كنت أعتقد دائماً -وما زلت- أن اختيار الأشخاص هو العنصر الحاكم الذى يقود إلى النجاح أو يؤدى إلى الفشل، هذه القاعدة -من وجهة نظرى- تنطبق على الأفراد، المؤسسات، والدول. اختيار شريك حياتك، إما أن يوفر لك السعادة والأسرة الناجحة وبالتالى أسباب النجاح فى عملك وعلاقاتك -إذا أحسنت الاختيار- أو عكس ذلك كله إذا أسأت الاختيار، ابحث عن الفرق بين المؤسسات «شركات أو بنوك» الناجحة المستقرة التى تحقق نمواً وأرباحاً مطردين وتلك التى تتراجع نتائجها وتعج بالمشاكل وستجد رأس الهرم الذى يجلس على عجلة القيادة يحدد الأهداف والسياسات ويختار الكفاءات ويراقب النتائج، على مستوى الدول أدعوك أن تنظر إلى الفروق الكبيرة بين تأثير حكم رئيس مثل مهاتير محمد على بلده وشعبه وآخرين دفعوا بشعوبهم إلى الربيع العربى. إذن مفتاح النجاح يكمن فى الاختيار، اختيار المسئولين فى المناصب والمواقع المهمة فى الدولة، مثل الوزارات والمحافظات والمجالس المحلية والمستشارين، وكذلك اختيار القيادات فى مواقع الإنتاج المختلفة، التى تشمل مؤسسات الدولة بكافة أشكالها وأنواعها، وهؤلاء بدورهم هم من يقومون باختيار المستويات الإدارية التالية فى الهرم الوظيفى وهكذا، وبناء على هذا الاختيار تأتى النتائج أو تأتى الإحباطات. السؤال هنا هو: كيف يتم الاختيار؟ وما المعايير؟ هل هناك مواصفات يتم وضعها مسبقاً يلزم توافرها فى شاغل أى منصب وبناء عليها يتم اختيار الأنسب ممن تتوافر فيهم هذه المواصفات؟ إذا كان الأمر كذلك -ولا أظنه- من الذى يضع هذه المواصفات؟ ومن الذى يراقب توافرها فى الشخص المرشح للمنصب؟ هل معيار الكفاءة وبالطبع النزاهة هو المعيار الحاكم فى الاختيار بغض النظر عن أى اعتبارات أخرى، أم أن الاعتبارات الأخرى ما زالت هى أساس الاختيار ويأتى عنصر الكفاءة فى مرتبة لاحقة؟ هل يتم تعيين المسئول بمبدأ «أعطه فرصة ولنرى كيف سيكون أداؤه» أم أن القرار يصدر متوفراً فيه مسبقاً قدر كاف من الاطمئنان لمستوى الأداء؟ لدينا أجهزة رقابية، مثل جهاز الرقابة الإدارية، تراقب نزاهة أداء موظفى الدولة وتحارب الفساد، هل لدينا أجهزة تساعد فى وضع آليات الاختيار وتراقب جودة الأداء؟ لا أظن، إذا كان هناك خطأ فى الاختيار وهذا وارد، من الذى يتابع تصويب هذا الخطأ لتجنب ضياع الوقت وتدهور الأوضاع؟ بهذا القدر من المشاكل والتحديات أظن أننا جميعاً على يقين بأننا لا نحتمل مزيداً من المعاناة التى يمكن أن تسببها عشوائية اختيار المسئولين، الوقت لا يسمح والظروف لا تحتمل.