كشفت مصادر قضائية عن خلاف بين قضاة محكمة النقض وقضاة محكمة الاستئناف، الممثلين داخل مجلس القضاء الأعلى، حول اختيار النائب العام الجديد، حيث يرى قضاة كل محكمة أحقيتهم فى أن يكون خليفة المستشار هشام بركات، النائب العام السابق، من المحكمة التابع لها، وهو ما تسبب فى تأخير الإعلان عن اسم النائب العام الجديد لمدة 50 يوماً، هى الفترة التى ظل فيها المنصب شاغراً منذ استشهاد «بركات». هذا الخلاف بين أعضاء «القضاء الأعلى» دفعهم إلى ترشيح 3 قضاة، وإرسال أسمائهم إلى رئيس الجمهورية لاختيار أحدهم لشغل منصب النائب العام، أحدهم عضو بمجلس القضاء الأعلى والنائب الثانى لرئيس محكمة النقض، وهو المستشار عادل الشوربجى، والثانى هو المستشار نبيل عمران، مدير نيابة النقض، والأخير المستشار زكريا عبدالعزيز عثمان، النائب العام المساعد رئيس نيابة استئناف القاهرة. الأسماء ال3 المرشحة تكشف حقيقة الخلاف بين «قضاة النقض» و«قضاة الاستئناف» على منصب النائب العام، فاثنان منهم نائبان لرئيس محكمة النقض، والآخر بدرجة رئيس بمحكمة الاستئناف، على الرغم من أن الدستور نص صراحة على أن يختار مجلس القضاء الأعلى قاضياً واحداً فقط لترشيحه لمنصب النائب العام وإرساله إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه فقط. المستشار رفعت السيد، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة الأسبق، قال إن المدة الزمنية لاختيار النائب العام، التى قاربت على الشهرين، تعد هى الأطول فى تاريخ اختيار النائب العام، مرجعاً ذلك للآلية التى أقرها الدستور الجديد والتى وضعت عبء الاختيار على مجلس القضاء الأعلى، بينما كان الاختيار فى السابق بيد رئيس الجمهورية، وبالتالى كانت السلطة التنفيذية تختار نائباً عاماً قريباً لها يستطيع أن يتماشى مع المواءمات السياسية، وهو الأمر الذى ظهر بوضوح فترة تولى المستشار طلعت عبدالله المنصب أثناء تولى جماعة الإخوان حكم البلاد، لافتاً إلى أن أقصى مدة كان المنصب يظل شاغراً خلالها كانت تصل إلى نحو 15 يوماً على الأكثر. «القضاء الأعلى» يقدم 3 مرشحين لخلافة «المستشار بركات».. والجميع فى انتظار «القرار النهائى» وانتقد «السيد» إرسال مجلس القضاء الأعلى لأسماء 3 قضاة لاختيار رئيس الجمهورية من بينهم، مشدداً على أن ذلك يعد سقطة قانونية ودستورية فادحة، حيث إن الدستور أعطى الحق لمجلس القضاء الأعلى فى اختيار مرشح واحد ويكون دور رئيس الجمهورية هو التصديق فقط على القرار، معتبراً أن تصرف مجلس القضاء الأعلى يعتبر منح رئيس الجمهورية سلطاته فى الاختيار، وهو الأمر الذى يعيد الأمور إلى الوراء ويعتبر تدخلاً من السلطة التنفيذية فى شأن قضائى خالص بالمخالفة لنصوص الدستور. وحول الخلاف داخل مجلس القضاء الأعلى والمكون من سبعة أعضاء 3 منهم من أعضاء محكمة النقض و3 من أعضاء محاكم الاستئناف، على اختيار منصب النائب العام من بين أعضاء النقض أو الاستئناف قال «السيد»: «هذا خلاف تاريخى وقائم منذ القدم، مرجعاً السبب فى ذلك إلى تصور خاطئ لدى بعض أعضاء محكمة النقض بأنهم أفضل من ذويهم فى محاكم الاستئناف» متابعاً: «هذا الوضع يشوه صورة القضاء بصفة عامة فى أعين الناس». وأوضح «السيد» أن عدد قضاة محاكم الاستئناف الذين ينطبق عليهم شروط الترشح لمنصب النائب العام يصل إلى نحو 5000 قاضٍ، بينما يصل العدد لنحو 400 قاضٍ فقط بالنسبة لقضاة النقض، حيث يشترط النص الدستورى اختيار النائب العام من بين نواب رئيس محكمة النقض والرؤساء بمحاكم الاستئناف، ومع ذلك فإن الغلبة كانت على الدوام لصالح قضاة محكمة النقض فى تولى منصب النائب العام منذ حقبة الستينات وحتى الآن. وسرد «السيد» أسماء النواب العموم السابقين الذين تولوا المنصب من أعضاء محكمة النقض والذين وصل عددهم إلى 8 وهم المستشارون حافظ سابق وعطية إسماعيل ومحمد عبدالسلام ومحمد ماهر حسن ومحمد عبدالعزيز الجندى وبدر المنياوى وماهر عبدالواحد وطلعت عبدالله، بينما تولى منصب النائب العام من محاكم الاستئناف، الذين وصلهم عددهم إلى 4 فقط، كل من المستشارين على نور الدين ورجاء العربى وعبدالمجيد محمود وهشام بركات. من جانبه، قال المستشار أحمد عبدالرحمن، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، إن التأخير فى اختيار النائب العام حتى الآن يرجع لعدة أسباب أهمها أن الاختيار يعد التطبيق العملى الأول لتولى مجلس القضاء الأعلى سلطة اختيار النائب العام بعدما كان الأمر ينحصر بيد رئيس الجمهورية وحده، فضلاً عن حالة الحداد التى كانت لا بد أن تتم على وفاة الشهيد هشام بركات، بالإضافة إلى تولى المجلس الجديد بأكمله مناصبهم بعد يوم واحد من وفاة النائب العام. ورفض «عبدالرحمن» إرجاع تأخير اختيار النائب العام لصراع داخلى بين أعضاء محكمة النقض ومحاكم الاستئناف داخل مجلس القضاء الأعلى، مشدداً على أن التنافس بين أعضاء النقض والاستئناف لا يصل إلى مرحلة الخلافات، مؤكداً أن المجلس سينتهى فى النهاية إلى اختيار ترشيح الأفضل لشغل منصب النائب العام، لما يحمله المنصب من حساسية شديدة ومنصب قضائى رفيع. وأشار إلى أن النص الدستورى أباح لمجلس القضاء الأعلى الموافقة على أكثر من نائب عام، بينما ترك التصديق على القرار لرئيس الجمهورية، بما يعطى المجال لرئيس الجمهورية فى الاختيار من بين الأسماء الثلاثة المرشحة للمنصب. وأوضح أن القرار الرئاسى سيُتخذ بعد الرجوع إلى الجهات السيادية، خاصة أن منصب النائب العام له بعد سياسى ولا بد من أن يقوم صاحب المنصب بالمواءمات السياسية بما يتوافق مع الرأى العام دون الإخلال بالعدالة، خاصة بما يملكه من حصانة تجعله غير قابل للعزل. وتابع: يُشترط فى الترشيح لمنصب النائب العام أن يكون حسن السير والسلوك وألا يكون قد حصل على تنبيه أو جزاء خلال فترة عمله، حتى لا تكون هناك أى نقاط سوداء تشوب المنصب الرفيع.