رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 17 مايو 2025 (الأخضر بكام؟)    مجلس النواب الليبي: حكومة الدبيبة سقطت سياسيًا وشعبيًا ونعمل على تشكيل حكومة جديدة    رويترز: إدارة ترامب تعمل على خطة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    تشيلسي يهزم مانشستر يونايتد بهدف نظيف في الدوري الإنجليزي    «جلطة وهبوط في الدورة الدموية».. إصابات جماهير الإسماعيلي بعد الخسارة في الدوري    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    حريق هائل في عقار بالعمرانية.. والحماية المدنية تُسيطر    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    عقوبة التهرب من دفع نفقة الزوجة والأبناء وفق القانون    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    قرار عودة اختبار SAT في مصر يثير جدل أولياء الأمور    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    ترامب والسلام من خلال القوة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مجلس الدولة الليبى يعلن سحب الشرعية من حكومة الوحدة الوطنية.. الهند تدرس خفض حصة باكستان من مياه نهر السند.. بلومبيرج عن جولة ترامب الخليجية: كأنه فى بيته    أخبار × 24 ساعة.. فرص عمل للمهندسين فى السعودية بمرتبات تصل إلى 147 ألف جنيه    برا وبحرا وجوا، الكشف عن خطة ترامب لتهجير مليون فلسطيني من غزة إلى ليبيا    أسعار الفراخ البيضاء وكرتونة البيض اليوم السبت في دمياط    الزراعة تكشف حقيقة نفوق الدواجن بسبب الأمراض الوبائية    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات اليوم بالدوري المصري، أبرزها موقعة الأهلي والبنك    أكرم عبدالمجيد: تأخير قرار التظلمات تسبب في فقدان الزمالك وبيراميدز التركيز في الدوري    أحمد حسن يكشف حقيقة رحيل ثنائي الأهلي إلى زد    موعد مباراة توتنهام القادمة عقب الهزيمة أمام أستون فيلا والقنوات الناقلة    غاب رونالدو وانتهى حلم النخبة.. النصر يتعثر بتعادل والهلال ينتصر بصعوبة على الفتح    عيار 21 الآن يعود للارتفاع.. سعر الذهب اليوم السبت 17 مايو في الصاغة (تفاصيل)    عالم مصري يفتح بوابة المستقبل.. حوسبة أسرع مليون مرة عبر «النفق الكمي»| فيديو    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    «عدم الخروج إلا للضرورة لهذه الفئات».. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: ذروة الموجة الحارة    بسبب خلافات الجيرة.. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين أبناء عمومة بجرجا    غرق طالب بترعة الكسرة في المنشاة بسوهاج    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    الصين تتصدر قائمة أكبر المشترٍين للنفط الكندي في ظل توترات التجارة    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    السفير محمد حجازى: غزة محور رئيسي بقمة بغداد ومحل تداول بين القادة والزعماء    المنشآت الفندقية: اختيار الغردقة وشرم الشيخ كأبرز وجهات سياحية يبشر بموسم واعد    النمر هاجمني بعد ضربة الكرباج.. عامل «سيرك طنطا» يروي تفاصيل الواقعة (نص التحقيقات)    أجواء مشحونة مهنيًا وعائليا.. توقعات برج العقرب اليوم 17 مايو    «صابر» يعبّر عن التراث الصعيدى ب«سريالية حديثة»    بعد 50 عامًا من وفاته.. رسالة بخط سعاد حسني تفجّر مفاجأة وتُنهي جدل زواجها من عبد الحليم حافظ    داعية يكشف عن حكم الهبة لأحد الورثة دون الآخر    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    طب الأزهر بدمياط تنجح في إجراء عملية نادرة عالميا لطفل عمره 3 سنوات (صور)    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    يوم فى جامعة النيل    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    قداسة البابا تواضروس يستقبل الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم بوادي النطرون (صور)    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    الأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة "الفردوس" للأطفال    حبس بائع تحرش بطالبة أجنبية بالدرب الأحمر    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم الجمعة 16-5-2025 في سوق العبور    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغش الجماعى: أزمة أم عرض؟
نشر في الوطن يوم 11 - 06 - 2015

طالعتنا الصحف مع أول امتحانات الثانوية العامة بخبر نشر امتحان اللغة العربية على الصفحات المنشأة خصيصاً لتسريب امتحانات الشهادات العامة. وظاهرة الصفحات الإلكترونية المخصّصة للغش، التى تحمل أسماءً مثل «بلوتو» و«غشاشون فدائيون» و«بردو (مكتوبة هكذا) هانغش» عرفتها مصر منذ عدة سنوات، ودخلت السياسة أحياناً على مسمياتها، كما حدث عندما اتخذت إحداها، فى ظل حكم محمد مرسى اسم «الحارة المزنوقة». وعلى الفور حدث استنفار فى وزارة التربية والتعليم، وتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات داخل اللجان لمنع تكرار التسريب، لكن سواء مرت باقى الامتحانات بسلام أم لا، فإن ظاهرة الغش فى الامتحانات تستحق التوقف أمامها بمنتهى الجدية، فلا تطوى صفحتها بمجرد انتهاء مولد الثانوية العامة، انتظاراً لمفاجآت جديدة فى العام المقبل.
بداية، عندما نتكلم عن هذه الظاهرة، فإننا نشير إلى عالميتها، وشخصياً هالنى وأنا أتجول بين صفحات الإنترنت للبحث فى الموضوع أن دولة عظمى مثل الصين خصصت طائرة من دون طيار لرصد أى إشارات تصدر من داخل لجان الامتحان أو خارجها، بما يمكن الطلاب من الغش! وفى الهند المعروفة بتطورها فى مجال التقنيات والبرمجيات انتشرت صورة لعشرات الأهالى يتسلقون سُور إحدى المدارس لمساعدة أبنائهم فى الامتحان، على نحو أعجز الأمن عن احتواء الموقف! لكن ذيوع الظاهرة عالمياً لا يُكسبها شرعيتها، خاصة أن لها أثمانها الاجتماعية الفادحة. وفيما يخص الحالة المصرية فأول ما يلفت النظر فيها هو التطور المذهل لظاهرة الغش من مجرد عمل فردى، إلى فعل جماعى داخل اللجان، إلى تشكيل روابط فى الفضاء الإلكترونى تتحدّى سلطة الدولة وتهزم قدرتها على مجرد تنظيم امتحانات لعدة آلاف من الطلاب. تقفز تلك الروابط على العلاقة بين الوزارة المعنية وبين الطلاب وتقيم معهم علاقة مباشرة على طريقتها، تتلقى الشكر منهم متى نجح التسريب كما حدث فى امتحان اللغة العربية قبل أيام، وتطولها سخريتهم المؤلمة متى فشلت فى انتهاك سرية الامتحان كما حدث مع مادة الميكانيكا فى عام 2013، حين علق بعضهم على هذا الفشل بالقول: «النهارده وصمت (كُتبت هكذا) عار على جبين الغشاشين!». روابط تجتمع على تأسيسها ودعمها ونشر بياناتها مصالح بعض الطلاب والمدرسين والمراقبين وأيضاً المعارضين السياسيين، ومثل هذا التشابك يوضح مدى تغلغل الفساد فى قطاعات وشرائح مجتمعية مختلفة، هذه واحدة. الأخرى أن الظاهرة التى نتناولها لا تقتصر فقط على التعليم المدنى، لكنها تمتد، وهذا أدهى إلى التعليم الدينى أيضاً، ومن متابعات الصحف خلال هذا الأسبوع وحده نقرأ عن الغش الجماعى فى عدة معاهد للثانوية الأزهرية، لا بل تورط رئيس منطقة تعليمية ورئيس لجنة وعدة مراقبين فى تسريب مادة الحديث، وهذا لا معنى له إلا أن هؤلاء قد التمسوا لأنفسهم من الأعذار الشرعية ما يحلل لهم فعل الغش ويسوغه، وبمثل تلك المزاجية فى التعامل مع النصوص الدينية سوف يعتلى هؤلاء المنابر ليحللوا ويحرّموا على هواهم وتبعاً لمصالحهم، وبالتالى فقبل أن نتحدث عن أهمية تجديد الخطاب الدينى وفائدته، علينا أن نسأل أنفسنا أولاً عن موضع الدين فى خطاب أمثال هؤلاء. والثالثة أن ضلوع الأهالى فى إعانة أولادهم على فعل الغش يكشف عن وجه آخر من أوجه الازدواجية الأخلاقية التى تمارسها تلك الأسر بامتياز، فالأرجح أن الأهالى الذين لا يَرَوْن أى غضاضة فى ترديد إجابات الأسئلة على مسامع أبنائهم عبر مكبرات الصوت خارج اللجان تميزهم صرامة ملحوظة فى مواجهة مظاهر أخرى للانحراف السلوكى لأبنائهم، كالكذب والسرقة، وكأن الغاية أصبحت معيار الحكم على الفعل قبولاً ورفضاً. هنا نلحظ أيضاً أن هذا التشوّه الأخلاقى لا يطال الجيل الذى لم يدرك العشرين من عمره، لكنه يمتد إلى ما قبل ذلك بنحو ثلاثين عاماً.
إن هذه الظاهرة تستوجب اهتماماً على أعلى مستوى يتجاوز التعامل معها كمرض، إلى النظر إليها كأحد أبرز أعراض تشوه العملية التعليمية، أما الأعراض الأخرى فتشمل مضمون المادة التعليمية ووسائل التعليم، وبالطبع طريقة التقويم. ومن هنا فإن الأمر يحتاج إلى جهد مؤسسى متواصل يتم فى إطار المجلس القومى للتعليم، وينفتح على مساهمات تربويين وعلماء اجتماع وسياسة، للبحث فى كيفية إعادة التعليم إلى المدرسة وعندما يعود التعليم سيعود الطالب، وعلى هامش هذا الهدف المحورى من المهم التفكير فى تطوير أسلوب تقييم الطلاب من الاعتماد الصرف على نتيجة الامتحان إلى تكليف الطلاب بأنشطة بحثية على مدار العام وانتداب مدرسين من خارج المدرسة، لإجراء اختبارات شفهية وتغيير شكل الامتحان النهائى نفسه باستمرار، مع تغليظ عقوبة الغش والالتزام بتطبيقها. إن بين يدى أكثر من رسالة جامعية فى كليات التربية أعدت من سنين وتناولت جوانب مختلفة لظاهرة الغش: أسبابها وأشكالها وسبل مواجهتها، ولست متأكدة من أن تلك الرسائل وجدت طريقها للاهتمام، وأظن أن الاستعانة بها والتواصل مع معديها فيه فائدة. وفى كل الأحوال فإنه من دون الإيمان بأنه لا تنمية دون تعليم سوف يظل الغش مجرد ظاهرة نطاردها عاماً تلو عام، فننجح مرة ونفشل أخرى، فيما يبقى حال التعليم على ما هو عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.