شاركت خلال نهاية الأسبوع الماضى فى لقاء دولة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب مع الأحزاب والقوى السياسية للتشاور ومناقشة الرؤى المطروحة بشأن قوانين الانتخابات فى حضور اللجنة المشكلة من الحكومة برئاسة السيد المستشار وزير العدالة الانتقالية ومجلس النواب، لإعداد مشروع قرار بقانون بتقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب وفقاً للضوابط والمعايير التى حددتها المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها الأخيرة مع إعداد مشروع بقانون بما يلزم إدخاله من تعديلات على قانون مجلس النواب، بما يتفق مع ما يقتضيه مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية. جاء اللقاء فى مجمله مثمراً وبناء، أكدت الحكومة أن الدولة جادة وحريصة على تنفيذ آخر استحقاقات خريطة الطريق من خلال إجراء الانتخابات النيابية فى أسرع وقت ممكن، وإن ما حالت دون إجرائها إلا أسباب تخرج عن سيطرة الجميع، فنحن أمام دستور جديد، وتجربة جديدة، ونعمل على احترام الدستور، وإنفاذ أحكامه، مؤكدة أن إكمال البنيان التشريعى على أسس سليمة بتأخير بسيط، أفضل بكثير من سرعة إقامة ذلك البنيان على أسس ضعيفة سرعان ما تنهار، ومن ثم فنحن بحاجة ماسة إلى التوافق المجتمعى والسياسى حول الخطوات التى يمكن اتخاذها نحو استكمال بناء مؤسسات الدولة، وهذا التوافق لا غنى عنه لأى دولة فى مثل الظروف التى نمر بها. وعلى الرغم من المدة الطويلة التى خصصها دولة رئيس مجلس الوزراء والسيد المستشار وزير العدالة الانتقالية ومجلس النواب للاجتماع، فإن عدم تحديد جدول أعمال محدد للاجتماع قد ساعد على إهدار الوقت فى المناقشات غير المجدية وصولاً للتوافق على اتجاه الاجتماع، وهل سيتم مناقشة جميع الاعتراضات والتحفظات على جميع قوانين العملية الانتخابية بمجملها أم سنكتفى بعرض الآراء حول ما أكدت المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها بعدم دستوريته فقط دون التطرق لأى نقاط أخرى، حتى ولو كان من شأن ذلك التعرض لذات الموقف من جديد، كما أن عدم الالتزام بالتوقيت المخصص لكل متحدث قد ساعد أيضاً فى إهدار المساحة الزمنية التى أتيحت للمناقشات الجادة المثمرة. مع الأسف، جاءت معظم المطالب والاقتراحات -باستثناء القليل منها- التى تقدمت بها الأحزاب والقوى السياسية للعرض على اللجنة المختصة بإعداد قوانين الانتخابات، لتضمينها فى القوانين فى غير ذات محل ولم تصب كبد الحقيقة فاقدة لطبيعة الموقف على أرض الواقع وبالجملة غير مجدية. فى نهاية الاجتماع وفق تقديرى الشخصى، كان هناك توافق وشبه إجماع على ضرورة إعادة النظر فى عدد القوائم الانتخابية المطلقة، وأن يتم تشكيل القوائم الانتخابية بحيث تكون ثمانى قوائم كل منها خمسة عشر مقعداً بدلاً من أربع قوائم على مستوى الجمهورية، على أن يتم تخصيصها للفئات المستثناة من دون الشخصيات العامة التى تطالب بوضع خاص لحمايتها فى تلك القوائم، وفى اعتقادى أن الشخصيات العامة التى لا تستطيع تحقيق الفوز فى الانتخابات الفردية لا يجب أن تحتمى بالقوائم لضمان عضويتها بمجلس النواب المقبل. أيضاً يجب أن يتم زيادة عدد المقاعد الفردية من 420 إلى 460 مقعداً لتحقيق وزن نسبى مائة وعشرة آلاف صوت انتخابى للمقعد الواحد تقريباً، مع تحقيق أدنى معامل انحراف ممكن لتجنب عدم الدستورية مرة أخرى. إننا يجب أن نتذكر أننا سنحاسب يوماً ما على ما نقوم به الآن من صراعات على المناصب والمسميات وليس بغرض خدمة الوطن، إننا بحاجة ماسة لوجود برلمان قوى فى الوقت الحاضر لضمان تحقيق آمال وطموحات المواطن المصرى البسيط فى ظل ما يموج به العالم الآن من تهديدات.. فهى حرب وجود.