سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نجمة البستان قالت زهرة الفل: أنتِ نجمة لا يهم ملامحك ولا حتى صورتك، قلبك أجمل وأرق القلوب، وقال الهدهد: الملامح تتغير وتذبل مثل أوراق الزهور لكن المشاعر الجميلة تبقى مع الزمن وتزداد جمالاً
(قالت زهرة الفل: أنتِ نجمة لايهم ملامحك ولا حتى صورتك، قلبك أجمل وأرق القلوب، وقال الهدهد: الملامح تتغير وتذبل مثل أوراق الزهور لكن المشاعر الجميلة تبقى مع الزمن وتزداد جمالاً) اليوم فقط عرفت اسمى ورأيت ملامحى، انطفأ من عينى البريق وما كنت أظنه غناء لم يكن سوى نقيق. فى هذا البستان تفتحت عيناى على الحياة والجمال، وسط الزهور والنباتات بألوانها الرائعة، الأشجار العالية بأغصانها التى تحمل أحلى الثمار، تحلق الطيور فوقى تغرد أعذب الألحان، فرح الكل بوجودى، وتسابقوا فى اختيار اسم يليق بى، بهرتهم عيناى الواسعتان تتحركان فى كل اتجاه وأرى بهما كل الأشياء على الأرض وفى السماء، يشع منهما ضوء وبريق ينير حتى للحشرات الطريق، قالت النخلة، أقدم سكان البستان.. سيكون اسمك هو نجمة البستان. ومرت الأيام، تساقطت أوراق الأشجار وذبلت الأزهار، جاء خريف بعده شتاء عاصف ثم أشرقت شمس الربيع وعاد للأزهار جمالها وتألقها، وكبرت وتعلمت كثيرا من الأشياء كان أهمها كيف أحمى كل الأزهار من الحشرات والديدان التى أستطيع رؤيتها مهما اشتد الظلام، بسرعة ألتهمها قبل أن تلتهم أوراق النبات والأشجار. كل الزهور أحبتنى، الفل الأبيض والورد البلدى الأحمر والقرنفل حتى زهرة النرجس تنازلت عن أنانيتها واعترفت بأهميتى، كنا نعيش معا فى حب وسلام تحمينى أوراق النبات من العواصف وقطرات المطر فى الشتاء، أغنى مع الطيور فى الربيع ونسهر مع ضوء القمر الفضى فى ليالى الصيف. فى أحد الأيام رأيت شيئاً مستديراً يقع فجأة فى البستان، تدحرج بسرعة ثم توقف وراء شجرة الصبار المليئة بالأشواك، اقتربت أكثر، سمعت صوتا يقول.. أين الكرة يا باسم؟ أنا متأكد أنها هنا فى البستان، من وراء الشجرة شاهدت الولدين كان أحدهما غاضباً وقال لصاحبه.. لقد أضعت الكرة يا كريم سيعاقبنى أبى الآن. أمسكت هذا الشىء المستدير الذى عرفت اسمه الآن (الكرة) أمسكتها بحذر وقذفتها من وراء الشجرة فتدحرجت، وقلت لا تغضب يا باسم، كنت أجيد تقليد أصوات الطيور فاعتقد أننى أحد الطيور وقال: هيا يا كريم لنكمل اللعب. حكيت لأصدقائى الزهور والطيور عن الكرة، قال العصفور.. أنتِ رائعة يا نجمة دائما تساعدين الآخرين، وقالت الشجرة.. لولاك يا نجمة لتمزقت الكرة من أشواك الصبار، أنتِ بحق نجمة البستان، تشعين بالحب والحنان، مر يوم واثنان وفجأة وقع شىء على رأسى، كانت نفس الكرة ونفس الولدين كريم وباسم، فى هذه المرة اندفعا يبحثان عنها فى البستان، كان باسم غاضباً يتحدث بصوت عال.. أين الكرة؟ أضعتها مرة أخرى يا كريم؟ رد كريم فى غضب.. بل أنت الذى دفعتها بقوة فطارت وتعلقت بالشجرة، أمسكت بالكرة وقفزت أمامهما وأنا أضحك قائلة: ها هى الكرة يا أصدقائى، رجع باسم للخلف فى خوف وقال: لا أريد الكرة أنا أخاف منك، ابعدى عنى يا ضفدعة يا قبيحة، وقال كريم: هيا نخرج بسرعة يا باسم لن نأخذ الكرة بعد أن أمسكتها الضفدعة الدميمة.. سقطت الكرة من يدى وقلت: أنا نجمة البستان، من أين جئتم بهذا الكلام؟ قال باسم فى خوف: نجمة ما هذا الكلام.. النجوم مكانها فى السماء وأنتِ تعيشين فى الأرض والطين، وقال كريم ساخراً: نجمة! النجوم جميلة وأنتِ قبيحة، قلت له: أنا التى قدمت لك الكرة من قبل، واليوم وقعت على رأسى لكنى لم أغضب منكما وجئت لأعطيها لكما، قال باسم: حتى صوتك قبيح، ضحك كريم وقال: صوتك اسمه نقيق. تساقطت دموعى فبللت أوراق الأشجار وذبلت الأزهار، هل أنا فعلاً ضفدعة قبيحة دميمة كما قال باسم الذى لم يبتسم أبداً ودائما كان عابساً وغاضبا؟ قالت زهرة الفل: أنتِ نجمة لا يهم ملامحك ولا حتى صورتك، قلبك أجمل وأرق القلوب، وقال الهدهد: الملامح تتغير وتذبل مثل أوراق الزهور لكن المشاعر الجميلة تبقى مع الزمن وتزداد جمالاً، صنعت كل الزهور تاجاً لى من أوراقها النضرة وضعه العصفور على رأسى، كنت أرى ملامحى فى عيون أصدقائى فأشعر بالسعادة، لكنى لم أنس يوما تلك الكلمات.. ضفدعة، قبيحة، دميمة، لم أنس أن البشر تهمهم الملامح لا الصفات، لذلك قررت أن أظهر فقط فى الليل حتى لا أراهم وما زلت أعيش على الذكريات، ذكريات نجمة البستان.