أكد الرئيس الأفغاني، أشرف غني، اليوم، في البنتاجون، أن بلاده لن تكون "عبئا" على الولاياتالمتحدة بعد الآن، فيما ترغب واشنطن في الانطلاق بالعلاقات بين البلدين على أسس جديدة، رغم العديد من الملفات الشائكة. وبدأ غني اليوم، مع رئيس الهيئة التنفيذية الأفغانية، عبدالله عبدالله، 4 أيام من المحادثات واللقاءات المكثفة في واشنطن، وتشكل بحسب الإدارة الأمريكية مناسبة للتشجيع على انطلاقة جديدة في العلاقات الأمريكية الأفغانية. ورغم الملفات الشائكة، ومنها الجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية والمساعدة المالية والمصالحة مع حركة "طالبان"، يشدد البيت الأبيض على التغير في كابول، مؤكدا الفرق بين إدارة غني وسلفه حميد كرزاي. وقال جيف إيجيرز، مستشار أوباما لشؤون أفغانستانوباكستان، إن العلاقات أفضل بشكل واضح، ولم يعد هناك تعاون. وغني الذي يعرف واشنطن جيدا، بعد عمله على مدى 15 عاما لدى البنك الدولي، كثف الإشارات الإيجابية مع اقتراب هذه الزيارة. وأعلن غني، اليوم، أمام مجموعة من الجنود الأمريكيين ومسؤولين كبار في البنتاجون في واشنطن، أن بلاده ستبقى ممتنة لهم، ووعد بألا تكون أفغانستان "عبئا" على الولاياتالمتحدة. وقال غني "لن نكون عبئا"، مضيفا "نريد أن نقول إن أفغانستان ستتحرك من أجل ذاتها ومن أجل العالم، وهذا يعني أننا سنفرض النظام على أراضينا". وأشار مرارا، إلى التضحيات التي قدمها أكثر من 850 ألف جندي أمريكي انتشروا في أفغانستان، منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة. وقال الرئيس الأفغاني، إنه وصل إلى الولاياتالمتحدة، كي يعبر عن امتنان الأمة للأشخاص في هذا المبنى، وبشكل أوسع المجتمع الأمريكي، نظرا لتضحياتهم المتواصلة منذ 11 سبتمبر، كي يوفروا لنا الحرية والأمل. وتختلف هذه التصريحات، عن تلك التي كان يدلي بها سلفه حميد كرزاي، الذي غالبا ما كان يبدي استياءه في الجلسات العامة والخاصة مع محادثيه الأمريكيين، أما اشرف غني، فلم يوجه أي انتقاد، وأشار إلى حجم المنافع التي حققتها بلاده من الجهود الأمريكية. وأكد غني، أمس، على "المصالح المشتركة" بين البلدين، ووجه تحية حارة للدور الذي قام به العسكريون الأمريكيون على الأرض خلال 13 عاما، وقال متحدثا لشبكة "سي إن إن"، إن مئات آلاف الأمريكيين من رجال ونساء، تعرفوا إلى ودياننا وصحارينا وجبالنا ووقفوا بجانبنا. وبعد مأدبة عشاء مساء أمس، مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بدأ غني الاثنين مع عبدالله عبدالله، 4 أيام من المحادثات التي تشكل بحسب الإدارة الأمريكية، مناسبة للتشجيع على انطلاقة جديدة في العلاقات الأمريكية الأفغانية. ويزور لاحقا اليوم، كامب ديفيد، حيث يعقد سلسلة محادثات حول الموضوع الأمني، قبل لقائه مع أوباما غدًا في البيت الأبيض، ويلقي غني كلمة بعد غد، أمام الكونجرس الأمريكي، الذي سينعقد لهذه المناسبة بمجلسيه، عشية توجهه الخميس إلى نيويورك، لعقد لقاءات في الأممالمتحدة. ويشدد البيت الأبيض، بمناسبة هذه الزيارة الأولى لغني، بعد نحو 6 أشهر من توليه مهام الرئاسة، على تغيير الذهنية السائدة في كابول، مؤكدا اختلاف الرئيس الحالي عن سلفه حميد كرزاي. وتعهد أوباما، بسحب القوات الأمريكية بحلول نهاية 2016 مع انتهاء ولايته الرئاسية الثانية، غير أن العديد من المسؤولين الأفغان، يدعون في اللقاءات الخاصة إلى إبقاء الجنود الأمريكيين البالغ عددهم حاليا، نحو 10 آلاف إلى ما بعد هذا التاريخ. وبات البيت الأبيض، يتحدث عن "ليونة" في وتيرة الانسحاب خلال الأشهر المقبلة، وعلى الأخص في ما يتعلق بالجدول الزمني لإغلاق القواعد الأمريكية في أفغانستان، غير أن جون إيرنست المتحدث باسم الرئيس، أكد أن استحقاق "نهاية 2016 مطلع 2017 لم يتغير". وإن كانت الزيارة تتضمن شقا اقتصاديا هاما، إلا أن دان فيلدمان الممثل الخاص الأمريكي لأفغانستانوباكستان، أكد أنه يجب عدم توقع إعلان بصرف أموال جديدة لأفغانستان. وعلى الصعيد السياسي، تتحدث الإدارة الأمريكية عن تقدم بطيء، إنما يمكن قياسه، وحرصا منه على إثبات تصميمه على المضي قدما، أصدر غني مساء السبت، لائحة جديدة تضم 16 اسما لاستكمال تشكيل حكومته، بعدما أثار بطء العملية مخاوف في الدول الغربية، التي تخشى مرحلة جديدة من الاضطرابات السياسية، غير أن المهمة لم تستكمل بعد، لا سيما لجهة تعيين وزير للدفاع، مع اقتراب "موسم المعارك" بين قوات الأمن الأفغانية ومتمردي حركة "طالبان"، وأقر غني أول أمس، بأن هذا الربيع سيكون "صعبا". وضاعف المسؤولون الأفغان، في الأسابيع الأخيرة الاتصالات الدبلوماسية في المنطقة "من أذربيجان إلى الهند"، سعيا لإيجاد ظروف ملائمة لإجراء محادثات مع حركة طالبان. وشدد غني منذ وصوله إلى السلطة، في سبتمبر، على تحسين العلاقات مع باكستان المجاورة، الشريك الأساسي في عملية المفاوضات، وقال فيلدمان في هذا السياق، إن العلاقة بين البلدين تعززت بشكل كبير خلال الأشهر الستة الأخيرة، مشيدا بالتقدم الهام من أجل المضي نحو "المزيد من الاستقرار في المنطقة". ولا تزال حركة "طالبان"، تتمسك بشروطها من أجل السلام، وفي طليعتها الانسحاب الكامل للجنود الأجانب، الذين ما زالوا ينتشرون في البلاد، ومعظمهم من الأمريكيين، كما ستشمل المحادثات، مخاطر تنظيم "داعش"، حيث يخشى العديد من المراقبين أن يغتنم الجهاديون رحيل الجنود الغربيين، وانعدام الاستقرار في العديد من المناطق الأفغانية لينشطوا فيها. وأقر غني بوجود هذا الخطر، مشيرا إلى أن ما يميز تنظيم "داعش"، وهو أحد التنظيمات الأفضل تمويلا، هو قدرته على "ابتلاع منافسيه".