يهل رمضان ومعه يطل صموئيل مرقص جرجس بائع المشروبات الرمضانية، بزيه الزاهي المميز و"قدرته" المزركشة، يعرفه جميع أهالي منطقة البصري والوحدة، فينتظرونه كما ينتظرون قدوم الشهر الكريم، فالإفطار لا يحلو بدون مشروبات "صموئيل". يستعد صموئيل، لرمضان بأجود أنواع العرقسوس والتمر هندي، الذي يحترف عملهم منذ نحو 21 عاما، قائلا: "في رمضان الحاجة لازم تبقى مية مية، الناس بتقولي حاجتك حلوة، ببل العرقسوس من الصبح وعلى الظهر بصفيه عشان يكون طازة، ووقت المغرب بستنى الناس وهي راجعة على الفطار بديهم العرقسوس، واللي يديني فلوس مش برضى أخد منه، لأن دي حاجة لوجه الله.. إحنا كلنا أخوات مفيش فرق بينا". صوت صموئيل ومواويله الشعبية لعبت دورا كبيرا في تميزه عن باقي أقرانه من بائعي المشروبات الرمضانية المتجولين، الأمر الذي جعل الرجل الخمسيني مصدر احترام وإعجاب وطلب من الجميع من أصحاب الأعمال والشركات، ممن أرادوا خلق جو رمضاني مميز للعاملين لديهم، ويقول صموئيل "في رمضان بيجي ناس من أصحاب الشركات، يطلبوني بالاسم زي ما أنا كده بقدرة العرقسوس عشان أشرب الناس اللي شغالين معاهم عرقسوس ساعة الفطار، وبعد الفطار برجع البيت وبكون مبسوط". رغم تخطية 50 عاما، إلا أنه ما زال يحتفظ بلمسة من براءة وخجل الطفولة، ويشعر بالحرج في أبسط المواقف الإنسانية فتأبي ذاكرته نسيان ذلك الموقف، ففي أحد أيام رمضان وقت آذان المغرب بينما يستعد للعودة إلى منزله، أوقفه أحد الأشخاص يدعوه للإفطار، وبمجرد ابدائه علامات الرفض والامتنان للرجل، فوجئ به يحمله لأعلى حيث تنتظره أسرته على الإفطار.