وكيل زراعة الغربية يتابع منظومة صرف الأسمدة ويؤكد: دعم المزارعين أولوية    مكتب التحقيقات الفيدرالي: الهجوم قرب البيت الأبيض مسألة أمن قومي    شرطة واشنطن: أطلعنا ترامب على مستجدات التحقيق في حادثة إطلاق النار    نشر 500 جندي إضافي في واشنطن بعد استهداف عنصرين من الحرس الوطني قرب البيت الأبيض    بمشاركة صلاح.. ليفربول يتلقى هزيمة قاسية أمام آيندهوفن برباعية في دوري الأبطال    بسبب المصري.. بيراميدز يُعدّل موعد مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    سوبر هاتريك مبابي ينقذ ريال مدريد من فخ أولمبياكوس في دوري الأبطال    آرسنال يحسم قمة دوري الأبطال بثلاثية أمام بايرن ميونخ    باريس سان جيرمان يكتسح توتنهام بخماسية في مباراة مثيرة بدوري الأبطال    ضبط صاحب معرض سيارات لاتهامه بالاعتداء على فتاة من ذوي الهمم بطوخ    ضبط صاحب معرض سيارات لاتهامه بالاعتداء على فتاة من ذوي الهمم بطوخ    رسالة طمأنة من مستشار الرئيس للصحة بشأن حقيقة انتشار فيروسات خطيرة في مصر    لقبوا أحد المتهمين ب "عمو الوحش".. تعليق صادم من محامي ضحايا "سيدز الدولية"    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    أوكرانيا تحدد خطوطها الحمراء تجاه خطة السلام الأمريكية.. ما الذي لا تقبله كييف؟    استعدادا لمواجهة الجيش الملكي.. الأهلي يختتم مرانه الأول في المغرب    مباشر أبطال أوروبا - أرسنال (0)-(0) بايرن ميونيخ.. بداية المباراة    وزير الخارجية: ندعم الحلول السياسية والسلمية لأنه لا يوجد حلول عسكرية في لبنان    صاغته أذرع (الإيباك) .. أكاديميون ومحللون: قرار تصنيف ( الإخوان) صنع في تل أبيب    مياه الفيوم تطلق برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لإعداد كوادر فنية شابة.. صور    بعد مصرع مسنة وحفيدتها قرية الصياد تتشح بالسواد.. ننتظر 5 جثامين من ابناءها في قنا    محمد رضوان: تكريمي من مهرجان شرم الشيخ الأول لي في المسرح    طالبات الدمج بمدارس الفيوم في زيارة تعليمية لكلية الآثار الأحد المقبل    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    التيك توكر أم مكة تستأنف على حكم حبسها 6 أشهر بتهمة بث فيديوهات خادشة    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    عماد زيادة بطلاً أمام مي عز الدين في مسلسل " قبل وبعد"    محمد شردي: المتحدة تواصل دعم المواهب وإبراز المبدعين ب دولة التلاوة وكاستينج    المؤتمر الدولي لكلية التمريض بجامعة المنصورة الأهلية يواصل فعالياته    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    حبس عاطل بتهمة تهديد جيرانه فى قنا    الكاميرات ليست حلاً «2»    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف بيت لاهيا شمال قطاع غزة    تامر حسنى يحيى حفلا غنائيا 20 ديسمبر بقصر عابدين    "الألحان الخالدة" تحتفي بروائع الشريعي وهشام نزيه بأداء أوركسترالي مبهر    سيف الحرية.. يوسى كوهين يكشف كواليس فشل خطة التهجير.. مدير الموساد السابق: مصر رفضت الفكرة والرئيس السيسي أسقطها بالكامل.. ويكشف كواليس حرب الظل بين تل أبيب وطهران لسرقة الأرشيف النووى واستهداف العلماء فى طهران    حسام حسني: المستشفيات الجامعية تلعب دورًا محوريا في مواجهة الفيروسات الجديدة    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    وكيل صحة بني سويف: إحلال وتجديد مستشفى سمسطا المركزي ب 2 مليار جنيه    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    مجلس جامعة سوهاج يوافق على التعاون مع جامعة آدمسون بالفلبين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    قمة نارية في دوري الأبطال.. أرسنال يستضيف بايرن ميونيخ في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    «إرادة المصريين تتصدّى لمحاولات التخريب.. رسائل قوية في مواجهة حملات الإخوان للتشويه»    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبنودي.. شاعر « السلطة والشعب»
نشر في المصريون يوم 21 - 04 - 2015

قبل شهور من وفاته، حلّ الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي ضيفًا على قناة تلفزيونية، وقتها سألته المذيعة عن كيفيه استقباله لشائعات كانت تطلق من حين لآخر عن وفاته.
وقتها فاجأ الأبنودي محاورته بقصيدة عن الموت قال فيها: "إذا جاك الموت يا وليدي .. موت على طول .. اللي اتخطفوا فضلوا (ظلوا) أحباب.. صاحيين (موجودين) في القلب .. كأن محدش غاب (لم يغب) .. واللي ماتوا حتة حتة (جزء جزء) .. ونشفوا وهم حيين.. حتى سلاموا عليكو (السلام عليكم) مش (لا) بتعدي من بره الأعتاب".
الأبنودي أو الخال كما يطلق عليه في الأوساط الفنية والثقافية، أظهر في هذه الأبيات جسارة في مواجهة الموت، الذي كان على موعد معه اليوم لينهي مسيرة حياة حافلة امتدت ل 77 عامًا، عاش فصولها بين صعيد مصر والقاهرة حيث الشهرة والأضواء، وختم حياته في محافظة الإسماعيلية، شمال شرقي مصر، التي انتقل للإقامة بها قبل عام ونصف العام.
ولد الأبنودي في قرية أبنود في محافظة قنا بصعيد مصر، واحدة من أكثر القرى المصرية فقرا، ولد الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الأبنودي في عام 1938، لأب كان يعمل مأذونًا شرعيًا.
وخلال تلك الفترة الطويلة من عمر الأبنودي، والتي أسدل الستار عليها اليوم بوفاته بعد صراع مع المرض، استطاع "الخال" أن يخط لنفسه خطًا فريدًا، حافظ به على الزخم الثوري لشعره، وفي نفس الوقت على علاقته بالسلطة والتي لم تتوتر إلا في ست سنوات وهي السنوات الخمس الأخيرة من حكم الرئيس الراحل أنور السادات والسنة التي حكم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي، حتى أن المتتبعين لمسيرته الشعرية يمكن لهم أن يطلقوا عليه "شاعر الثورة"، وأحيانا يمكنهم أن يطلقوا عليه شاعر "السلطة".
وأثارت هذه الازدواجية انتقادات كانت توجه للأبنودي، إلا أن هذه الانتقادات كان يتم الرد عليها من جانب النقاد، بأنها لا تمنع من الإقرار بأن قصائد الأبنودي تعد تأكيدًا وتعزيزًا لسلسلة من القيم الجمالية في الشعر.
والأبنودي كان من أشد المؤمنين بثورة يوليو/تموز 1952 التي أطاحت بالملكية، فصدح شعره تأييدًا لها، ورغم ذلك دخل الأبنودي سجون "نظام يوليو".
ويقول عن تجربة السجن: "عند اعتقالنا لم توجه لنا تهمة، وفترة الاعتقال كانت جميلة، ولو كنا نعلم بحلاوتها لطلبنا الاعتقال بأنفسنا".
ورغم سجنه لم يتخل عن تأييده لعبد الناصر حتى مماته، وكان يرى أن الأزمة تكمن في من أحاطوا به، وقال في ذلك: "لا نستطيع أن ننكر دور الزعيم عبد الناصر.. أما عن المآخذ عليه، فأنا أتخيل نفسى رئيس دولة ومن حولى 5000 من الشخصيات الأمناء الذين أثق فيهم ويقدمون لى التقارير، هل أنزل بنفسي للتحقق من صحة هذه التقارير.. عندما يصبح هؤلاء الأمناء ليسوا أمناء، فهم خائنون".
وحملت دواوينه الشعرية تأييدًا ل"المشروع الناصري"، وفي مقدمتها ديوانه "الأرض والعيال" الذي صدر في طبعته الأولى عام 1964، ثم ديوانه "الزحمة" الصادر عام 1967، و"عمّاليات" عام 1968، ثم ديوانه "جوابات حراجي القط" 1969، وهو واحد من أهم دواوينه الشعرية، حيث كرسه لمؤازرة مشروع السد العالي.
وفي عصر الرئيس الراحل أنور السادات، كانت العلاقة بين الأبنودي والرئيس طبيعية، وكانت أشعاره لاسيما قصيدة "صباح الخير يا سينا" التي غناها المطرب الراحل عبد الحليم حافظ واحدة من أهم الأغاني التي تحدثت عن حرب أكتوبر/ تشرين أول عام 1973، ولكن حدث في عام 1975 ما أدى إلى توتر العلاقة.
وحكى الأبنودي بنفسه الموقف الذي أدى لتور العلاقة، حيث تلقى اتصالاً من فوزى عبد الحافظ، مدير مكتب السادات، يطلب منه الحضور، وبالفعل ذهب الأبنودى فقابله السادات بجملة "أنت جيت يا عبدالرحمن"، فرد: "أهلًا سيادة الرئيس"، ومد الأبنودى يده ليسلم على الرئيس لكن كانت الطاولة بينهما طويلة بحيث يضطر للانحناء أثناء المصافحة، وهنا ظهر مصور من العدم، والتقط تلك الصورة أثناء مصافحته للسادات وهو "منحنى"، ويقول الأبنودى فى هذا الشأن إنه أحد "ألاعيب السادات".
وانضم الأبنودى بعد هذا اللقاء إلى حزب التجمع، فغضب السادات، ليصبح الخال بعد ذلك من رواد "أمن الدولة" الدائمين، ولم يكن من المثقفين الذين نجح نظام السادات في اجتذابهم للموافقة على اتفاقية السلام مع إسرائيل، حيث كان له موقف مضاد من الاتفاقية وأصحابها.
وتوترت العلاقة أكثر وأكثر بين السادات والأبنودى حتى أنه فى فبراير/شباط من عام 1981 ألقى فى عيد الطلاب قصيدته "المد والجزر" التى تنبأ فيها بمقتل السادات، وفى نفس التوقيت كتب قصيدته "لا شك أنك مجنون"، وصارت قصائد الأبنودى بمثابة الصداع في رأس نظام السادات.
وفي نفس العام، صدقت توقعات الأبنودي، واغتيل السادات، وعلق على ذلك بقوله: "كنت حاسس (أشعر) أن رحيله في هذا الوقت نعمة، بغض النظر عن أنه اغتيل، لأنى ضد الاغتيال".
وعادت علاقة الأبنودي بالأنظمة السياسية إلى سابق عهدها بعد فترة السنوات الخمس الأخيرة في حكم السادات، وكان الكثير من الأوبريتات الغنائية التي تغني في حفلات الرئيس الأسبق حسني مبارك من تأليف الأبنودي، ومنحة مبارك جائزة الدولة التقديرية عام 2001.
ورغم علاقته الدافئة بنظام مبارك، لم يمنعه ذلك من تأييد ثورة يناير/كانون ثان 2011، وانتشرت قصيدة الأبنودي "الميدان" فى ميدان التحرير بشكل لم تسبقه إليه أي قصيدة، وكان الشباب يحفظونها ويرتلونها.. وكانت تلهبهم حماسًا وقوة، لاسيما في مقطع "آن الأوان ترحلى يا دولة العواجيز".
وبعد أن تولى الحكم في مصر الرئيس الأسبق محمد مرسي، كان للأبنودي نظرة سلبية تجاه حكم جماعة الإخوان المسلمين، وكما أيّد ثورة يناير/كانون ثان، كان من أشد المؤيدين للخروج على مرسي في 30 يونيو/حزيران 2013، وله قصائد في مدح هذا التظاهرات.
واحتفظ الخال بعلاقة طيبة مع الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، وكان في مقدمة المثقفين الذين التقوا رئيس الجمهورية، عقب انتخابه، ضمن وفد من المثقفين المصريين الذين التقوه، وله قصيدة في مدحه.
وكان اللافت أن الرئيس المصري بادر فور علمه بنبأ الوفاة بالاتصال هاتفيًا بأسرة الفقيد لتقديم واجب العزاء، بحسب بيان للرئاسة.
وجاء في بيان الرئاسة "أن مصر والعالم العربي فقدا شاعرًا عظيمًا وقلمًا أمينًا ومواطنًا غيورًا على وطنه وأمته العربية".
وأضاف البيان لقد "أثرى شعر العامية من خلال أشعاره وأزجاله الوطنية التي عكست أصالة المواطن المصري وواقع البيئة المصرية، لاسيما في صعيد مصر، وعبرت عن الوطن في أفراحه وأحزانه، وفي انتصاراته وآلامه، وسيظل الفقيد وعطاؤه الممتد، رمزًا وطنياً وعربياً نفخر بأنه من أبناء مصر الأوفياء الذين أضافوا إلى سجل إبداعها فصلاً ثرياً زاخراً بصدق المعاني وروعة الأسلوب".
والأبنودي إلى جانب قصائده السياسية، كانت له قصائد رومانسية شكلت وجدان الشباب من جيل الستينات من القرن الماضي، وغنى له المطرب الراحل عبد الحليم حافظ 3 أغاني عاطفية، إضافة إلى 11 أغنية وطنية.
ويقول الأبنودي تعليقا على ذلك: "حليم كان دائمًا ما يردد الأبنودي رشاني ب3 أغاني عاطفية".
وبدأت علاقة الأبنودي بالشعر منذ نعومة أظافره، إلا أن البيئة الأصولية التي نشأ فيها، بحكم مهنة والدة كمأذون شرعي، لم تكن محفزة لإبداعه الشعري، فهاجر إلى القاهرة تاركا خلفه وظيفة حكومية كان يشغلها في محكمة قنا بمؤهله المتوسط.
وتزوج الأبنودي من مخرجة الأفلام التسجيلية ذائعة الصيت عطيات الأبنودي، غير أنه انفصل عنها في نهاية ثمانينات القرن الماضي، وتزوج من المذيعة الشابة آنذاك نهال كمال وأنجب منها ابنتيه "آية" و"نور"، وانتقل للإقامة في مدينة الإسماعيلية، على قناة السويس، للاستشفاء من مرضه الصدري المزمن الذي يلازمه منذ فترة طويلة.
وفي هذه المحافظة التي انتقل لها قبل عام ونصف العام سيتم تشييع جنازته غدا، وسيدفن على أرض نفس المحافظة.ش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.