ليس من حق الإخوان ولا السلفيين «الزعل» من الأصوات التى أشبعتهم «تريقة» على هامش العدوان الغاشم الذى تمارسه الآلة العسكرية الإسرائيلية ضد غزة. من الطبيعى جداً أن يسمعوا من يذكرهم بشعار «خيبر خيبر يا يهود.. جيش محمد سوف يعود»، ومن البديهى أن يستنفرهم آخرون بالعبارة التى كان «يزعق» بها أحدهم فى ميدان التحرير، وترددها «الدقون» المحتشدة من ورائه قائلة: «على القدس رايحين.. شهداء بالملايين»! ليس من حق أولئك وهؤلاء أن يغضبوا ولو للحظة من لوم الآخرين لهم وسخريتهم منهم. فالإخوان والسلفيون رفعوا سقف التوقعات المتعلقة بالتعامل مع أى عربدة إسرائيلية جديدة -بلا حدود- لدى المصريين؛ لذلك فقد وقف الجميع يراقب عن كثب كيف سيتصرفون بعد مقتل «أحمد الجعبرى» وإعلان إسرائيل نيتها اجتياح غزة برياً، ليس فى مصر فقط، بل فى دول العالم المختلفة التى أصاخ أهلها السمع لوسائل الإعلام، لمعرفة رد فعل «مرسى» والإخوان، وطوابير السلفيين والجهاديين تجاه العدوان الإسرائيلى الجديد على غزة. لقد وعدنا الإسلاميون بأن ينفروا خفافاً وثقالاً، فرادى وجماعات، نحو القدس، من أجل تأديب جيش الاحتلال، وتحرير الأقصى السليب.. أليسوا القائلين: «الأقصى نادانا.. من سيعيد القدس سوانا»؟! ها هو الأقصى يصرخ يا إخوان.. وها هى القدس تنادى يا سلفيين، بينما أنتم مجرد لسان.. «لسان وبس»! ماذا فعلتم؟ احتشدتم فى مظاهرات، أحرقتم العلم الإسرائيلى، أمطرتم إسرائيل باللعنات، هتفتم بأرواح الشهداء، استدعيتم السفير المصرى من إسرائيل.. ما الجديد فى ذلك؟ لقد فعلها «المخلوع» من قبل، حين سحب السفير المصرى من تل أبيب، يوم كنتم تأتون ما تفعلونه اليوم: تظاهر وحرق علم ولعنة وهتاف. لقد كان الناس ينتظرون منكم ما هو أكبر بعد أن أصبحتم حكاماً للبلاد، لم يتوقعوا منكم أن تؤدوا بنفس طريقة «المعارضين».. «فوقوا.. أنتم الآن فى الحكم»! أين السقف العالى الذى كنتم تعدون بالوصول إليه.. أم وجدتم الخلود إلى الأرض أسهل؟! مشكلة الإسلاميين أنهم رفعوا العديد من الشعارات فى سبيل تحقيق حلم الحكم، وقد فوجئوا بأن حلمهم قد تحقق، وكان من الطبيعى أن يطالبهم من حولهم بأن يفوا بوعودهم، ويبروا بما أقسموا عليه، لكنهم وجدوا أنهم يعانون عجزاً واضحاً عن الوفاء بأى وعد، أو البر بأى عهد أو قسم، وكانت النتيجة أن اشتبك معهم الآخرون فى معركة «تريقة» و«تنكيت»، على الإسلاميين أن يقبلوها راضين، وإلا فعليهم أن يؤدوا بشكل مختلف، وليعلموا أن هناك معادلة جديدة تحكم مصر والإقليم المحيط بها، وليس بوسعهم سوى أن يؤدوا طبقاً لهذه المعادلة التى ملخصها «لا تنتظر كثيراً فى اتخاذ القرار حتى لا يفرضه عليك غيرك».. وصلت؟!