الوزير «برَّه» بيقدم استقالته!

كان عنوان مقالى الثلاثاء الماضى الذى ردَّ عليه السيد/ وزير التجارة والصناعة أمس الأول هو: «بعد الفشل فى الصادرات الزراعية، نحاسب مين؟».. فى الوقت الذى وعدونا منذ 8 شهور، بأننا سنُصدِّر إلى روسيا وحدها بخمسة مليارات يورو (التصريحات منشورة فى كل وسائل الإعلام وارجعوا شوفوا على اليوتيوب والنت)!!
تصريحات ثبت أنها «فشنك».. للاستهلاك المحلى.. للضحك على الدقون.. كعادة معظم مسئولينا منذ 1952 حتى تاريخه.. واشرب يا شعب!!
الوزير (فى ردّه المنشور).. بدل ما يجاوب عن السؤال: نحاسب مين؟ غيَّر الموضوع، وهات يا تبرير، وعلَّق شماعات الفشل على الآخرين (أصل الروبل فى روسيا انخفض قيمته.. أصل ماعندهمش دولارات.. أصل أنا عملت اللى عليّا و.. و..) كعادتنا فى التهرب من المسئولية!!
وهنا نسأل السؤال الأول: روسيا اللى بتستورد مواد غذائية ب15 مليار يورو سنوياً.. يا ترى: ربطوا الحزام وبطّلوا ياكلوا.. أم أن هناك «تركيا» التى فازت بنصيب الأسد مع الصين وغيرها، بتوريدهم للبطاطس والبصل والخُضار، وباقى المنتجات الغذائية، ويا ترى يا هل ترى: دفعوا لهم إزّاى؟
السؤال الثانى: على أى أساس ضحكنا على الفلاحين، وعشِّمناهم يزرعوا بطاطس وبصل وخُضار، والنتيجة: البطاطس أكَّلوها للبهايم، والبصل أدمع عيونهم.. بعد أن أصبح مصيرهم وراء القضبان!! (كيلو البطاطس فى المزرعة ب30 قرش، والبصل ب50 قرش.. الفدان الواحد يخسر من 8: 12٫15 ألف جنيه) والبنوك لا ترحم.. أصل الدين + فوائد + غرامات ثم نيابة ومحكمة، وحكم بالحبس، والفلاحين تهرب.. وتهرب فين؟.. ليبيا: عندهم داعش.. السودان: أجارك الله، وإسرائيل: ما يصحش وما ينفعش!!
يا سيادة الوزير: لو كنت مكانك، لتقدمت باستقالتى.. ليه؟
1- سأخرج بشرفى من الوزارة (وسيادتك خارج خارج، إن عاجلاً أو عاجلاً) فأُرسى قاعدة معمول بها فى بوركينافاسو، وهى «الاستقالة» عند العجز عن المسئولية، وحتى لا أُحرج أحداً.. أكرر.. أحداً..!!
2- لا أُضيِّع على الوطن «فُرصاً»، غيرى يستطيع أن يُحققها.
3- يمكن بعد 10 سنين من إعمال قاعدة «الاستقالة الطوعية» تلاقى المسئول الفاشل بينتحر (زى المسئولين فى اليابان)، وساعتها أؤكد أن مصر هتتقدم بسرعة الصاروخ، وهيرجع الفضل لسيادتك!!
صباح الخير سيادة الرئيس:
مش عارف أقول لسيادتك إيه، أو أبدأ منين، ولاّ منين؟.. فالفم به ماااء غزير، والكلام بقى دمه تقيل!!
يا ريس: أنا مش مصدّق.. بعد كل هذا الفشل فى الصادرات، وبعد اللى جرى فى الزراعة، وحرث المحاصيل فى الأرض، والفشل الذريع فى التسويق محلِّياً وعالمياً، لا نُحاسب أحداً!!.. وكمان رايحين نزرع مليون فدان.. ليه؟.. سبق وشرحت لسيادتك تليفونياً، وعلى الورق وعلى الهوا: من غير دراسة جدوى تقول لنا:
«هنزرع إيه، وبكام، ولمين؟» مانقرّبش من الصحرا.. إوعى يا ريس تسمع كلام اللى بيشجَّعوك، لأنهم بيجاملوا سيادتك.. أو بيخافوا يقولوا الحقيقة.. (وسّع الدايرة يا ريس، واسمع رأى الأحرار الفاهمين، بعيداً عن الموظفين والمنافقين)!!
يا ريس: من غير دراسة جدوى واقعية.. ومن غير ما نسمع لأصحاب التجارب، ومن غير ما نعمل «نموذج» على خمسين ألف فدان، نستخلص منه الأخطاء والعبر، فنحقق لمشروع المليون فدان كل عوامل النجاح.. سنفشل فشلاً ذريعاً، وسيتحول الحلم إلى «كابوس»، وساعتها لن يقبل أحد «تعليق الشماعات».. ولكن سيُعلَّق أى مسئول فى ميدان التحرير واللى هيعلّقوا «أى مسئول» من رجليه، هُمّ الشباب.. الشباب» اللى «هنغرَّقهم» فى الرمال، ونغرزهم فى الطين (بحسن نية أكيد)، وحضرتك شايف «نوعيِّة» المسئولين.. فهل بهؤلاء الفشلة، وبدون حسابهم، ننجح فى مشروعات كبرى، ومكلفة جداً؟؟
يا ريس: من حقنا ومن واجبنا «أن نحلم»، .. (وأُمى علَّمتنى: أن أحلم بالسماء، لأصل إلى السحاب)، لكن الحياة علّمتنى: «أن الحلم لا يتحقق على أرض الواقع، إلاّ إذا وفّرتُ له كل مقومات النجاح».. فأين هى مقومات نجاح هذا المشروع؟
يا ريس أرجوك: حاسب المسئول.. «كل مسئول» عن خراب بيوت المزارعين، قبل أن يأتى اليوم (وقد اقترب) أن يُصبح الفلاح «نقشاً» على جدران المتاحف، راكعاً يدعو على كل من تسبب فى فنائه.. «فنائه» بعد 6 آلاف سنة من حضارة قامت على الزراعة.. اسمعوا النصيحة قبل ما نقول: يا ريت اللى جرى ما كان!!
ونستكمل بعد الإجازة.. إلاّ إذا الوزير تكرّم بالاستقالة.. سأقطع إجازتى «لأشكره».. «وسأرفع له القُبعة من باريس» حيث أوجد الآن، لغسيل عينى وأُذنى، لتنضيف دماغى، للطيران فى سماء العالمية، بعد أن استغرقنا فى المحلية (وانعزلنا عن العالم)، ولأستمع لأصدقاء المهجر ويسمعون منى!!