمن مبادىء الإسلام "الحرية" ، وهذا صحيح لكن من لوازم هذا القول المطلق المجرد عن كل قيد حرية الكذب والتضليل الذى يمارسه إعلام رجال الأعمال وغسيل الأموال حتى لو كان يروج للفجور والدعارة ( باسم الفن والإبداع والحريه الشخصيه ) وحتى لو كان بوقا لطائفة ضالة كافرة مثل البهائية والقاديانية ( باسم حرية الإعتقاد ) والمساواه (أى أن من حق المرأه أن تتساوى مع الرجل فى الميراث والزواج من أربعة رجال ) ..... وهكذا . إذن فما هي صفة هذا الكلمه (مبادئ) ؟ ومن أين جاؤا بها ؟ ولماذا استخدمها هؤلاء؟ ولماذا لم تُستبدل تلك الكلمة " المجهولة المعنى " بكلمة معلومة أى "مقاصد" حتى نعلم أننا بصدد تضحيات كثيره و ثمرات هزيله ، أى ثمره (لقيطه) بلا مُثمر(الكتاب والسنه) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا، ودفع شر الشرين إذا لم يمكن أن يندفعا. ومن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على الكليات الخمس التي تواترت رسل الله تعالى على وجوب المحافظة عليها، وهي الدين، والنفس، والعقل، والنسب، والمال، والعرض، ومنها اليسر ورفع الحرج والمشقة. وقد تنبّه لهذا العجز والقصور في المادة الثانية من الدستور القاضي عبد الغفّارِ محمّد في إحدى حيثيّات حكمه حيث قال: " فالذي استقرّ في ضمير المحكمة، أنّ أحكام الشريعة الإسلاميّة غير مطبّقة في جمهوريّة مصر العربيّة، وهذه حقيقة مستخلصة من الحقيقة الأولى وهي وجوب تطبيق الشريعة". كما يقول المستشار حامد الجمل : " أن مبادئ الشريعة لا تدخل مباشرة فى التطبيق القضائي، ولكنها تدخل فى القانون الوضعي، و المادة الثانية لا يمكن تفسيرها وحدها، بمعزل عن المواد الأخرى فى الدستور، ومنها ما يتعلق بالمساواة، وعدم التمييز بين المواطنين، كذلك المواد الأخرى المتعلقة بسيادة القانون، واستقلال القضاء، وأن المحاكم هى التى تتولى الفصل فى المنازعات "فالحكم في المحاكم بالقانون ولهذا يمنع أي قاضٍ من أن يحكم بالشريعة بدلاً من القانون الوضعي، ولذلك عندما أصدر المستشار محمد محمود غراب (القاضي المصري) حكما بالجلد ثمانين جلدة على رجل ضبط بحالة سكر بين بالطريق العام، لم ينفذ هذا الحكم واعتبر باطلا رغم أنه وافق السنة لأنه خالف القانون – بزعمهم- بل واعتبر هذا الحكم مأخذا قضائيا ضد المستشار محمود غراب وأرسلت إليه الإدارة العامة للتفتيش القضائي بوزارة العدل مأخذا قضائيا رقم (5-81-1981) تبين فيه بطلان الحكم حيث قالت: "ويؤخذ على هذا الحكم: أنه لما كان من المقرر أنه لا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون، وأن العقوبات قد حصرها وليس من بينها ما قضى به الحكم بجلد المتهم، فإنه يكون قد خالف القانون مما يصمه بالبطلان" ["أحكام إسلامية إدانة للقوانين الوضعية" للمستشار محمد محمود غراب.]. وقد نُقِلَ القاضي محمد محمود غراب بعد هذا الحكم إلى وظيفة إدارية بعيدة عن القضاء ليكون عبرة لغيره ممن يتجرأ ويخالف النظام العَلَمَاني للدولة. فواضعى الدستور بإبقاءهم على "الماده الثانيه" كما هى دون تغيير يُقروا بمبدأ سيادة القانون لا سيادة الشريعة الإسلامية .. فلا مكان للشريعة نهائياً وهذه النصوص الدستورية هي الملزمة ولا إلزام للمادة الثانية من الدستور إطلاقاً .. فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكم القاضي بمقتضى العرف، فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة [القانون المدني ص2]. هذه هى القيمه الحقيقيه للمادة الثانية للدستور بوضعها الحالى : أولاً: القانون الوضعي... ثانياً : العُرف ... ثالثاً : "مبادىءالشريعة" لا الشريعة الإسلاميه . تلكم هي الحقيقة التي ينبغي أن يعلمها الشعب المصري المسلم والتي كان ينبغي على الدعاة والعلماء والمسلمين في مصر أن يقوموا ببيانها لجماهير المسلمين وأنه لا يمكن السكوت على استحلال المحرمات القطعية ولا إلباسها ثوب الشرعية ولا احترام المحكمة التي تقضي بشرعية الإستحلال ولا التحاكم إلى هذه المحاكم وكل هذه الأمور لا تخفى على العلماء والدعاة فما الذي منعهم من بيان ذلك ؟! ولماذا لم يجرؤ على وضع مصطلح الدولة الإسلامية أو المناداة بأن تكون الشريعة الإسلامية هي الحاكمة والمهيمنة على غيرها من الشرائع وأن القانون الوضعي كفر بواح لاستحلاله المحرمات القطعية كالزنا، وأن القضاء العَالَمَاني المطبق للقانون الوضعي المستبيح للزنا واللواط والخمر والقمار لا يمكن أبداً أن يكون قضاءاً شرعياً ولا مشروعاً ولا محترماً ولا أن ينادى باستقلاله.. الكارثه العظمى والطامة الكبرىفى النص على أنّ الشريعة هي "المصدر الرئيسيّ للتشريع " ، فهو نص ليس فيه قصر وحبس لحق الشريعه الأوحد فى التشريع ، بل يعطى إيحاء بأن هناك مصادر أخرى تُزَاحِم وتناكف وتصادم الشريعة الإسلاميّة، كان بوسعهم القول " والشريعه الإسلاميه هى مصدر التشريع " حتى هكذا بدون التأكيد بكلمة "الوحيد " وهذا يكفى لتطلعات أبناء الشعب ، أو أن "الشريعة هي الحاكمة على الدستور والقانون"، ومن حق الشعب أن يعدل هذه المادة ويكون بذلك مستخدماً لحقه وليس مجرماً في ميزان الدستور، بينما فى حالة الخروج للموافقه على هذا النص بصيغته الحاليه يُعد في ميزان الشريعة آثماً خارجاً على الشريعة، ففى الإسلام لا يملك أي عدد من الناس أن يغير من الشريعة التي يجب أن تطبق شئ سواءً وافق الأكثرون عليها أم رفضوا كما يقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى: «والإنسان متى حلَّل الحرام المجمع عليه وحرَّم الحلال المجمعُ عليه أو بدَّل الشرع المجمعُ عليه كان كافراً مرتداً باتّفاق الفقهاء». مجموع الفتاوى، ج3 ص267. وقال شيخ الإسلام لما سئل عن قتال التتار: فقال: "كل طائفة ممتنعة عن التزام شرائع الإسلام الظاهرة من هؤلاء القوم أو غيرهم؛ فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه؛ كما قاتل أبو بكر والصحابة - رضي الله عنهم - مانعي الزكاة، وعلى هذا اتفق الفقهاء بعدهم ". وقال الشهيد عبد القادر عودة – رحمه الله - : «ومن الأمثلة الظاهرة على الكفر في عصرنا الحاضر الامتناع عن الحكم بالشريعة الإسلامية وتطبيق القوانين الوضعية بدلاً منها، والأصل في الإسلام أن الحكم بما أنزل الله واجب وأن الحكم بغير ما أنزل الله محرمٌ ونصوص القرآن صريحة وقاطعة في هذه المسألة... ومن المتفق عليه أن من رد شيئاً من أوامر الله أو أوامر رسوله – صلى الله عليه وسلم - فهو خارج عن الإسلام سواء رده من جهة الشك أو من جهة ترك القبول أو الامتناع عن التسليم» اه الإسلام وأوضاعنا القانونية ص35 .. وقال ابن حزم – رحمه الله - «فإن كان يعتقد أن لأحد بعد موت النبي- صلى الله عليه وسلم-أن يحرم شيئا كان حلالاً إلى حين موته أو يحل شيئا كان حراماً إلى حين موته أو يوجب حدا لم يكن واجباً إلى حين موته أو يشرّع شريعة لم تكن في حياته فهو كافر مشركٌ حلال الدم والمال حكمه حكم المرتد ولا فرق»اه الإحكام ج1/73. ويقول الشيخ ابن كثير - رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} " ينكر الله تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم (جنكيز خان) الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيره، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد هواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافر، يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير)اه [تفسير ابن كثير 2/70].
فكيف تنبه لهذا العجز والقصور القضاه الأفذاذ وهم الذين يحكمون بالقانون العَالَمَانيّ ولا ينتبه له الكثير من الدعاة والعاملين للإسلام، الذين كان جِل هَمهم ومنهى مُرادهم البحث عن نصوص رفع الحرج وإعذار السلاطين وعدم الخروج عليهم (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) !!
على الدعاة والعلماء والمسلمين في مصر وغيرها أن يدعوا لحملةٍ شعبيةٍ للمطالبة بأن تكون الشريعة هي مصدر القوانين، وأن تكون الشريعة حاكمةً لا محكومةً، وأن لا يكتفوا بخداع المادة الثانية من الدستور، وأن يطالبوا بالإصلاح التشريعيّ، ومن أهمّ الإصلاحات المطلوبة تعديل المادة الثانية من الدستور، بحيث تنص على أنّ "أحكام الشريعة الإسلاميّة هي المصدر الوحيد التشريع وأى قانون لايُستمد منها أو يخالفها يُعد باطلاً ".
[email protected]

الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.