بمجرد نشر مقالى الفائت.. انهالت الاتصالات والتعليقات، من أسوان (أى والله) إلى الإسكندرية، كلهم يؤكدون وجود «نموذج ظاظا» بالعشرات، فى كل الهيئات والمصالح والوزارات. (وزير الزراعة، سبعة الصبح يطمئننى، لأطمئن المنتجين بأن الدولة مع الإنتاج، د. أحمد دراج: يضحك (وشر البلية ما يضحك).. واللواء فؤاد علام يمصمص شفايفه، على ما جرى لمصر بسبب «ظاظا»، خلال ستين سنة!!). كنا قد كتبنا عن «الأستاذ ظاظا» رئيس قطاع الإنتاج بوزارة الزراعة.. الذى قرر بالتواطؤ مع رئيس هيئة الخدمات البيطرية (المسنود من جهة سيادية) بفتح باب استيراد الطيور، بمضاعفته 5 مرات (لمصلحة مافيا الاستيراد)، وعندما احتج المنتجون من مُربِّى الدواجن، وسألوه: مش الدولة بتقول: «إنها مع الإنتاج المحلى، وتشجيع المنتجين، حتى لا نستورد غذاءنا من الخارج»؟. جاء رده المدهش: «هاتوا لى ورقة من الدولة، مختومة بختم النسر، تقول إنها مع الإنتاج، ضد الاستيراد»!!. معنى الكلام: إن الدولة «فوق» فى وادٍ، والجهاز الحكومى «تحت» فى وادٍ آخر.. يعنى الدولة تقول اللى هيّه عايزاه، وكبار صغار الموظفين، يعملوا اللى هُمَّه عايزينه!.. محدش بيحاسب حد.. إنشالله تخرب.. طالما «الشاى بالياسمين» موجود، أو لأن «ظاظا» من عبدة الروتين!! والنتيجة: إن الرئيس «يناشد»، و«ينادى» بالإنتاج وسرعة الإنجاز.. و«محلب» يعدم العافية. من سبعة الصبح لنص الليل، زى المكوك رايح جاى، من شرم لإثيوبيا، من القاهرة لساحل العاج، ومن أسيوط، لإسماعيلية!!.. والشعب معاناته هىَّ هىَّ.. ليه؟ لأن «ظاظا» مش مقتنع بسياسات الحكومة، ولا فاهم برامجها، فهو لم يشارك فى وضع الرؤية (إن كان هناك رؤية أصلاً) و«ظاظا» اللى فى كل وزارة، لم يحصل على أى دورات تدريبية، لإفهامه خطورة دوره، وشرح خطط الدولة وبرامجها، لتنفيذ سياساتها.. الراجل معذور (زى ما بيقولوا: من الدار، للنار).. أستاذ فى الجامعة.. بالكوسة والمجاملات، أو بالأقدمية اختاروه.. بالنسبة له (ولكل ظاظا): كأنها بعثة، فيها لجان، واللجان فيها مكافآت، والهيئة كلها سفريات (رئيس الهيئة مسافر دائم -30 مليون جنيه، بدلات سفر تبادلية- وعلى الوزير الجديد أن يحقق فى ذلك)!! باختصار: إذا لم نجد حلاً جذرياً، حاسماً قاطعاً.. لهذا «الجهاز الحكومى» الفاشل والفاسد، هنلبس فى الحيط.. ليه؟. لأنه هوَّ نفس الجهاز القديم، بقوانينه الفاسدة، ولوائحه العفنة، وبيروقراطيته العقيمة.. بلا محاسبة بعقاب أو ثواب (كله محصَّل بعضه)، المهم يكون عندك «واسطة»، مسنود على حد فى جهاز (من اللى بيسموه سيادى)، نقبض الجلسات، والحوافز، ونسافر لبلاد الخواجات، ونحَوَّش بالأخضر بدلات السفر، ونعمل علاقات مع مافيا الاستيراد، والسماسرة موجودين، تحت مسمى «مستشار» (مش كده يا عبعزيز).. «عبعزيز» زى «ظاظا».. «نماذج» فى كل وزارة، فى كل هيئة، فى كل الغرف التجارية!!. والحل: 1- نبدأ بوضع مواصفات لاختيار كبار الموظفين، رؤساء الهيئات، والقطاعات، ومديرى العموم.. إلخ، بعيداً عن المجاملات والتدخلات!. 2- حتمية مشاركة «كل ظاظا» فى رسم السياسات، أو على الأقل فى وضع البرامج، ليقتنع بها ويدافع عنها، ويُحاسب بالأهداف. وإذا أصدر قراراً، يخالف مضمون السياسات، يُحقق معه.. ليه؟. لأنه إما مش فاهم (يبقى محتاج دورات جديدة)، أو لأنه فاسد وقابض، ولازم يتقطع رقبته بالقانون.. أو «مُخرِّب»، متعمِّد إجهاض خطط الدولة، لأنه إرهابى خروف!!. صباح الخير سيادة الرئيس.. ربنا معاك.. والله العظيم صعبان علينا.. إنتوا فوق مقطَّعين نفسكوا، ولا أحد ينكر ذلك إلا جاحد أو حاقد.. لكن الدنيا تحت خربانة.. وأُس الخراب: التشريعات الفاسدة، والقرارات العشوائية، والجهاز الحكومى المتخلَّف، والذى يجب القفز عليه، بعملية «باى باص».. إزاى؟ اسألوا المتخصصين فى علوم الإدارة والتنمية البشرية (د. صبرى الشبراوى وغيره).. كيف نقفز على هذه البيروقراطية العقيمة، وهذا الروتين العفن؟.. كيف نستبعد كل «ظاظا» من أجهزة الدولة؟.. كيف نتخلّص من تدخلات بعض الأجهزة، بتعيين فلان، والتجديد ل علَّان؟ كيف نقضى على، كل «عبعزيز» من الطفيليين والموالسين مع مافيا الاستيراد (اللى بيتنططوا على الشاشات، للترويج لهذه العصابات، باسم الغرف التجارية)!!. يا ريس: الشغل فوق، فى المشروعات الكبرى، من طاقة وطرق، ومشروعات أساسية (عشرة على عشرة).. لكن «تحت».. الدنيا ضلام.. كله ضارب لخمة، والشعب، فى حيص - بيص.. لأنه فى الحقيقة: «ظاظا» هوَّ اللى بيحكم مصر، على أرض الواقع!!. الخلاصة: عايزين تغيَّروا مصر.. غيَّروا «ظاظا»، وغيَّروا السيستم، انسفوه.. وأكرر: أنه بدون «رؤية» لمشروع حضارى متكامل، وسياسات وخطط، وبرامج، وآليات، ومحاسبة.. سنظل نتخبَّط، ونتكعبل!!. يبقى السؤال: «إحنا عايزين إيه»؟ لو عايزين نطير بمصر.. الحلول معروفة، والروشتات جاهزة.. لكن فين الجراحين؟.. الجراحين اللى يقطعوا العرق، ويسيَّحوا دمه، لاستئصال هذا السرطان البيروقراطى المتعفَّن!! ونستكمل الثلاثاء المقبل.