يعتبر المرشدون المصريون أهم عنصر من عناصر نجاح قناة السويس، عقب إعلان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تأميمها عام 1956، حيث كان عدد المرشدين الذين يقومون بالإرشاد في القناة قبل التأميم 205 مرشدين، منهم 29 مرشدا مصريا تحت التدريب، و176 مرشدا أجنبيا، موزعين كالآتي: 61 فرنسيا، 54 إنجليزيا، 14 هولنديا، 11 نرويجيا، 11 يونانيا، ثلاثة بلجيكيين، ثلاثة دنماركيين، ثلاثة أمريكيين، ثلاثة سويديين، والبقية من جنسيات أخرى. وحسبما أفاد المهندس عبد الحميد أبو بكر، أحد الشباب الذين استعان بهم الزعيم جمال عبد الناصر في تأميم قناة السويس، في مذكراته، أن السفينة تحتاج لعبور قناة السويس في المتوسط خمسة مرشدين، على أساس متوسط عمل المرشد نحو 15 سفينة في الشهر، ومرشد احتياطي يحل محل المرشدين الأساسيين في الإجازات المرضية أو السنوية. وأشار أبو بكر إلى أنه يتضح مما سبق وجود نقص كبير في نسبة المرشدين المصريين إلى الأجانب المعينيين، بعد الاتفاقية التي وقعتها الحكومة المصرية مع الشركة المؤممة سنة 1949 فيما يختص بنسبة الموظفين المصريين إلى الأجانب، وهذا يرجع إلى الشروط التعسفية التي وضعتها الشركة بالنسبة لتعيين المرشدين المصريين، وكان من أهم شروطها أن يكون حاصل على شهادة ربان أعالى البحار، وله خدمة في البحر لا تقل عن 10 سنوات، وفي المفاوضات التي قام بها برهان سعيد وهو في إدارة الشركات عام 1955 في تخفيض المدة إلى ثماني سنوات، حيث إن معظم السفن المصرية حينها كانت لا تعمل في أعالي البحار، وبهذا أصبح من النادر وجود ربان مصري يحمل هذه الدرجة ليعمل مرشدا، إضافة إلى الشركة حددت سن المرشد بما لا يزيد على 35 عاما و كان هذا مستحيل بالنسبة للمصري فكانت الشركة تقوم بتعيين الأجانب لحين توافر المرشد المصري الذي تتوافر فيه كل هذه الشروط الصعبة أو المستحيلة في ذلك الوقت ولم يكن بين المرشدين سوى أربع مرشدين مصريين فقط في ذلك الوقت وهم القباطنة مصطفى علوي وإبراهيم الشيتي ويسري الأيوبي ومحمود سليمان. وكان نظام عبور السفن والإرشاد في القناة كالآتي، حيث كانت تعبر السفن القناة في 4 قوافل الأولى من بورسعيد وتبدأ عبورها الساعة الحادية عشر صباحا وتخرج من السويس في نحو الساعة الثالثة صباح اليوم التالي، الثانية من بورسعيد وتبدأ عبورها الساعة الحادية عشر مساء وتخرج من السويس نحو الساعة الثانية والنصف مساء، والثالثة من السويس وتبدأ عبورها الساعة السادسة والنصف صباحا وتخرج من بورسعيد الساعة السابعة والنصف مساء، والرابعة من السويس وتبدأ عبورها الساعة السادسة والنصف مساء وتخرج من بورسعيد الساعة الثامنة صباح اليوم التالي. كان موضوع المرشدين نظرا لأهميته الشديدة يطرح نفسه للنقاش كل ليلة، واستقر الرأي في النهاية على ضرورة دراسة عمليات المرشدين في القناة دراسة وافية، وقررت أن يقوم عبد الحميد أبوبكر وفؤاد بكر وعادل عزت بمرافقة المرشدين في رحلاتهم عبر القناة لدراسة الواقع على الطبيعة. وبدأت التجربة ورافق عبد الحميد أبو بكر ناقلة بترول سويدية من بورسعيد مع مرشد فرنسي ولاحظ أن من يقود السفينة هو قبطان السفينة وليس المرشد أثناء عبورها القناة ويظل المرشد على اتصال دائم بمكتب الحركة، وعقب عودته إلى الإسماعيلية اجتمع مع فؤاد وعادل وكانت ألغاز العمل في القناة تنكشف يوما بعد يوم، وكان تقدير الموقف بالنسبة للمرشدين يتلخص في إمكانية تخفيف الكثير من الشروط التعسفية التي فرضتها الشركة المؤممة لتعيين المرشدين السياحيين وضرورة الاستعانة بمرشدين من السلاح البحري والبحرية التجارية والاستعانة بمرشدين من دول العالم المختلفة. وعن الخطة التي بدأها فريق التأميم لحل أزمة المرشدين، الاتصال بالقائد العام للقوات المسلحة، وتوفير 12 ضابطا من سلاح البحرية و17 من ضباط البحرية التجارية، كما تم الاتصال باللواء يوسف حماد مدير مصلحة الموانئ والمنائر وطلب منه 6 من مرشدي هيئة إرشاد ميناء الإسكندرية، وحينما درسوا خلال 20 يوما طبيعة ميناء بورسعيد وعرفوا طبيع كل شبر فيه، والاتصال بوزارة الخارجية للإعلان في الصحف الإنجليزية والفرنسية وباقي صحف العالم عن حاجة القناة لمرشدين. وكان تدريب المرشدين الجدد صعب للغاية، وأقيم معسكر تدريبي لهم في بورسعيد، وتم الاتصال بالمصالح والمؤسسات الحكومية والشركات لانتداب الفنيين الذين يحتاج إليهم العمل.