كان «صرخة فى وجه الرداءة» كما وصفه الشاعر فاروق شوشة، كان الشعر والشاعر فى قصيدة حملت اسمه فى قلوب جمهوره، فكسر من خلال أعماله ذلك الحاجز بين الواقع والخيال فخرجت كلماته واضحة معبرة لرؤية الحياة والحب، يتلاشى معها الإحساس بالحواجز الزمنية حين تلتحم بألحان كبار الملحنين ويشدو بها نجوم الغناء، وتظل موهبة بشير عياد لغزاً رغم رحيله بعد رحلة لم تتجاوز ال55 عاماً إثر إصابته بهبوط فى الدورة الدموية. مزيج غريب كوَّن شخصية الشاعر بشير عياد، تجول الشاعر الراحل بحرية شديدة بين السخرية والبراعة، والجمع بين الأصول العربية للكلمة والألفاظ الرصينة، اتخذ منبع كلماته ما بين الفصحى والعامية، ليستحق من خلالها لقب «الشاعر الموسوعى» كما أطلق عليه المقربون منه على خلفية ثقافته الواسعة بعد ما قدم مجموعة كبيرة من الدواوين الشعرية والأعمال النقدية والفنية. البداية كانت فى عام 1960 مع مولده فى مدينة كفر الشيخ بمحافظة البحيرة، فالطفولة هى المرحلة الأهم فى حياة الشاعر الغنائى، حيث خزن خلال تلك الفترة فى وجدانه عدداً كبيراً من الكلمات والأشعار الغنائية التى شكَّلت طريقه فى مراحل مقبلة، خاصة بعد تخرجه فى كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية عام 1982، ليلتحق بعدها بالعمل الصحفى فى مجلة «كاريكاتير» كان يرسم خلالها الفنان الراحل مصطفى حسين صورة المقال المصاحب لكلمات الشاعر الشاب فى ذلك الوقت، ليقول: «بدأت الكتابة الشجاعة عندما وجدت حماية من تلك الريشة»، مما فتح أمامى الباب فى العمل بالنقد الفنى والتعمق فى مجال الأدب والفن والكلمات، كما ساعده على بدء علاقات مع عدد من الملحنين والشعراء والفنانين ليدخل بعدها مرحلة جديدة يقدم فيها عدداً من الأعمال التى تغنى بها مجموعة من نجوم الغناء مثل على الحجار فى أغنية «جرى لنا إيه»، ومحمد الحلو «يا رب عفوك»، كما تعاون مع كبار الملحنين، وعلى رأسهم عبدالعظيم محمد وعمار الشريعى، ومنير الوسيمى وسامى الحفناوى، بالإضافة إلى كتابة قصائد عدد من البرامج الإذاعية والمسلسلات التليفزيونية. قطع الشاعر الراحل رحلة طويلة مع الكتابة سواء الصحفية أو الإبداعية، فبالرغم من عمله فى عدد كبير من الصحف والمطبوعات الصحفية، مثل «الثقافة الجديدة»، و«الكواكب»، و«أخبار الأدب»، و«الأهرام العربى». قضى حياته فى جمع تسجيلات نادرة عن كوكب الشرق أم كلثوم فيما أطلق عليه «مشروع حياته» فى موسوعة تضم معلومات فنية ومقالات نقدية وعن شعرائها وملحنيها فى سبعة مجلدات ضخمة بعنوان «جماليات النص الكلثومى»، أخذت منه ما يقرب من 18 عاماً لإعدادها، ليظل بعد رحيله حراً فى كلماته «كلما تشدو على غصن يمامة أنصتوا فى شدوها سحر تجلى.. نحن أطيار إلى يوم القيامة والذى لم تسمعه يزال أحلى».