قال الشيخ عبدالفتاح مورو أحد مؤسسى حركة «النهضة» الإسلامية التابعة لجماعه الإخوان المسلمين فى تونس، إن الشعوب العربية لا تحتاج أن تُفرض عليها الشريعة بقانون من حاكم. ووصف فى حوار مع «الوطن» على هامش مؤتمر «الإسلاميون وتحدى السلطة»، الذى عقده منتدى الوسطية العالمى بالقاهرة، قبل يومين وترأسه منتصر الزيات، التيارات الإسلامية المصرية التى تنظم مليونيات وفاعليات للضغط على الجمعية التأسيسية والرئيس محمد مرسى لتطبيق الشريعة، بأنهم «متنطعون ومتعجلون». * بداية ما رأيك فى قضية تطبيق الشريعة؟ - الشريعة الإسلامية هى أصول وقيم ومبادئ عاشها المجتمع الإسلامى فترة طويلة ولا تحتاج الشعوب العربية أن تُفرض عليها الشريعة بقانون، وليس للحاكم أن يقننها إلا إذا رغب الشعب فى ذلك، والشريعة تتسع لتشمل كل قيم العدل والمساواة والإنصاف، والقوانين الموجودة حالياً فى الدول العربية راعت الشريعة فى نصوصها، أما الحدود التى يريد البعض تطبيقها فهى سياج يحوط بناء، فكيف نطبق الحدود دون أن يوجد البناء، والأمة هى التى تختار لنفسها الطريقة المناسبة لحماية حياتها، ومشكلتنا فى الدول العربية أننا ننتظر أن يأتى العدل من الحاكم لكن لم تسع الشعوب لتطبيقه. * ترفض بعض التيارات الإسلامية فكرة تداول السلطة وتعتقد أنها ستكون حكراً لها فقط، وبعضهم يعتقد أن تداول السلطة بين الإسلاميين وغيرهم نوع من الكفر؟ - عليهم أن يراجعوا أصول الشريعة والدين حتى يعلموا أن تداول السلطة ليس كفراً، والتساهل فى وصف الأشياء بالكفر ليس من الدين الإسلامى، وتداول السلطة هو تعاون بين أفراد المجتمع على أن يقيموا صرح العدل والاستقامة فى وطنهم. * ما رأيك فى بعض الفاعليات التى ينظمها بعض الإسلاميين للضغط على الرئيس مرسى والجمعية التأسيسية من أجل تطبيق الشريعة؟ - هؤلاء مستعجلون متنطعون لا يدركون أن سنة الطبيعة هى التأنى، وأن الذى يتزوج بامرأة لا يمكن أن يطلب منها أن تلد بعد شهرين، هؤلاء لم ينتظروا السنة الطبيعية التى خلق الله الكون عليها وسيكونون من الخاسرين. * وجدنا معهم جموعاً شعبية غفيرة، هل يعبر ذلك عن رغبة الشعب فى تطبيق الشريعة، أم أنها دغدغة مشاعر؟ - الشعوب فى العادة تنساق إلى كل ما يهيج مشاعرها، وتحتاج إلى من يرشد اختيارها ونحن نحتاج إلى عقل أكثر من احتياجنا إلى طفرة شعورية، وفى تاريخنا الطويل تحركنا بالشعور الذى غيب عنا العقل وآثاره، وعشنا الاستبداد ونحن تحت طفرة شعورية وكنا ندعو للحكام الظالمين بالبقاء والاستمرار من فوق منابرنا، آن لنا الآن أن نستيقظ من تلك الغفلة وأن نحكم عقولنا. * هل ممارسات بعض التيارات الإسلامية سبب فى تخوف الناس من تطبيق الشريعة؟ - أمر طبيعى؛ لأن من يقدم الإسلام ليس الكتاب والسنة فقط وإنما فهم الناس للدين، فإذا فهمناه بطريقة منغلقة تقصى الناس، ستجعلهم يخافون من الإسلاميين ومن الشريعة وحق لهم أن يخافوا. * نجد استغلال التيار الإسلامى لأوجاع الناس ولغة خطاب بأن الشريعة هى التى ستخلصهم من كل تلك الأوجاع والهموم والمشاكل؟ - لا أقول إن التيار الإسلامى يستغل، بل وجد حلاً جاهزاً سهلاً يقدمه للناس ليسكنهم، فيخاطبهم بضرورة تطبيق الشريعة، وعندما تسأله عن كيفية الحكم الذى يريد إقامته يعجز عن تقديمه. ومنذ 70 سنة نحمل شعار «الإسلام هو الحل»، لكن ما هو الإسلام الذى هو الحل، عندما تقول للناس الإسلام هو الحل كأنك تقول للمريض الطب هو الحل، هو مريض بمرض محدد فى مكان محدد بوقائع محددة ويحتاج إلى حل محدد، نحن ليس لدينا هذا الحل، فنقول الإسلام هو الحل. * لماذا لا نرى حتى الآن لدى التيارات الإسلامية الحاكمة خطة فعلية لقيادة الدولة؟ - السبب فى ذلك هو الثورة التى لم تستأذن عند قيامها، وهى من اختارت وقتها وصورتها وهذا الذى أربكنا وجعلنا دون خطة من الواقع. * نجد انخفاضاً فى شعبية الإسلاميين عامة والإخوان المسلمين خاصة بعد وصولهم للحكم فى مصر؟ - انخفاض الشعبية أمر طبيعى بعد الوصول للحكم، لأن نصف الناس أعداء لمن ولى الأحكام وإن عدل، فضلاً عن أن بعض الإسلاميين ليس لديهم التجربة الكافية لتجعلهم يصدرون حلولاً واقعية لمشاكل الناس. * هناك تخوفات من التيارات الإسلامية فى قضايا بعينها مثل حرية التعبير والفن وقضايا المرأة والطفولة؟ - من يتخوفون من الإسلاميين فى هذه القضايا لهم الحق فى ذلك؛ لأنها قضايا مستجدة لم يحسم فيها الإسلاميون أمرهم ويقولون فيها قولتهم الأخيرة فى شأنها. * كم يستلزم بناء المشروع الإسلامى كاملاً؟ - ضاحكاً.. يحتاج إلى 5 قرون، سألت السويسريين كيف أمكن لهم أن يقيموا هذا الصرح من دولة يتعايش فيها فئات مختلفة لا يجمع بينهم أمر، فقالوا نحن بدأنا منذ 5 قرون، لكن المشروع الإسلامى يحتاج إلى قرن واحد لنحققه كاملاً. * ما هى نصيحتك التى توجهها للتيار الإسلامى؟ - ينبغى أن يعلم الإسلاميون أنهم لن يظلوا فى الحكم إلى الأبد، وفى وقت ما سيكونون رعايا وسيتركون الحكم لغيرهم فيجب عليهم أن يحرصوا على أن يضمن الدستور حقوق جميع المواطنين.