في الملحمة الإغريقية الشهيرة باسم "الإلياذة" ، قص علينا الشاعر اليوناني "هوميروس" نبأ معركة كبرى شنها الإغريق على الطرواديين من أجل استعادة الحسناء "هيلين" ، التي خانت زوجها "منلوس" ملك اسپرطة وفرت مع الأمير الطروادي "پاريس" ، لسنوات طويلة لم يستطع الإغريق إحراز النصر إلا بعد صناعة حصان خشبي ضخم تخفوا داخله ، وتمكنوا بعده من التغلب على أعداءهم ، "هوميروس" الذي ألهم بأسطورته أمما كاملة ، لم أتوقع أبدا أن يلهم المسئولين عن المطار وهم يتحدثون عن الحمار !! لا شيء عبر عن الوضع في مصر الأن قدر دخول حمار من ثغرة أمنية إلى مطار القاهرة ، هذا المشهد جاء تتويجا لمجمل الملاحم المصرية التي صار الوطن مسرحا لها ، لمٓ لا ؟! وهذا الحمار المعجزة ارتدى "طاقية الاخفاء" ولم ترصده جميع كاميرات المراقبة التي تغطي كل شبر بميناء القاهرة الجوي ومحيطه ، وبالتالي كان من الطبيعي ألا يلفت نظر أي كمين ، هذا الكائن الأسطوري ذو الأربع إما أن نُسلم بأنه قد هبط مباشرة من السماء أو نتساءل : أي ثقب هذا في البدلة الميري سمح بمرور حمار كامل ؟! لم يهتم أحد بإحباط هذا الحمار !! هل شارك معنا في يناير ثم سُرقت منه ؟! أم شارك معنا في يونية ورأى أنها وُلدت مسروقة ؟! هل هتف بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية ثم صارت أقصى أحلامه الأن عدم ظهور مبارك وصبيته في الإعلام ؟! أم هتف إسقاطا للفاشية الدينية ثم اكتشف أنه كحمار غير مسموح له إلا باختيار نكهة فاشيته !! هل وصلت رغبة الحمار في الهجرة إلى حد الزحف مشيا نحو المطار ثم ضل طريقه إلى صالة السفر ؟! أم أنه بالفعل كان يريد صالة الوصول رقم ( 3 ) لاستقبال حمار عائد ؟! استكمالا لتلك الدائرة الجهنمية من الكوميديا السوداء ، أكاد أجزم أن البحث حاليا ، ليس عن الثغرة التي نفذ منها الحمار بقدر ما هو عن صاحبه الملعون !! هذا الذي تاه عنه حماره نحو المطار - إن حدث وتعرف عليه عبر التليفزيون - فهو حتما لن يطالب به السُلطات "خوفا" أن يُعلق من قدميه حتى يعترف بانتماءه للجماعة الإرهابية !! أو "رهبة" من أن يُغطس وجهه بالماء ثم يُسلط الباشا على عينيه ضوءاً مبهراً في غرفة مظلمة حتى يُقر بالجهة الخارجية التي مولت هذا المخطط الزرائبي القاصم لهيبة الدولة البوليسية !! في النهاية ، من رحمة الله بالشاعر "هوميروس" ، أنه مات قبل أن ينصت إلى تصريحات اللواء "أحمد جنينة" رئيس شركة ميناء القاهرة الجوي ، وهو يعيد إنتاج الملحمة الإغريقية في طبعة شعبية رخيصة للمواطنين ، قال إنه يرجح تحميل الحمار في سيارة وإنزاله داخل المطار ، وتصويره على هذا النحو بغرض الإساءة إلى سمعة مصر !! وأن الحمار كان من الممكن تلغيمه وتفجيره ، كلمات سيادته اتسقت تماما مع نهاية أحداث "الإلياذة" !! فقط استبدل اللواء حصان طروادة بحمار المطار !! في استلهام صريح للأسطورة اليونانية ، وتسلية للمصريين بقتامة واقعهم !!