«مونودراما» بعنوان «الرقص حرام» مضمونها، كما يقول الخبر، عن راقصة شهيرة «تعقد مقارنة بين طبيعة عملها الذى يُحرّمه الناس وما يرتكبه آخرون من جرائم لا يوصمون معها بالعار على الرغم من أنهم يتسببون فى إيذاء الآخرين بأفعالهم»، وهكذا تبدأ المغالطات التى لا بد من تصحيحها؛ فالحلال والحرام ليسا بيد الناس، وغير صحيح أن الجرائم التى تؤذى الآخرين لا توصم بالعار. عندما تصرّح راقصة بأنها تصوم وتصلى وترقص؛ لأن الرقص «لا عيب ولا حرام»، نفهم أن المسكينة لديها الإيمان لكنها لم تتعلّم دينها على وجهه الصحيح، هى محتاجة أن تفهم أن عليها الاختيار بين الاستقامة على دين الله وبين مواصلة الانكفاء وراء منطق الشيطان الذى يغرر بها حين يسوّغ لها الفتوى الضالة: «الرقص لا عيب ولا حرام»، ومع ذلك فأنا على يقين أنها لو ظلت على إيمانها وصلاتها وصيامها وإحسانها إلى الفقراء فلا بد أن يأتى اليوم الذى يشدها فيه حبل الإنقاذ لتتوب وتؤوب وتنال نصيبها من خزائن رحمة ربنا العزيز الوهاب. الذى يتدلى فى بئر أو يتسلق الوعر فى طرقات الجبال يربط خصره بحبل متين طرفه فى يد مشفق أمين يشده، حين الخطر، فلا يغرق المتدلى فى البئر، ولا يتوه الشاطح فى الجبال أو ينزلق متهشماً، هكذا أنظر إلى من يواظب على صلاته وعبادته مع ارتكابه حماقات وأخطاء القول والفعل، فالصلاة والعبادة تكون هى حبل الإنقاذ للمؤمن السادر فى فتنة الدنيا وزلات أهواء النفس ومكابرة الجدل والمِراء. يقف المؤمن يردد قنوت وتر العشاء مجدداً العهد أمام الله كل ليلة: «.. نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجُرك»، مما يدفعه إلى مراجعة نفسه، وحين يجد أنه لا يخلع ولا يترك صُحْبة الفُجّار يؤلمه ضميره ويصاحبه وخز النفس اللوامة، ثقيلاً موجعاً، فلا يعود يجد فى صُحبة الفجار أو أفعالهم ما كان يُمتعه أو يُسلّيه أو يُغريه، بعد قليل يجده الفُجّار ثقيل الظل ويجدهم غُلظاء؛ فلا ضحكهم يُضحكه ولا مداعباتهم تُلاطفه ولا انفلاتهم انطلاقه ولا تحللهم حُريّته؛ تشده صلاتُه إلى الاستقامة لابد، إن عاجلاً وإن آجلاً، فالله حليم صبور ينتظر الاستغفار ليغفر، والتوبة ليتوب، يطمئن عباده بأنه كتب على نفسه الرحمة، ويقول فى سورة غافر آية 53: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ} صدق الله العظيم. بعض العاملين بالمهن التى تُخالف الكثير من حدود الله، مثل التمثيل والرقص وخلافه، يتسابقون إلى أداء العُمرة وزيارة قبر الرسول الكريم، ونلمح نبرات التهكم على ألسنة المُعلّقين الزاعمين أنها رحلات مظهرية للشهرة والمباهاة.. .إلخ، وأقول: فليكن! إن المباهاة بالتقوى أفضل كثيراً من الجهر بالمعاصى، إن جيلى لايزال يذكر مظهريات نقيضة كان الحرص عليها من مفاخر العصر؛ مثل ديكور «البار» فى المنازل والبيوت «المسلمة»، وتقديم المشروبات المحرّمة كأمر عادى مُسلّم به، ورحلات الشتاء والصيف إلى أوروبا وأمريكا ومحاكاة أهلها فى الآثام، والتعجب لأن هناك من لا يزال يصوم ويصلى، وأتذكر فوراً الآية رقم 100 من سورة الإسراء: { قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا }.