على الرغم من أن الفارق في ميلادهما خمس سنوات فقط، إلا أن الفارق في الأيديولوجية التي يعتنقها كل واحد منهما تفوق السنين بمراحل، وقد يكون اختلاف الأب لكل منهما أحدث تغييرات في العقيدة والشخصية، حيث وُلِدَ فيدل أليخاندرو كاسترو لنفس أم أخوه الأصغر راؤول، إلا أن راؤول سليل أب صيني كان يعمل في الجيش فاعترف به "أليخاندرو كاسترو" ومنحه لقب العائلة، وربما هذا ما جعلهما يرتبطان ببعضهما البعض إنسانيًا حتى بالسجن. في عام 1953 حمل فيدل السلاح ضد الرئيس فالغنسيو باتيستا، على رأس مجموعة مكوَّنة من نحو 100 من أتباعه، إلا أن محاولته أُحبطت، وسجن مع شقيقه راؤول.
"ليست الثورة طريقا مفروشًا بالورود، بل هى صراع بين المستقبل والماضي"، هذه كانت كلمات فيدل كاسترو والتي انتهجها أسلوبا لحياته.
فيدل هو شخصية مثيرة للجدل، فبالرغم من حصوله علي العديد من الجوائز الدولية، إلا أن منتقديه اتهموه بتدهور اقتصاد البلاد والإدارة من خلال أفعاله وكتاباته الهجومية تجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية.
ففي خلال ال 47 عامًا التي حكم فيها كوبا، كان فيدل كاسترو مهيمنًا وله وجود شبه يومي في حياة الكوبيين العاديين، فداهنهم وحاضرهم وأشعل العداء مع الولاياتالمتحدة في خطبه التي كانت تستمر لساعات.
انتهى الأمر بإنفراط عقد العلاقات الأمريكية الكوبية بعد وصول فيدل كاسترو إلى سدة الحكم في هافانا في العام 1959، بعد إسقاطه ورفاقه في الحزب الشيوعي حكومة الرئيس فولجنسيو باتيستا، وسارعت واشنطن بالاعتراف بالحكومة الجديدة وكان كاسترو الذي أصبح رئيسًا للدولة قد كلف إحدى الشخصيات البرجوازية "خوزيه ميرو كاردونا" برئاسة الحكومة، تفاديًا لإجراءات السياسة الأمريكية المعادية للشيوعية والاشتراكية، وسرعان ما بدأت العلاقات الأمريكية الكوبية بالتدهور عندما قامت كوبا بتأميم الشركات، وتحديدا شركة "الفواكه المتحدة".
أصبح "فيدل" عدو أمريكا الأول، وحاولت المخابرات الأمريكية اغتياله أكثر من 600 مرة، وفقًا لما قاله أحد الوزراء الكوبيين ولكنهم فشلوا في قتله.
أما راؤول الأكثر حنكة بحسب الآراء حوله، فقد لعب على الوتر الحساس، فكان لديه من المرونة الفكرية والسياسية ما مكنته من عزف نغمته الخاصة مع الولاياتالمتحدة، فيكمل طريقًا بدأه أخوه بأسلوب مغاير تمامًا، وبحيث أصبح في إمكان العالم اليوم الاستمتاع برقصة هافانا من توزيع الأخوين كاسترو، والتي كان أول الراقصين على نغماتها باراك أوباما نفسه.
فبعد خمسين عامًا من التوتر الحاد في العلاقات بين البلدين أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الكونغرس قبل أيام، قراره حذف كوبا مما يسمى باللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، في قرار يعتبر تأكيدًا على المرونة الفكرية لراؤول.
بدوره، كسر "فيدل كاسترو"، صمته الطويل، إزاء عملية التطبيع التي تخوضها بلاده مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، معلنًا عدم ثقته بالجانب الأمريكي، قائلًا في رسالة نشرت نصها صحيفة "غرانما" التابعة للحزب الشيوعي، "أنا لا أثق بسياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولم أتبادل معهم حديثًا".
كل من راؤول وفيدل، كان قطبًا متشددًا في يساريته وعدائه للولايات المتحدة، ووفقًا لآراء المحللين فإن راؤول كان الطرف الأكبر تطرفًا وثورية، ولكنه بمجرد أن تولى حكم كوبا عام 2008 أظهر قدرة مدهشة على انتهاج سياسات أكثر لينًا تجاه واشنطن، وكذلك اختراع قنوات دبلوماسية للتفاهم لم تكن موجودة قبلًا مع رئيس الدولة العظمى، وبما يمثل لونًا مختلفًا لأداء الإدارة الكوبية إزاء الولاياتالمتحدةالأمريكية بالذات.
وبدا الاختلاف بين الأخوين كاسترو تجاه علاقتهما بواشنطن منذ أن انطلق راؤول بخطاب مطول ضد الولاياتالمتحدة أمام مؤتمر قمة إقليمي سابق في بنما، للحديث عن الاغتصاب الأمريكي في حروب الاستقلال في القرن التاسع عشر إلى الحصار المستمر حتى الوقت الحاضر، ومن ثم غيّر الزعيم الثوري فجأة من هجومه، واعتذر.