عزز تنظيم "داعش"، قبضته على مساحة واسعة من الأراضي الممتدة على جانبي الحدود العراقية والسورية، بعد سيطرته على آخر معبر حدودي بين البلدين، غداة الاستيلاء على مدينة تدمر التاريخية الآثرية في وسط سوريا. على جبهة أخرى، وبعد نحو شهر تقريبا من سيطرتهم على مدينة جسر الشغور في محافظة أدلب (شمال غرب)، سيطر مقاتلو جبهة النصرة وكتائب إسلامية اليوم على المشفى الوطني، حيث كان يتحصن 150 جنديا ومسلحا مواليا للنظام. وخسرت قوات النظام، آخر المعابر مع العراق بعد سيطرة تنظيم "داعش" مساء الجمعة على معبر الوليد الحدودي المعروف بمعبر التنف في البادية السورية، وجاءت سيطرة التنظيم على المعبر وفق المرصد "عقب انسحاب قوات النظام منه". وبذلك، باتت كل المعابر الحدودية مع العراق خارج سلطة النظام، إذ يخضع معبر البوكمال في ريف دير الزور (شرق) الواصل بين مدينتي البوكمال السورية والقائم العراقية لسيطرة التنظيم أيضا، فيما يخضع معبر اليعربية (تل كوجر) في الحسكة (شمال شرق)، والذي يربط بين بلدتي اليعربية السورية وربيعة العراقية، لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية. وخسر النظام مطلع أبريل، معبر نصيب الحدودي مع الأردن في محافظة درعا (جنوب)، بعد سيطرة مقاتلي جبهة النصرة وكتائب إسلامية على المنطقة. وفتحت سيطرة التنظيم الجهادي، الخميس، على مدينة تدمر الأثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي والواقعة في محافظة حمص (وسط) له الطريق نحو البادية وصولا إلى الحدود العراقية حيث معبر تنف، وتمكن من الاستيلاء على عدد من النقاط والمواقع العسكرية في المنطقة. وقال المرصد في بريد إلكتروني، اليوم، إن "تنظيم داعش سيطر على محطة (ت 3) الواقعة في ريف تدمر، عقب انسحاب قوات النظام والمسلحين الموالين لها منها". ويستخدم فوج من حرس الحدود هذه المحطة المخصصة أساسا لضخ النفط على خط كركوك بانياس كمقر عسكري، وفق المرصد. وتشهد منطقة تدمر اشتباكات بين قوات النظام والجهاديين منذ 13 مايو، وسيطر التنظيم قبل الوصول الى تدمر على بلدة السخنة وعلى حقلي الهيل والأرك للغاز وقرية العامرية. أفاد المرصد، اليوم، عن سيطرة التنظيم على حقل جزل للغاز بالقرب من حقل شاعر في ريف حمص الشرقي، بعد اشتباكات استمرت ثلاثة أيام وتسببت بمقتل 48 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها. ويشكل حقل جزل امتدادا لحقل شاعر الذي لا يزال خاضعا لسيطرة قوات النظام، بحسب المرصد. وبات تنظيم "داعش" يسيطر على الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا، فيما تسيطر وحدات حماية الشعب الكردية على حقول رميلان في ريف الحسكة. ووفق المرصد، بات التنظيم يسيطر اليوم على أكثر من 95 ألف كلم مربع من المساحة الجغرافية لسوريا، أي ما يوازي نصف مساحة البلد وإن كانت هذه المساحة لا تضم الغالبية السكانية. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لوكالة "فرانس برس"، إن سيطرة التنظيم على نصف مساحة سوريا تعني أن النظام لا يمسك إلا ب22% فقط من المساحة المتبقية، فيما تخضع المناطق الأخرى لسيطرة فصائل المعارضة أو جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المتحالفة معها. وأضاف "بالنسبة إلى التنظيم، حتى لو استولى على مناطق قليلة الكثافة السكانية لكن ذلك يعني أنه بات يسيطر اليوم على مساحة جغرافية مهمة تمكنه من تهديد عمق سوريا كحمص ودمشق"، اللتين تعدان من أبرز معاقل النظام. وبحسب مدير مركز "آي إتش إس جاينز" للبحوث عن الإرهاب وحركات التمرد ماثيو هنمان، يمكن لتنظيم "داعس" أن يستخدم مدينة تدمر "لشن هجمات باتجاه حمص ودمشق". في شمال غرب سوريا، سيطرت جبهة النصرة وفصائل إسلامية على المشفى الوطني عند الأطراف الجنوبيةالغربية لمدينة جسر الشغور بشكل كامل بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لهم الذين كانوا محاصرين في الداخل منذ سقوط المدينة قبل نحو شهر. وقال عبدالرحمن، إن العشرات من المحاصرين تمكنوا من الفرار، بينما قتل عدد من عناصر قوات النظام داخل المشفى وخارجه، وتم أسر غيرهم، ولم يعرف مصير الآخرين. ونقل التلفزيون السوري، من جهته، عن مصدر عسكري، قوله إن جنوده تمكنوا من فك الطوق عن المشفى، بعد أن سطروا أروع ملاحم البطولات والصمود، وأشار إلى أن أبطال مشفى جسر الشغور تمكنوا من الوصول بأمان إلى أماكن تمركز قواتنا. وبث حساب رسمي لجبهة النصرة على موقع تويتر صورة للمشفى، وبدا مدمرا ومهجورا، بينما مسلحون يدخلونه، وجاء في التعليق "فرار جنود الجيش النصيري من مشفى جسر الشغور، والمجاهدون الآن يطاردونهم وينصبون لهم الكمائن". سياسيا، يبدو أن التطورات الأمنية المتسارعة حركت مجددا المبادرات الدبلوماسية.