- الزوجة الأولى «عطيات الأبنودى»: بالرغم من انفصالهما بعد فترة لم تدُم طويلاً فإنها لم تتخلَّ عن لقبه، ليظل يصاحبها طوال حياتها حتى بعد أن طالبها بالتخلى عنه، فكان ردها: «هل هناك أحد فى الدنيا يمكن أن يلغى تاريخه؟ هذا لقبى، وأنا حرة». تعرفت «عطيات» على «الأبنودى» عن طريق صديقتها الصحفية بمحض المصادفة عندما تمت مصادرة ديوان «الأرض والعيال» للشاعر العامى الموهوب الذى كان المطربون يقدمون إبداعاته فى الإذاعة يومياً مثل عبدالحليم حافظ و«نجاة» وغيرهما، إلا أنه لم يكن بشهرة هؤلاء، وبعد فترة تقدم «الأبنودى» لخطبتها واشترطت موافقة صديقه القاص الراحل يحيى الطاهر عبدالله، وتتوالى الأيام ليتم القبض على «الأبنودى» فى عام 1966، بدأت «عطيات» فى تسجيل يومياتها خارج السجن، وأخذت شكل رسائل يومية لزوجها. رحلة طويلة شقها الشاب الصعيدى برفقة زوجته الشابة مخرجة الأفلام التسجيلية فى صخب المدينة الكبيرة وأضوائها الساطعة، عاصرا معاً حلم الفن والانتصار، وتذوَّقا مرارة الحرب والسجن، ليقع الطلاق فى نهاية الثمانينات على خلفية بعض الخلافات الشخصية، بعد أن أصدر «الأبنودى» فى رحاب الزواج مجموعة كبيرة من أهم أعماله الشعرية، فتقول عنه «عطيات»: «لا أحب أن أدين أحداً، أنا مؤمنة بالتغيرات التى تحدث فى النفس البشرية، وأحترم المنجز المشترك بيننا»، ليعقب ذلك التصريح بفترة محاولة لنشر مذكراتها مع الشاعر الكبير تحت عنوان «أيام لم تكن معه»، وهو ما رفضه بشدة ودارت بينهما حرب ضارية على صفحات الصحف والمجلات. - الزوجة الثانية «نهال كمال»: وجد زواجه منها «مكافأة العمر»، ووجده المحيطون بهما «الذئب الذى يريد أن ينقض على قطعة اللحم البيضاء» على حد تعبيره، بدأت العلاقة عندما استضافت المذيعة بالتليفزيون المصرى نهال كمال، الشاعر الخمسينى فى ذلك الوقت، ليتحدث عن أشهر قصائده «فاطمة ومحلاج القطن» و«السيرة الهلالية»، لتقوى الرابط وتتحول العلاقة إلى صداقة خالصة حتى صادفتها والدته فى يوم أثناء وجودها فى منزله لتتنبأ بزواجه منها، وأنها سوف تكون «أُم أولاده»، وهو الأمر الذى استبعده «الأبنودى» بشدة قائلاً: «كيف تقولين هذا وهى تكتب لى قائلة: ابنتك نهال كمال؟»، فترد والدته: «والله يا ولدى الزواج ما له علاقة بمثل هذه الأمور، الجواز ده قسمة ربنا ونصيبه». «نهال دى كانت ابنتى، كان لى تجربة سابقة قررت بعدها ألا أتزوج مرة أخرى، ولم يخطر على بالى أن أنظر إليها كزوجة»، ليأتى المستقبل مخالفاً كل توقعاته بعد أن أصبحت أُم بناته فى علاقة حب تجاوزت ال20 عاماً قررت خلالها أن تكون شريكة حياته ورفيقة دربه، بعد أن أسهم فى صياغة أفكارها وتكوين وجدانها الثقافى لتراه دائماً «الحياة بكل أحداثها المتدفقة»، ويردد هو: «أكون وحيداً وخائفاً من دونك». ريحة وجزء من عبدالرحمن الأبنودى على الأرض تخلدان سيرته فى اسمهما ووتد خلوده فى الدنيا والمفاجأة السارة التى زارته فى خريفه الخمسينى، «دائماً كنت أتعجب كيف كنت سأغادر هذه الحياة دون أن أعرف طعم الأبوة». «مثل حزمة قمح يطوحها النسيم» هى الحياة التى قضاها «الأبنودى» مع ابنتيه متنقلاً بين الدول الأجنبية يريهما العالم ويعيشه معهما وفيهما، فى محاولة لتعويضهما عن فارق السن وما سببه له من حزن بالقلب جاء مع المعاناة والزمن. الابنة الكبرى «آية» خريجة الجامعة الأمريكية تعمل مذيعة بإحدى القنوات الفضائية، فأخذت من والدها الفن والإبداع والتلقائية والأداء الشعرى، فيحكى «الأبنودى». أما «نور» فيصفها الأبنودى بأنها «سليلة الحاج ماركونى»، فى إشارة إلى وعيها العالى بقيمة النقود وكيفية إنفاقها، مانحاً إياهما الحرية المطلقة فى اختيار حياتهما، على عكس ما حدث له مع والده عندما مزق أول ديوان شعر عامية له «أنا لا أريد أن أعرض بناتى لتلك القسوة التى تعرضت لها»، ليشير «الأبنودى» إلى أن علاقته بهما هى ما منحته القوة والرغبة فى الاستمرار بعد أن أنهكته الحياة وصالحته بهما فى النهاية.