أقرأ لأن قلبي يشتاق للحروف وللورق، لاحتضان الكتب بين أصابعي، أشعر بسعادة تجتاح روحي في كل مره أذهب إلي المكتبة، أُنهي كل مااحمله من نقود بدون أن أفكر للحظة "هل تبقى معي ثمن العودة للبيت؟"، كل ما أفكر به هو "كيف سيكون الكتاب؟ وكم سنحتضن بعض؟ وكيف سيمضي وقت قبل أن أنتهي منه؟"، أحيانًا أو ربما دائمًا أختار من رفوف كتبي شئ عشوائي لينتشلني من وحدتي أو بكائي، أضع رأسي فيه حتي ينتهي وينتهي معه كل ما يؤلمني؛ فأشعر أن الحروف تلطف علي قلبي لتُضفي عليها سحر لا يمتلكه أي شخص. أتذكر جملة كتبها أحمد خالد توفيق:" القراءة بالنسبة لي نوع رخيص من المخدرات، لا أفعل بها شيئاً سوى الغياب عن الوعي."، هذه الجملة تمثلني عندما قرأت يوتوبيا وقفت أمامها كثيرًا، فأنا لا أمل من شراء الكتب، أشعر بنقص في سعادتي عندما أبتعد عن القراءة، لأعود مثل المجنونة ألهث لأحتضن الأحرف في شوق كبير ألتهم الكثير والكثير ثم أقف لأعد الضحايا التي سقطت عقب أغتيالي لها، فعروقي بعد القراءة تمتلئ وتتضخم معلنه الأكتفاء، ولكن من يحب لا يعرف للأكتفاء سبيل، كذلك نحن المجانين العاشقين للكتب لا نعرف الأكتفاء؛ فتجدونا نستنشق رائحة الورق في سعادة لا نهاية لها، ولو كانت الكتب التي تولد القراءة رجلًا "والله لتزوجته"، وأخبرته أنني أعشقه. أذكر مره جيدًا إنِّي أخرجت رواية من مكتبتي لأحد أصدقائي وأعادها لي مخططة بالحبر الأزرق، يومها بكيت بكاء لم أبكيه علي أي شئ، شعرت أن جزء من روحي أنتهك.. أصابه مكرووه.. ولن يعود كما كان، لم نتحادث من يومها، قطعت علاقتي به؛ لأن من لا يعرف كيف يحافظ علي الكتب، وكيف يحتضنها، وكيف يجملها ويضيف عليها من روعته.. لن يكون صديق جيد، فقال ذات مرة: "لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة.. القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقا". كلماته هذه حفظتها عن ظهر قلب: "حياة واحده لا تكفيني؛ في كل رواية أعيش عمر آخر، وحكاية أخري أنتظر معرفة نهايتها في شوق، تبكيني.. تضحكني.. تحتضنني عندما تلمس شئ نبض فيَّ"، أو موقف مشابه مر علي حياتي، فمع كل كتاب، وبرغم أني لست من هواة قراءة الكتب، أخرج بأطنانًا من المعلومات التي لا تُعد، ولا أكتشف أنني أكتسب معلومات غير في مواقف ونقاشات مختلفة، فوحدي اقرأ لأجل حب يجمعني باحتضان الكتب ومراقبة عيني وهي تركض وراء الأحرف، اقرأ لأبكي وأضحك وأصرخ وأرفض نهاية كُتِبت، اقرأ لأكتسب خبرات وعمرًا لا ينتهي، اقرأ لأكون أنا فقط، لأختلف وأتميز، لأنني قرأت كثير وعرفت كثيرًا، اقرأ لأجل ذاك الرجل الذي دخلت عليه مكتبه وأنا طفله لم تتجاوز العاشرة من عمرها، ووجدته يحتضن مجلد تتعدي صفحاته الألف ورقة وكان في منتهي سعادته، وأخبرني يومها أن القراءة نبض لا ينتهي.. تميُز لا يصل إليه السفهاء، اقرأ لأنني اشتقت أن أرى جدي يحتضن كتاب بين يديه رحمه الله كان رائع لأنه قرأ عمر بأكمله!.