استخدمت السلطات الإسرائيلية، في إجراء استثنائي، سلاح الاعتقال الإداري ضد يهودي متطرف، سعيا منها لإثبات تصميمها على التصدي لأعمال العنف اليمينية، وإسقاط التهم الموجهة إليها بالتساهل معها. ومنذ أمس، اعتقلت أجهزة الأمن الإسرائيلية 3 متطرفين يهود، وفي إجراء استثنائي، وضع ناشط يهودي متطرف يدعى مردخاي ماير (18 عاما) قيد الاعتقال الإداري. ويعد هذا أول اعتقال إداري منذ مقتل رضيع فلسطيني حرقا في هجوم استهدف منزله في شمال الضفة الغربيةالمحتلة، ويشتبه بوقوف مستوطنين متطرفين خلفه. والاعتقال الاداري الذي يتم بدون توجيه اتهام أو صدور حكم بحق المعتقل، بات ممكنا تطبيقه على يهود، إذا كانت الأدلة التي تم جمعها ضد المشتبه بهم غير كافية لتبرير فتح تحقيق قضائي تقليدي، أو إذا رفض هؤلاء الإجابة عن الأسئلة خلال استجوابهم. وبحسب القانون الإسرائيلي الموروث من الانتداب البريطاني، يمكن اعتقال مشتبه به ل6 أشهر من دون توجيه تهمة إليه، بموجب اعتقال إداري قابل للتجديد لفترة غير محددة زمنيا من جانب السلطات العسكرية. وتعد هذه هي المرة الأولى منذ سنوات عديدة، يصدر فيها أمر اعتقال إداري بحق يهودي متطرف، بحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة، إذ أن تطبيق الاعتقال الإداري كان محصورا بالفلسطينيين. وكانت الحكومة سمحت الأحد الماضي، بتطبيق الاعتقال الإداري بحق متطرفين يهود، وتحاول الأجهزة الأمنية في إسرائيل، الحفاظ على أقصى قدر من التكتم على تورط المتطرفين الثلاثة، في حرق منزل دوابشة في دوما، ما أثار غضبا في الضفة الغربية والعالم وحتى في إسرائيل، وإضافة إلى مقتل الطفل الفلسطيني، قتلت فتاة إسرائيلية بعد أن هاجم يهودي متشدد بسكين الأسبوع الماضي مظاهرة لمثليي الجنس. وينوه المسؤولون والخبراء، إلى وجود فروقات بين الجريمتين، مشيرين إلى أنهما تعبران عن تيار متطرف بأوجه ودوافع متعددة. ويقول كلود كلاين، أستاذ الحقوق في الجامعة العبرية، في القدس لوكالة "فرانس برس": إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يرغب بأي ثمن أن يظهر حزمه، لأن الإرهاب وصل إلى أبعاد لا تصدق الأسبوع الماضي. وبحسب كلاين، فإن على نتنياهو أن يدافع عن صورة إسرائيل في العالم التي تلطخت، وإثر مقتل الرضيع الفلسطيني، اتهمت حكومة اليمين المتطرف التي يقودها نتنياهو، والتي تضم أحزابا دينية ومتشددة تدعم المستوطنين بالتساهل إزاء التطرف اليهودي. وجدد نتنياهو، أمس، توعده اليهود المتطرفين بتطبيق القانون بصرامة، بما في ذلك عبر إخضاعهم للاعتقال الإداري، وقال نتنياهو، إن سياستنا هي عدم التسامح مطلقا مع الإرهاب أيا كان مصدره. ووقع وزير دفاعه يعالون، أمرا باعتقال مردخاي ماير من مستوطنة معاليه أدوميم، والذي تم اعتقاله على خلفية التحقيق في إحراق كنيسة الطابغة الأثرية المعروفة بكنيسة "الخبز والسمك"، قرب بحيرة طبرية شمال إسرائيل، في 18 يونيو الماضي. واعتقلت السلطات الإسرائيلية، إضافة إلى ماير، زعيم مجموعة يهودية متطرفة يدعى مئير أتينغر (23 عاما)، على خلفية التحقيق، إضافة إلى مستوطن آخر يدعى إيفيتار سلونيم، لكنهما ليسا قيد الاعتقال الإداري. بينما شككت وسائل الإعلام الإسرائيلية، في إمكانية وضع مئير أتينغر قيد الاعتقال الإداري، ومئير أتينغر هو حفيد الحاخام مئير كاهانا مؤسس حركة "كاخ" العنصرية المناهضة للعرب الذي اغتيل العام 1990. وفي بداية العام، منع من الإقامة لعام في الضفة الغربيةوالقدس، بسبب أنشطته، وفق ما أوضح متحدث باسم الشين بيت. وينتهج المستوطنون المتطرفون سياسة انتقامية تعرف باسم "دفع الثمن"، وتقوم على مهاجمة أهداف فلسطينية، وكذلك مهاجمة جنود في كل مرة تتخذ السلطات الإسرائيلية، إجراءات يعتبرونها معادية للاستيطان.