يأتى الانعقاد الدورى للقمة العربية فى دورتها العادية ال26 فى شرم الشيخ 28، 29 مارس 2015 تحت عنوان «سبعون عاماً من العمل العربى المشترك»، التى تتزامن مع الذكرى السبعين لإنشاء جامعة الدول العربية، فى ظل ظروف استثنائية وتحديات جسيمة غير اعتيادية يمر بها الوطن العربى، فمنذ انعقاد أول قمة عربية عام 1946 فى أنشاص بحضور الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية، وهى: مصر، والأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا، وحتى قمة «التضامن من أجل مستقبل أفضل»، التى عقدت فى الكويت 2014، لم تمر أمتنا العربية بظرف مثل ما تمر به هذه الأيام، فهناك ست دول عربية تشهد اقتتالاً داخلياً. ومن ثم، فالتحديات هائلة والمخاطر الجمة التى تواجه الأمن القومى العربى والتى ليس بالمبالغ أن يتم وصفها بحرب عالمية حقيقية تهدد الوطن العربى بأكمله أو حرب وجود قد تعصف -حال نجاحها لا قدر الله- بمقدرات هذه الأمة صاحبة المصير الواحد إلى الأبد. إلا أن ما يشهده العالم العربى من حالة توافق توضح أننا أمام قمّة البداية الجديدة للوطن العربى، فللمرة الأولى منذ إنشاء الجامعة العربية تنعقد القمة العربية لتتخذ قرارات تنفيذية لتفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك وتشكيل قوة عربية قادرة على ردع التنظيمات الإرهابية، التى باتت تشكل تهديداً واضحاً على الوطن العربى، وللمرة الأولى تقوم الدول العربية بتفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك فعلياً على أرض الواقع وفقاً لعملية «عاصفة الحزم» التى تقوم بها القوات العربية المشتركة لحماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية ودعم حق اليمن فى تقرير مصيره العادل فى رسالة واضحة لكل القوى الإقليمية التى تحاول تنفيذ أحلامها ومخططاتها التوسعية لتصبح بذلك جامعة الدول العربية وبحق فاعلاً وليس مفعولاً بها. فمنذ انعقاد قمة القاهرة عام 1964، التى قررت إنشاء قيادة عربية موحدة لجيوش الدول العربية، والذى نفذ شكلياً وعلى استحياء مرات تعد على إصبع اليد الواحدة، وفى خروج غير مألوف للقواعد العربية الراسخة والمتعارف عليها بشأن سرعة اتخاذ القرارات العربية التى اعتاد المواطن العربى عليها منذ انطلاق القمم العربية وحتى آخر قمة عربية فى العام الماضى. إن حجم التحديات يفرض علينا جميعاً اليوم تطوير وتوحيد الأداء العربى من خلال وضع نظام عربى وفق نظم اجتماعية، تعليمية، ثقافية، اقتصادية، عسكرية، لمواجهة عدو ذى طبيعة مختلفة يحاول من خلال مجموعات عشوائية وأفكار عدوانية واحتلال مناطق جغرافية عدة خلق واقع جديد على الأرض بما يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومى العربى، ولا شك أنها ليست مواجهة بين السنة والشيعة، كما يحاول البعض تصويره لزيادة تقسيم البلدان العربية، بل إنها محاولة للقضاء على الوطن العربى. إن رسالة القمة العربية يجب أن تكون واضحة تعترف بالمشكلات وتعمل على وضع الحلول التى تتطابق مع الواقع العملى ويسهل تنفيذها وتتجاوز الحدود التقليدية التى أعاقت العمل العربى المشترك، تعتنى فى مقامها الأول بالمواطن العربى، تدعم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية لشعوبها، فهى صمام الأمن والأمان الأول للقضاء على تلك الجماعات الإرهابية، كما أن تفعيل آليات التعاون الاقتصادى المشترك وتوحيد الصف العربى من شأنهما أن يسهما فى إدراك الآمال والطموحات التى تتطلع إليها شعوبنا العربية. وأخيراً وليس آخراً، ستظل القضية الفلسطينية هى القضية المركزية الأولى للدول العربية، وسيظل الصراع العربى الإسرائيلى هو الصراع الأبدى للأمة العربية.