صدر حديثاً عن دار النشر التابعة لجامعة "أوكسفورد"، للخبير فى شئون الشرق الأوسط، وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجى، كريستيان كوتس أورليخسن، تحت عنوان: "قطر والربيع العربى". ذكر كتاب "قطر والربيع العربي" أن قطر أخذت خطوة واسعة بتدخلها المباشر فى الأحداث على الساحة الدولية، بشكل أثار شكوك وغضب الدول التى بدأت قطر فى التدخل فى شئونها الداخلية، كانت هذه الخطوة كبيرة على دائرة صنع القرار الصغيرة فى قطر، التى لم يكن أحد فيها معتاداً على شرح أو تبرير قراراته السياسية أمام الناس، وكانت تلك هى واحدة من أكبر نقاط الضعف فى سياسة قطر الخارجية، كان البعض يتصور أن عام 2013 سيكون هو عام الفرص المفتوحة بالنسبة لقطر، إلا أن المراقبين لاحظوا أن أكبر مشكلة يمكن أن تواجه الدوحة وهى تلعب دوراً أكبر على الساحة الدولية، هى أن النخبة الحاكمة فى قطر تجلس على مسافة بعيدة من الأحداث التى يتصورون أنهم يتحكمون فيها، غير مدركين لمدى اضطراب المياه التى يخوضون فيها، فى غمضة عين، وقبل أن تدرك قيادات قطر ما حدث، صارت تواجه اتهامات بتمويل خلايا الإخوان الإرهابية فى دول الخليج، وصار نصف العالم مقتنعاً بأن قطر تنشر الأفكار الأصولية المتطرفة فى مالى وأفريقيا». ويواصل: «لو أن قطر كانت قد اكتفت بلعب دور الوسيط فى حل النزاعات دون أن تتورط فى محاولات فرض إرادتها على شئون الدول الأخرى، لما انهارت سمعتها الدولية التى شيدتها لسنوات فى ثوان قليلة كما حدث، لقد كشف تزايد تورط قطر فى الأحداث على الأرض، عن أن قطر تفتقر إلى عمق السياسات والمؤسسات التى يمكن أن تدعم تحركات وسياسات قطر الخارجية التى تقوم على أساس شخصى، وليس فى إطار مؤسسى، هذا الأساس الشخصى، الذى تميزت به السياسات الخارجية لقطر، كان نقطة قوة لها فى فترة الألفينيات وحتى عام 2010، بل إنها كانت ميزة نسبية تمتعت بها قطر عن غيرها من الدول، بأن حصرت القرار السياسى فيها فى أيد معدودة لنخبة محدودة توزعت عليهم مهام صنع القرار بتوجيه موارد قطر إلى الهدف المطلوب، لكن، كان لهذا الطابع الشخصى الذى تميزت به سياسات قطر، عيب لم ينتبه أحد لخطورته وقتها، هو أن تركز السياسات الخارجية لدولة حول إرادة شخصية، أدى إلى ضعف مؤسسات السياسة القطرية، وافتقار الهيئات والمؤسسات الدبلوماسية القطرية الصغيرة، إلى القدرات المهنية المطلوبة لتحويل النجاحات الضخمة لقيادات البلاد فى جهودهم الدبلوماسية، إلى نجاح مستمر، قائم وطويل المدى». وتابع الكتاب: «يمكن القول إن الاتجاه العام للسياسات القطرية خلال فترة الربيع العربى وما قبلها، قد رسمها أقوى رجلين فى قطر فى تلك الفترة، وهما الأمير السابق حمد بن خليفة، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم، كما ظهر أيضاً لاعبان لا يقلان عنهما تأثيراً هما الشيخة موزة، الزوجة الثانية للأمير حمد، وابنها الأمير تميم، ولى العهد الذى أصبح فيما بعد أميراً للبلاد، وكون الأربعة معاً «مربع حكم»، على الرغم من أنهم ليسوا مزيجاً متجانساً، ولا تجمعهم أجندة مشتركة صارمة، لكنهم ظلوا يمثلون دائرة مغلقة لصنع القرار السياسى على أعلى مستوى، بشكل جعل من الصعب على المراقبين والمحللين الخارجيين أن يفهموا اتجاه معادلة صنع القرار القطرى، واكتفوا فقط بالتخمين، تماماً كما فعلت إحدى برقيات ويكيليكس التى أرسلتها السفارة الأمريكية فى الدوحة إلى الخارجية الأمريكية فى واشنطن عام 2008، وتكشف مدى الغموض الذى كان يحيط بعملية صنع قرارات السياسة القطرية، تقول البرقية: «يبدو أن الأمير حمد هو الوحيد فى الحكومة الذى يملك رؤية لبلاده، لكن تفاصيل هذه الرؤية ليست واضحة لأحد، ربما باستثناء الأمير نفسه وأقرب المقربين إليه».