يوم حار في الخليج العربي، حيث منتصف الصيف في شهر أغسطس، تستعد الطائرات الحربية الرابضة أعلى مدرجات المطارات في العراق إلى الإقلاع، في الوقت نفسه يرتدي الدبلوماسي العراقي طارق عزيز حلته ويتجول في أروقة الأممالمتحدة ليقود المفاوضات مع الغرب حول تسوية الحرب التي عُرفت فيما بعد باسم "حرب الخليج الثانية" أو حرب الكويت عام 1990. أصبح منذ ذلك الحين اسم طارق عزيز متداولًا في وسائل الإعلام العالمية، وزيرًا لخارجية العراق في عهد صدام حسين، خاصة بعد الموقف الذي اتخذه عندما رفض قبول رسالة تحذر من حتمية الحرب وجهها الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب لصدام حسين، خلال اجتماعه في جنيف مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر. ميخائيل يوحنا، المولود عام 1936 بالقرب من مدينة الموصل في شمال العراق لأسرة كاثوليكية كلدانية متواضعة، حيث كان يعمل والده نادلًا في مطعم، كان المسيحي الوحيد في قيادات نظام صدام حسين، بعد أن أصبح اسمه طارق عزيز، وهو نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، ووزير الخارجية الأسبق وواحد من أشهر مسؤولي حكومة صدام حسين على الصعيد الخارجي. بدأت علاقة "ميخائيل يوحنا" بصدام حسين في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي من خلال عضويتهما بحزب البعث الذي كان محظورًا في ذلك الوقت، وكان يمارس العمل السياسي السري بهدف الإطاحة بالنظام الملكي المدعوم من بريطانيا، ودرس "ميخائيل" الأدب الإنجليزي في جامعة بغداد وتولى مهام إعلامية في الانقلاب الأول لحزب البعث عام 1963 والذي دام عشرة أشهر فقط، حيث عمل في الجهاز الإعلامي التابع للحزب وخلال هذه الفترة غيَّر اسمه إلى طارق عزيز. طلاقته في الإنجليزية وولاؤه المطلق للرئيس الراحل صدام حسين، كانا السببين الرئيسيين في قربه من النظام العراقي السابق، حيث عين عزيز وزيرًا للخارجية في عام 1983، حيث نجح خلال فترة قصيرة في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة بعد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي حينذاك رونالد ريجان في البيت الأبيض عام 1984 بعد قطيعة دامت أكثر من 17 عامًا، كما عين وزيرًا للإعلام في عام 1970، ونجا من محاولة اغتيال في عام 1980. عاد اسمه من جديد يتصدر وسائل الإعلام قبيل الغزو الأمريكي على العراق، في عام 2003، وبعد انتهاء الحرب بسقوط بغداد أصدرت القوات الأمريكية قائمة بأسماء 55 شخصية مطلوبة من مسؤولي نظام صدام حسين وكان ترتيب "عزيز" الثالث والأربعين، وسلَّم نفسه للقوات الأمريكية بعد شهر من احتلال العراق. في عام 2010 أصدرت محكمة عراقية حكمها على طارق عزيز بالإعدام بعد إدانته باضطهاد مجموعات دينية، وكان قد سبق أن حكم عليه في العام السابق بالسجن 15 عامًا لإعدامه 42 تاجرًا عراقية اتهموا بالتلاعب في أسعار الغذاء بينما كان العراق تحت عقوبات دولية، ليتوفى اليوم في أحد السجون العراقية بعد تردي حالته الصحية، عن عمر ناهز ال79 عامًا.